في الوقت الذي تتجدد فيه المطالب الشعبية بضرورة العودة إلى تنفيذ عقوبة الإعدام المجمدة منذ أواخر عام 1993، بسبب التفشي المذهل للجريمة في البلد، وبخاصة جرائم القتل لأتفه الأسباب واختطاف الأطفال وقتلهم.. جدّد بعض القانونيين والحقوقيين الجزائريين مطلبهم الذي رفعوه في السنوات الأخيرة، بإلغاء عقوبة الإعدام تماماً من القانون الجزائري، واستبدالها بعقوبة السجن لفترات طويلة، بذريعة أن الإعدام عقوبة "فظيعة ووحشية"! وبهذا الصدد، "رافع" قانونيون ومدافعون عن حقوق الإنسان، شاركوا في مائدة مستديرة نظمتها ممثلية الاتحاد الأوروبي بالجزائر بمقر سفارة ايطاليا، بمناسبة اليوم العالمي لأجل إلغاء الحكم بالإعدام، وقالوا إن هذا الحكم "لم يحدّ من الجريمة"! ويجب "تحسيس الرأي العام بظروف تطبيق الحكم بالإعدام" وما وصفوه ب"الفظاعة" التي ينفذ بها على الأشخاص الذين صدر في حقهم هذا الحكم الذي ألغاه أكثر من 140 بلد، وكذا التركيز على الجانب "الوحشي لقتل الأشخاص الواجب تنفيذ الحكم فيهم"! على حدّ زعمهم. إلى ذلك، ادّعى رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، فاروق قسنطيني، حسب ما أوردته وكالة الأنباء الجزائرية، أمس، بأن "الحكم بالإعدام لم يحدّ من الجريمة أصلاً، علاوة على كونه مسألة فظيعة في حق الإنسانية!!"، وقال قسنطيني بأنه يدعِّم عقوبة السجن المؤبد بدل الإعدام قائلاً: "هذه الإدانة أكثر قسوة مقارنة بالحكم بالإعدام الذي يعدُّ في حقيقة الأمر تخليصا بالنسبة للشخص الذي ارتكب جريمة" مشيرا إلى "تفاهة" أسباب تنفيذ بعض الأحكام بالإعدام!! حسب زعمه. وفي السياق ذاته، دعت ممثلة منظمة العفو الدولية "أمنستي انترناشيونال" بالجزائر، حسينة أوصديق إلى إعداد برامج إعلام "حقيقية" ل"توعية" الرأي العام بما أسمته "فظاعة وقسوة الظروف اللانسانية" التي ينفذ بها الحكم بالإعدام، الذي لا يزال يطبق بحوالي أربعين بلدا، وزعمت أن عائلات الضحايا يطالبون ب"العدل والتعويض؟" دون المطالبة بالقصاص!!! وردا على تجديد بعض القانونيين والحقوقيين مطلبهم بإلغاء حكم الإعدام في الجزائر، اعتبر عضو جمعية العلماء المسلمين، التهامي ماجوري، في اتصال ب"الشروق" بأن حكم الإعدام هو حكم شرعي أقره الله سبحانه وتعالى العليم بما يصلح لحياة الناس جميعهم، ولا يجوز التطاول عليه أو المطالبة بإلغائه بأي حال من الأحوال، وبأي ذريعة كانت، وشدد محدثنا قائلا "من غير المقبول تسييس هذه القضية، لأنها ستفتح أبواباً كثيرة من تصفية الحسابات"، وأضاف "تشويه حكم الإعدام بالصورة التي يطلقها الغرب ستفتح أبواباً من التأويلات على حكم شرعي أقرَّه الخالق تعالى، وهو أعلم بالبشر وأهوائهم وميولهم من أي مخلوق". وشدّد ماجوري بأنه لا يجوز إلغاء حكم الإعدام تحت أي مبرر كان، وذكر بأن تنفيذ الإعدام يبقى قرارا قضائيا بحتا، ويجب أن يحاط بالأدلة والقرائن القوية لحفظ حقوق الناس، خاصة أن الإسلام يقول "ادرؤوا الحدود بالشبهات"، لأن الحد فيه قوة كبيرة، ولابد من أن يتحمل القضاة المسؤولية كاملة للنطق بحكم الإعدام في قضية ما. من جانبه، قال عضو جمعية العلماء المسلمين كمال شكات "الحكم بالإعدام يجب أن يتم التطرق إليه مع الأخذ بعين الاعتبار بعض المعايير، على غرار احترام الدين، لأن هذا الحكم "لا يطبق كما قال لإرضاء الله ولا للانتقام، بل لتفادي الأسوأ" وأضاف أن "الجرائم الدنيئة وبعض الجنح يعاقب عليها بالحكم بالإعدام حسب الأحكام القرآنية" إلا أن الإسلام "لا يقصي في رأيه إمكانية استفادة المجرم من وقف التنفيذ، في حال تراجع عائلة الضحية عن تنفيذ الحكم بالإعدام".