ارتفاع معدلات ختان الإناث وزيادة العنف وصعود التيار الديني بعد انتفاضات الربيع العربي.. كلها عوامل جعلت من مصر أسوأ مكان بالعالم العربي يمكن أن تعيش فيه المرأة. هذا ما توصلت إليه دراسة أجرتها مؤسسة "تومسون رويترز" واستعانت فيها بخبراء متخصصين في مجال قضايا المرأة. وكشفت الدراسة التي نشرت نتائجها، أول أمس، أن الجزائر جاءت في المركز 16 في تصنيف الدول العربية من ناحية معاملة المرأة، أظهرت أن القوانين التي تميز بين الجنسين وزيادة معدلات الاتجار بالنساء ساهمت أيضا في إنزال مصر إلى قاع قائمة تضم 22 دولة عربية. وقال الخبراء إنه رغم الآمال في أن تكون المرأة من أكبر المستفيدين من "الربيع العربي"، إلا أنها كانت من أكبر الخاسرين بعد اندلاع الصراعات وانعدام الاستقرار وموجات النزوح وظهور جماعات إسلامية في أجزاء كثيرة بالمنطقة. وفي المرتبة الثانية كأسوأ بلد عربي يمكن أن تعيش به المرأة يجيء العراق، تليه السعودية ثم سوريا ثم اليمن. أما في صدارة أفضل الدول فتبرز جزر القمر، حيث تشغل المرأة 20 في المئة من المناصب الوزارية وتحتفظ الزوجة عادة بالأرض أو المنزل في حالة الطلاق وتلي جزر القمر سلطنة عمان ثم الكويت فالأردن وقطر. وشمل الاستطلاع 336 خبير في مجال قضايا المرأة وأجري خلال شهري أوت وسبتمبر الماضيين في دول الجامعة العربية. واستندت الأسئلة المطروحة على بنود اتفاقية الأممالمتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي وقعت أو صدقت عليها 19 دولة عربية. كما شمل الاستطلاع تقييما للعنف ضد المرأة وللحقوق الإنجابية ومعاملة المرأة داخل الأسرة واندماجها في المجتمع والمواقف تجاه دور المرأة في السياسة والاقتصاد. وكان أداء مصر سيئا في جميع هذه الزوايا تقريبا. لعبت النساء دورا محوريا في الثورة لكن نشطاء يقولون إن تأثير الإسلاميين المتزايد والذي بلغ أوجه بانتخاب محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين رئيسا كان انتكاسة كبرى لحقوق المرأة. وعلى مدى السنوات العشر التي أعقبت الغزو تأثرت المرأة العراقية بنسب متفاوتة بانعدام الاستقرار وبالصراعات وزاد العنف الأسري، كما تفاقمت الدعارة والأمية وأصبح ما يصل إلى عشرة في المائة من السيدات -أي 1.6 مليون سيدة- أرامل وفي مهب الريح. وفي السعودية ثالث أسوأ بلد عربي بالنسبة للمرأة، أشار الخبراء إلى أن المملكة لا تزال البلد الوحيد الذي يمنع نساءه من قيادة السيارات ولا تتمكن المرأة في السعودية من العمل أو السفر للخارج أو فتح حساب بنكي أو تلقي تعليم عال إلا بإذن ولي أمرها. وحسب الدراسة، فإن المرأة سلاح في الحرب الأهلية في سوريا والتي كان لها أثر مدمر على النساء سواء في الداخل أو في مخيمات اللاجئين عبر الحدود حيث يكنّ عرضة للاتجار فيهن وللإكراه على الزواج ولتزويج القاصرات والعنف الجنسي. وفي اليمن الذي جاء في المرتبة الخامسة كأسوأ بلد بالنسبة للمرأة في العالم العربي شاركت النساء في الاحتجاجات خلال ثورة 2011. إلا أن المرأة اليمنية تخوض صراعا ضاريا لنيل حقوقها في بلد محافظ بقدر كبير ويشيع فيه زواج القاصرات في غياب الحد الأدنى لسن الزواج. وفي ليبيا التي جاءت في المرتبة ال14 من حيث حقوق المرأة أعرب الخبراء عن قلقهم من انتشار الميليشيات المسلحة وارتفاع معدلات الخطف والابتزاز والاعتقال العشوائي والانتهاك البدني الذي تتعرض له النساء. أما في تونس التي كانت الأفضل بين دول الربيع العربي فتستحوذ المرأة على 27 في المئة من مقاعد البرلمان. لكن البلاد التي لم يكن تعدد الزوجات مسموحا بها شهدت بعد الثورة ووصول الإسلاميين إلى الحكم حالات زواج عرفي. ووجد الاستطلاع أن جزر القمر تسير في طليعة الدول العربية من حيث حقوق المرأة. فالمرأة في جزر القمر لا تعاني ضغوطا لإنجاب الذكور دون الإناث، كما أن تنظيم الأسرة مقبول على نطاق واسع في حين تحصل النساء عادة على أملاك لدى الطلاق أو الانفصال.