كد السياسي التونسي المخضرم أحمد المستيري أنه ليس طالبا أو راغبا في منصب رئيس الحكومة المقبلة، ولكنه أكد في نفس الوقت أنه قادر على القيام بهذه المهمة إذا كلف بها. وفي اتصال هاتفي أجرته معه وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) من القاهرة ، نفى المستيري (88 عاما) أن يكون مرشحا لحزب النهضة صاحب الأغلبية في الائتلاف الحاكم بتونس، وأكد رفضه لأن يكون مرشحا لحزب أو جهة بعينها، إلا أنه لا يقبل بالترشيح إلا إذا كان صادرا عن ‘رباعي الوساطة' الذي يرعى الحوار الوطني و'إذا لم يكن هناك توافق من قبلهم لترشيحي فهذا شأنهم وسأعود لبيتي'. ويتألف رباعي الوساطة من الاتحاد العام التونسي للشغل ومنظمة أرباب العمل والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والهيئة الوطنية للمحامين التونسيين. وكشف المستيري أن هناك من أقطاب المعارضة من زاروه وأكدوا موافقتهم على ترشحه مثل ‘رئيس الحزب الجمهوري نجيب الشابي وكمال مرجان من حزب المبادرة' ، مضيفا أن ‘من اختاروني قالوا إن اختيارهم لي جاء على قاعدة الاستقلال والكفاءة للقيام بأعمال الحكومة'. وتعليقا على تصريح رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي الذي أكد فيه أن الحوار الوطني سيستأنف قريبا مع إمكانية بحث أسماء جديدة مرشحة لرئاسة الحكومة ، قال المستيري :'هذا شأنهم .. وكما أكدت لست طالبا ولا راغبا'. وشدد المناضل السياسي المعروف على أن دافعه الأول للقبول بترشيح قيادات سياسية له هو ‘الخوف من دخول البلاد إلى حالة من الفوضى العارمة يستحيل معها إحراز أي تقدم في تفعيل الثورة، ومن ثم فشلها وانهيار الدولة وسقوطها'. ورفض المستيري الإجابة على تساؤل حول ما إذا كان سيتساهل أو يتجاوز حال توليه رئاسة الحكومة عن أي أخطاء أو جرائم سياسية تكون قد وقعت خلال الفترة الماضية من قبل أي تيار سياسي وخاصة حركة النهضة ورموز جماعتها . وقال :'هذه أسئلة افتراضية ، وأنا لم أكلف بعد برئاسة الحكومة ، ولا أتنبأ بالغيب'. وأعلن في تونس ليلة الاثنين/الثلاثاء تعليق الحوار الوطني بعد فشل الأطراف السياسية في التوصل إلى توافق حول رئيس الحكومة الجديدة. ودعمت المعارضة ترشيح السياسي المخضرم محمد الناصر(79 عاما) ووزير الدفاع الأسبق عبد الكريم الزبيدي ، في حين تمسكت النهضة بالمستيري. وقال الغنوشي عقب تعليق الحوار: ‘لم نر مبررا لرفض المستيري. رأينا أنه ربما المعارضة تبحث عن مرشح أقل استقلالية. ونحن من واجبنا ألا نسلم الأمانة إلا إلى الأيادي الأمينة'. وترفض المعارضة ترشيح المستيري لشكوك في وضعه الصحي وعدم ملاءمته، حسب رأيها، لمقتضيات المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد ، ورأى حمة الهمامي القيادي بالجبهة الشعبية أن ‘النهضة رفضت جميع المرشحين وتمسكت بالمستيري فقط لأنها تبحث عن ضمانات للبقاء في السلطة'. وتم الاربعاء تداول اسم حمودة بن سلامة ، وهو أيضا من جيل المستيري ومحمد الناصر ، كمرشح للمنصب. ويحظى المناضل السياسي والحقوقي المعروف باحترام واسع من أغلب الأحزاب السياسية ، ولكن لم يتم تقديم اسمه بشكل رسمي. وفيما يتعلق بالانتقادات الموجهة له بسبب تقدمه في السن والتلميحات إلى احتمال أن يكون لهذا تأثير على قدرته على تحمل المسؤولية، قال :'أنا شخصيا أرى نفسي قادرا .. وإذا كان من اختاروني يرون غير ذلك فلا يرشحوني' ، وتابع مازحا :'هل من المطلوب مني أن أقدم شهادة طبية تفيد بأني قادر على العمل .. هكذا سندخل في متاهات .. وبالمناسبة لست وحدي في الحقل السياسي الذي يتجاوز عمره الثمانين'. وحول رؤيته للتناقض بين موقف النهضة الداعم لتوليه منصب رئيس الحكومة الآن ورفض الحركة ذاتها ترشح زعيم حركة نداء تونس الباجه قايد السبسي (81 عاما )لمنصب رئاسة الجمهورية بسبب عامل السن ، أجاب :'هذا شأنهم ولا دخل لي في هذا الموضوع′. وأبدى المستيري تفهمه لإحباط الشارع التونسي بسبب تعثر الحوار الوطني،وقال :'الشعب التونسي يؤلمني وأعرف أنه محبط .. التونسيين ملوا من السياسة ورجالها خاصة مع كثرة التجاذبات والنقاشات التي تظهر على الشاشات'. وتابع :'البعض بدأ يرى أن الثورة كانت نكبة لأن أهدافها لم تفعل .. ومن حاول تفعيل أهداف الثورة في الفترة الماضية، منهم من أخطأ ومنهم من أصاب' ، وأردف :'ولكني أشدد على أن الانتخابات التونسية التي فازت بها النهضة لم يقم أحد بالتشكيك في نزاهتها حتى المعارضة ، فقد قبلت وسلمت الحكم' . وانتقد عقد مقارنات بين الأوضاع في البلدان المختلفة ، وقال :'تونس شيء ومصر شيء وتركيا شيء والجزائر شيء .. فالأوضاع تختلف من بلد لآخر'.