تزخر موريتانيا بمؤهلات هائلة في مجال الطاقات المتجددة تسمح بسد حاجيات البلاد من الطاقة٬ لاسيما من خلال استغلال مخزونها الطبيعي٬ بل إن بمقدورها تصدير الفائض منها إلى بعض بلدان غرب إفريقيا. فوفقا لعدة دراسات٬ أجريت في هذا الميدان٬ يعد الاعتماد على الطاقات المتجددة الطريق الأمثل نحو تأمين حاجيات البلد من الطاقة الكهربائية وضمان تنميته المستدامة. ويرى بعض الخبراء أن تطوير استخدام الطاقات المتجددة في موريتانيا٬ وخاصة من خلال الاستفادة من الخبرات الأجنبية في هذا المجال٬ سيكون له بعد اجتماعي إيجابي وبالأخص على سكان الأرياف الذين مازالوا يفتقرون إلى التجهيزات والمرافق الأساسية. وانصب اهتمام الحكومة الموريتانية في الآونة الأخيرة على استغلال مصادر الطاقات المتجددة المتاحة٬ ولاسيما الطاقتان الشمسية والهوائية من أجل تخفيف حدة مشكل الطاقة بشكل عام في البلد. وحسب وزير الطاقة والمعادن الموريتاني٬ الطالب ولد عبدي فال٬ فإن الطاقات المتجددة باتت تحتل مكانة هامة في استراتيجية التنمية المستدامة المعتمدة من طرف السلطات العمومية سبيلا إلى الرفع من إسهام هذه الطاقات في الخليط الطاقوي ليصل إلى ما بين 15 و20 بالمائة على التوالي في سنتي 2015 و 2020. وقال إن بلاده بصدد تنفيذ برامج طموحة لتنويع مصادر الطاقة من خلال بناء محطات تعمل بالغاز والرياح وأخرى كهرومائية وشمسية٬ بما سيكفل حاجياتها من الطاقة الكهربائية على الأمدين القريب والمتوسط٬٬ متوقعا أن يتم تصدير فائض الطاقة٬ في سابقة من نوعها٬ إلى دول المنطقة التي أبرمت معها اتفاقيات في هذا الصدد وخاصة مالي والسينغال. ففي نونبر من السنة المنصرمة تم إطلاق مشروعي بناء محطتين كهربائيتين في نواكشوط تبلغ طاقتهما الإنتاجية أكثر من 130 ميغاوات وبتكلفة 59 مليار أوقية (236 مليون دولار) وتبلغ الطاقة الإنتاجية للمحطة الأولى 120 ميغاوات٬ وهي ذات استخدام مزدوج تعمل بالوقود الثقيل والغاز الطبيعي وتبلغ تكلفتها 50 مليار أوقية (200 مليون دولار) بتمويل مشترك من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي ومجموعة البنك الإسلامي للتنمية والدولة الموريتانية. أما المحطة الثانية فهي تعمل بالطاقة الشمسية (محطة الشيخ زايد) وتبلغ طاقتها الإنتاجية 15 ميغاوات بكلفة قدرها تسعة ملايير أوقية (32 مليون دولار)٬ هبة من دولة الإمارات العربية المتحدة٬ وهي أول محطة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في موريتانيا٬ وتتولى إنجازها شركة (مصدر) الإماراتية للطاقات المتجددة ذات الصيت العالمي. وتلبي هذه المحطة٬ التي تم تدشينها في 18 أبريل الماضي٬ ما بين 7 و 10 بالمائة من احتياجات الطاقة الكهربائية في مدينة نواكشوط٬ أي حاجيات ما بين خمسة ألاف وعشرة ألاف أسرة. ومن الآثار الإيجابية لهذا المشروع تلبية قدر هام من الطاقة على مستوى العاصمة وتفادي إطلاق ما يزيد عن 21 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا وخفض كلفة إنتاج الكهرباء وحماية البيئة عبر الاعتماد على الطاقة النظيفة. ويذكر أن شركات إسبانية تنشط في المجال على غرار شركة (آتيرسا) التي تزود بالألواح الشمسية المحطتين الشمسيتين لمدينتي أطار وكيفه إضافة إلى جميع القرى والبلدات التي تسعى إلى استخدام هذا النوع من مصادر الطاقة النظيفة. وحسب مسؤولي الشركة الإسبانية فإن هذه الأخيرة تنتج لوحة شمسية في كل ثلاث دقائق وهو ما يمكنها من تغطية حاجيات السوق الموريتانية في مجال الألواح الشمسية من النوعية والسعر المناسبين. وبعد تدشين محطة الطاقة الشمسية شمال العاصمة نواكشوط في أبريل الماضي تم في مطلع الشهر الفارط٬ وضع حجر الأساس لبناء محطة كهربائية هوائية بقدرة انتاجية تصل إلى 5ر31 ميغاوات. وتبلغ كلفة المشروع٬ الذي سينجز من طرف مؤسسة إسبانية من حيث البناء والتشغيل والصيانة٬ 17 مليار أوقية ( 68 مليون دولار) مقدمة بالتعاون بين الدولة الموريتانية والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي. وسيساهم المشروع في تغطية حاجيات مدينة نواكشوط من الطاقة الكهربائية إلى جانب التخفيف من تكاليف إنتاج الطاقة والمحافظة على البيئة عن طريق استخدام الطاقات المتجددة والنظيفة. وستزود المحطة٬ التي يتوقع أن تصل طاقتها الإنتاجية إلى 122 جيغاوات ساعة٬ العاصمة نواكشوط بمصدر إضافي لطاقة متجددة نظيفة قابلة للاستمرار اقتصاديا وسهلة الاستخدام فنيا٬ علما بأن هذه المحطة ستسهم لوحدها في تغطية 20 بالمائة من حاجيات شبكة الطاقة الكهربائية بموريتانيا في أفق 2015. ومن المنتظر الشروع في مطلع سنة 2014 في توليد الطاقة الكهربائية من الغاز من حقل (باندا) الذي تم اكتشافه مؤخرا. وستستخدم احتياطيات هذا الحقل، التي تقدر بنحو 2 ر1 مليار متر مكعب من الغاز، في إنتاج 350 ميغاوات سنويا وعلى مدى 20 سنة، على أن يصدر فائض الطاقة المنتجة من هذا الحقل إلى السينغال.