قال عامر العريض, رئيس الدائرة السياسية لحركة النهضة التونسية ل«الشرق الأوسط» إن رفع شعار «ارحل»الذي تعتمده المعارضة في حوارها مع الائتلاف الثلاثي الحاكم هو رفض لأي شكل من أشكال الحوار. وأضاف العريض أن الحكومة الحالية متمسكة بالشرعية التي أفرزتها الإرادة الشعبية بعد إجراء انتخابات شفافة ونزيهة. مشيرا الى أن من يريد الوصول الى الحكم عليه أن يمر عبر قوة صناديق الاقتراع لا قوة الاحتجاج في الشوارع ,على حد تعبيره. وبشأن الدعوة الى حل المجلس التأسيسي (البرلمان) وإسقاط الحكومة، قال العريض ان حل البرلمان يعد «ضربة قاسمة لكل الخطوات التي قطعناها في اتجاه إرساء مناخ ديمقراطي بعد الثورة»، واوضح أن قرارا مصيريا بحجم إسقاط الحكومة لا يمكن أن يتخذ إلا من قبل مجلس الشورى لحركة النهضة باعتبارها أعلى سلطة داخل الحركة. ويأتي موقف العريض بعد إعلان جبهة الإنقاذ الوطني التي تتزعمها الجبهة الشعبية المعارضة أمس، عن انطلاق حملة «ارحل» لعزل المسؤولين المحليين والولاة (المحافظين) ورؤساء المنشأت العمومية والإدارة المركزية الذين جرى تنصيبهم على أساس الولاءات الحزبية. كما أعلنت الجبهة عن بداية»التعبئة العامة لأسبوع الرحيل» بداية من يوم 24 أغسطس (آب) الجاري، وعد الائتلاف الثلاثي الحاكم الأمر من باب الدعاية السياسية لا غير مقللا من شأن حملة «ارحل» التي قال منظموها إنها ستكون ذات طابع سلمي. وفي سياق المشاورات السياسية وجلسات الحوار المتكررة بين الفرقاء السياسيين، أبقت حركة النهضة الباب مواربا, ولم تحدد موقفا نهائيا إزاء مطلب إسقاط الحكومة الذي تطالب به المعارضة. ومن المنتظر أن تعقد حركة النهضة اليوم اجتماعا مع أحزاب الترويكا الحاكمة لتقديم نتائج المشاورات التي أجرتها منذ بداية الأسبوع . ولم تعلن الحركة عن أي موقف رسمي مما يجري على الساحة السياسية، مبررة موقفها بضرورة عرض الأمر على مجلس الشورى. ولا تزال جلسات الحوار المفتوحة على أكثر من جبهة تراوح مكانها, وتنتظر موقف حركة النهضة المتمسكة بعلي العريض على رأس الحكومة. وبشأن موقف حركة النهضة من مطالب المعارضة، قال المحلل السياسي المنذر ثابت ل«الشرق الأوسط» ، ان الحركة ستدرس جيدا مطلب حل الحكومة الذي لا يمكن قراءته إلا على انه إقرار بالفشل في إدارة البلاد قبل أشهر قليلة من إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تونس. وأكد ثابت وجود القيادات السياسية تحت ضغط قواعد وقيادات النهضة التي ترفض مطلب استقالة الحكومة ,من ناحية, ومطالب المعارضة التي يدعمها شق هام من التونسيين. وأضاف أن حركة النهضة أبدت تخوفات جدية من محاولات أحزاب في المعارضة إقصاءها من الحكم بعد حوالي سنة ونصف السنة من قيادة البلاد وبالتالي السقوط في نفس السيناريو المصري في الإطاحة بالتيارات الإسلامية وان كان دلك بطريقة مختلفة. وأشار الى تمسك الحركة برئاسة الحكومة باعتبارها حققت أكبر النتائج في انتخابات 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2011 . من ناحية ثانية لم تستبعد مصادر سياسية مقربة من حركة النهضة أن تعلن الحركة بداية الأسبوع المقبل عن قبولها باستقالة الحكومة لكن بشروط سيحددها مجلس الشورى, اضافة الى كونها ستسوق هذا التنازل وتقدمه في ثوب تضحيات جسيمة لفائدة البلاد قبل التفكير في مصالحها الخاصة وقد يحسب لفائدتها خاصة إبان الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة. وكان رئيس حركة النهضة قد طلب من جميع الأطراف التخفيف من حدة التوتر الحاصل والإعلان عن هدنة اجتماعية والعمل على إيجاد أرضية عمل لإنجاح ما تبقى من المسار الانتقالي والوصول إلى الانتخابات. واعتبرت أحزاب المعارضة هذه الدعوة بمثابة ربح للوقت على حساب مطالب المعارضة. في غضون ذلك، نظم أصحاب سيارات الأجرة وقفة احتجاجية للمطالبة بفك اعتصام الرحيل, ووضع حد لما أسموه «الحالة المرورية المزرية» في ساحة باردو المقابلة لمقر المجلس التأسيسي. واتهمت أطراف من المعارضة المشرفين على الغرفة الوطنية لسيارات الأجرة الفردية بتونس العاصمة بالتوظيف السياسي ومساندة الحكومة وتغليف دعم الشرعية بمطالب اجتماعية واقتصادية. وفي إطار السعي للبحث عن مخرج للأزمة بين الحكومة والمعارضة، أعلن أمس عن بدء جيدو فيسترفيله وزير الخارجية الألماني زيارة الى تونس تستغرق يومين. ويعتزم الوزير الألماني عقد سلسلة من اللقاءات مع الرئيس التونسي المنصف المرزوقي وعثمان الجارندي وزير الخارجية. كما سيلتقي مع حسين العباسي الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل اتحاد عمالي. ويعتزم الوزير الألماني لقاء رئيس الحكومة وممثلين عن المعارضة التونسية في مساع لتقريب وجهات النظر بعد استفحال الهوة السياسية بين الحكومة والمعارضة.