قال الملك محمد السادس في خطاب ألقاه اليوم الخميس بباماكو ، خلال حفل تنصيب الرئيس المالي الجديد إبراهيم بوباكار كيتا أن حضوره للحفل هو "تعبير عن مشاعر الصداقة التي يكنها الشعب المغربي لشعب مالي، ودليل على تشبثه بالعلاقات المتميزة التي تربطهما". وهنأ العاهل المغربي الرئيس الجديد بوبكار كيتا بمناسبة انتخابه رئيسا للبلاد، وتمنى له التوفيق في ما وصفها "مساعيه الرامية لتحقيق التطلعات المشروعة للشعب المالي لتوطيد دعائم السلم والوئام والتقدم". و أشاد الملك محمد السادس كذلك بالرئيس بالنيابة ديونكوندا تراوري، لتحليه " بالحكمة، خلال تدبير المرحلة الانتقالية الدقيقة التي عاشتها البلاد". كما نوه العاهل المغربي، بما قال أنها جهود بذلتها بلدان المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا وتشاد "للوقوف" إلى جانب مالي "من أجل تجاوز الفترة العصيبة التي مرت منها". وشكر الملك بالمناسبة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، على ما وصفه" بالدعم الصريح والحاسم" الذي قدمته فرنسا لمالي "ولدينامية وشجاعة دبلوماسيتها في سبيل تحقيق السلم والاستقرار" في البلاد. وأضاف الملك أن مالي " نجحت في تنظيم انتخابات رئاسية شفافة وذات مصداقية"، رغم "كل الصعوبات التي قيل إنه لا يمكن تجاوزها" مشيرا في الوقت نفسه إلى وجود تحديات تنتظر البلاد من أبرزها " مصالحة هادئة بين جميع أبناء مالي، ومنفتحة على كل الحساسيات"وإعادة بناء الدولة وتوطيد مؤسساتها وتأهيل البنيات التحتية وهيكلة الحقل الديني". وأشاد الملك محمد السادس بما أسماه "التفرد الثقافي الذي يتميز به مالي" والذي لطالما شكل في نظر العاهل المغربي "أحد المكونات الأساسية للتراث الإسلامي وللهوية الإفريقية" مما يفرض على كل المبادرات الدولية بخصوص مالي "إيلاء البعد الثقافي والعقائدي الأهمية التي يستحقها" وإلا "سيكون مصيرها الفشل". واستعرض الملك محمد السادس الشراكة التي تعتزم المملكة المغربية تقديمها "من أجل إعادة بناء مالي، ماديا ومعنويا"، والتي قال الملك أنها تندرج تماما ضمن هذا التوجه الرامي إلى إعطاء البعد الثقافي والعقادي أهمية كبيرة حيث سيكون في صلب اهتماماتها "ترميم مخلفات التخريب المادي، ومعالجة الجروح المعنوية"، من خلال "إعادة بناء الأضرحة وإصلاح وترميم المخطوطات وحفظها وإنعاش الحياة الاجتماعية والثقافية". ووصف العاهل المغربي الإسلام الممارس في المغرب ومالي على أنه "واحد، ممارسة وتقاليدا" من حيث كونه متشبع بنفس القيم المبنية على الوسطية والاعتدال، وبنفس تعاليم التسامح والانفتاح على الأخر" فضلا عن كونه "عماد الوشائج الروحية التي تجمع على الدوام" بين البلدين. وانطلاقا من هذا الرباط العقائدي المشترك"، يقول الملك محمد السادس، وانطلاقا من الوعي "بالرهانات المرتبطة" بحماية هذا الرابط "من كل الانحرافات"، أعرب الملك عن ترحيبه "بالاتفاق الذي سيتم توقيعه والمتعلق بتكوين 500 إمام مالي في المغرب خلال السنوات المقبلة" والذي سيمتد على مدى سنتين وسيخصص "بالأساس لدراسة المذهب المالكي والتعاليم الفقهية والأخلاقية التي تنبذ كل أنواع الغلو والتكفير". وتعهد الملك محمد السادس بأن المغرب " لن يدخر أي جهد لمواكبة ودعم مالي" في "المجالات الاجتماعية والاقتصادية" التي يعتبرها الماليون "ذات أسبقية"، كما ستحرص المملكة على تقديم الدعم اللازم لمالي "في مجال التنمية البشرية، خاصة في ما يتعلق بتكوين الأطر والبنيات التحتية الأساسية والصحية". ومضى الملك قائلا: أن التعاون القائم بين البلدين "سيحفز رجال الأعمال على تعزيز انخراطهم في تطوير المبادلات والاستثمارات" بين المغرب ومالي، "بما يترتب على هذه الدينامية من توفير فرص التشغيل ومن انتقال للكفاءات ولرؤوس الأموال". وشدد الملك محمد السادس على ضرورة أن تلعب كل البلدان الإفريقية "دورا جوهريا في عملية إعادة البناء الهامة" التي ستقبل عليها مالي، مشيرا إلى كون المغرب، "وفاء منه لتقاليده العريقة" في التعاون مع دول جنوب الصحراء، "سيتحمل ، بكل فعالية وعزم، نصيبه من هذه المسؤولية التاريخية" مشيرا إلى حرص الملك الشخصي على تعزيز هذا "المحور الرئيسي في العلاقات الخارجية للمغرب". وأكد الملك محمد السادس أن المغرب عازم على تعزيز نتائج العديد من المبادرات التي أطلقها في الوسط الإفريقي ،بالرغم من كونه لا يحظى بمقعد عضوية داخل الاتحاد الإفريقي من" خلال مواصلة جهوده التضامنية الحثيثة" مع البلدان الإفريقية ومن بينها مالي ،التي قال الملك أن حلمها كي تصبح بلدا "ينعم بالسلم قد أصبح اليوم حقيقة"، وأن المغرب، "في هذه الصفحة الجديدة التي تكتب من تاريخ مالي" سيظل بالنسبة لها "الشريك الملتزم والوفي".