تستعمل الآن الكاميرة أصبحت متوفرة في السوق بأثمنة مناسبة و بجودة عالية للمراقبة وفي الطب و التحقيق البوليسي و لتوثيق بعض المناسبات الخاصة و العامة إلى غير ذلك، بل أصبحت بعض المناسبات الخاصة تصور بنفس إمكانيات تصوير برنامج تلفزيوني بأربع كاميرات أو أكثر و رافعة و مخرج يقوم بتسيير الكاميرات و المونتاج آني. أصبحت أنظمة المونتاج و مختلف عمليات ما بعد الإنتاج كتصحيح الألوان و خلط الأصوات و المؤثرات الخاصة الرقمية متاحة. إمكانيات الولوج لعالم السينما أصبحت متعددة وربما سهلة الولوج بالمقارنة مع الماضي حيث السينما كانت في الماضي القريب تتطلب إمكانيات خارقة في العلاقات الاجتماعية أو مستوى ثقافي عال و إمكانيات معرفية كبيرة لولوج إحدى المعاهد التي كانت قليلة و عمومية .بعد المعهد كان على الطالب المتخرج أن ينتظر سنوات وهو يعمل كمساعد مخرج أو في إحدى المهن السينمائية في انتظار فرصة أن ينجز عمله. لمدة طويلة كانت السينما في مجتمعاتنا تنبني على مفهوم الندرة و صعوبة الولوج حيث كان يعتبر العالمين في هذا المجال ككائنات فضائية ( في وضع عمر فيه جبل الرواد طويلا ). و الآن مع ما تحققه الثورة الرقمية و المعرفية يحق لنا أن نتساءل ببداهة ما الذي يرسم الحدود الفاصلة بين السينمائي و بين الهاوي أو مستعمل الكاميرا لغرض معين غير فني. يتغير الوضع بوثيرة سريعة بفعل التطور التكنولوجي و سهولة الولوج إلى المعلومة إلى درجة أن الكاميرا أصبحت متوفرة أكثر من القلم و الورق، لكن هل تتغير العقلية بشكل مواز لهذا التطور التكنولوجي ؟ أليس علينا أن نتوقف قليلا و نتساءل عن ماهية السينما ،أن نبدع تعريفا جديدا و دقيقا لها لكي نستطيع أن نميز بين السمعي البصري وسينما. عندما أتأمل ما ينتج على صعيد سينما الهواة و السينما التربوية مثلا أجد أننا ما زلنا في مرحلة التفريغ و مرحلة الارتباط بالوسائط من أجل ذاتها بشكل ساذج دون التساؤل عند ماذا يمكن أن نصنع بها أو الارتباط بالوضع الاجتماعي للمخرج أو التقني أكثر من الارتباط بالمسار إبداعي و لو كانت النتيجة بسيطة .إنها لا تذهب حتى إلى مستوى تسجيلي الشيء الذي قد يجعل هذه الأفلام في أضعف الحالات تستعمل كوثائق تسجيلية أو شهادات حية عن زمنها . حكا لي صديق أستاذ للعربية أنه يوما (كان هذا قبل زمن اللإميل و الرسائل السريعة ) طلب منه تلميذاته ما معنى أزمة الفكر فطلب منهم أن يأخذوا ورقة و قلما و يكتبوا رسالة كل واحد إلى شخص عزيز عليه فجاءت رسائلهم متشابهة و بنفس التعبير ,مثلا : سبحان الذي جعل البريد في خدمة البعيد و القريب .... فقال لهم صديقي أن كونهم يكتبون بنفس اللغة لتعبير عن أحاسيسهم و كأنهم جميعا يكتبون نفس الرسالة لنفس الشخص هذا هو تعريف أزمة الفكر.تستمر المسألة مع التعبير السمعي البصري حيث أننا نجد نفس الأخطاء نفس طرق التعبير ، نفس الكليشيهات نفس المعالجة إلى مستوى يتجاوز الأزمة إلى الإحساس اليأس . سينما الهواة لا توجد بشكل منعزل وفي قطيعة عن أسلوب السينما الرسمية إنها في مستوى معين محاولة إما لتقليد أو إقامة قطيعة.أي أنه في جميع المستويات توجد بعلاقة مع السينما الرسمية مهما كان مشروعها انقلابيا أو متماهي مع الوضع القائم ،إنها صورة عن الوضع السينمائي في البلد الذي تتطور فيه وعن سينماه . السينما الهاوية بالمعنى الحرفي لا تعني انعدام الصرامة والاشتغال كما في غيبوبة فكرية .الهاوي سابقا كان يصور بهاجس أن الفيلم الخام لا يوفر أكثر من دقيقتين و بعض الثواني و بالتالي التحكم في المدة الزمنية و معرفة اختيار اللحظات المهمة التي تستحق التصوير كانت تدفع الأخير إلى تصوير لقطات قصيرة جدا تمر في لمحة بصر و يؤدي توالي هذه اللقطات إيقاع فيلمي غريب ربما بتكراره تحول إلى لغة في حد ذاتها ، إلى أسلوب اعتمده بشكل واع بعض المخرجين لتصوير أفلامهم للإيهام بالواقعية أو استفزازه المتفرج و يمكن أن نذكر هنا فيلم (les idiots) لارس فان تريا أو (Festen ) لطوماس فتنبرغ(Thomas Vetenberg) . بعد تراكم الفرجة وسهولة الولوج إلى المعلومة وفي وضع أصبحت السينما الاحترافية و السينما الهاوية تشتغل إلى حد ما بنفس الوسائل التقنية، يجب أن تنتقل السينما الهاوية العفوية إلى مستوى أخر أكثر صرامة يتوفر فيها الحد الأدنى من التفكير حول اللغة والموضوع المصور و بحلم رومانسي بالتغ