هذا التصميم لمدينة العرائش أنجز سنة 1614 من طرف العالم والمؤرخ الإسباني الشهير برناردو دي ألديريتي خلال رحلته إلى إفريقيا حيث نزل المدينة وهي حديثة العهد بالاحتلال الإسباني 1610/1689 . ولد بيرناردو بمدينة مالقة الإسبانية (1565/1641) وهو عالم في اللغة وباحث في الآثار ومؤرخ، كان على دراية جيدة باللغات الكلدانية، العربية، العبرية، اليونانية، اللاتينية، الفرنسية، الإيطالية. قام بتطبيق معرفته العلمية على أبحاث أثرية وأخرى لغوية خلدت اسمه في سماء العلم والتاريخ، كان أشهرها البحث المرجعي عن أصل ونشأة اللغة القشتالية. وبالعودة إلى التصميم سجلنا بعض الملاحظات كان أهمها : * لغة التصميم إسبانية وهو أمر طيبعي لأنها لغة الاحتلال ولغة واضع التصميم. * الوثيقة تحمل صبغة الرسمية بما أنها تحمل شعار التاج الإسباني. * التنوع الطبيعي والجغرافي حيث يوطن لنا برناردو (البحر المحيط، وادي لوكوس، بحيرة صغيرة H ، بحيرة كبيرة L ، ثم مجموعة من التلال والمرتفعات يكسوها غطاء غابوي وسط فضاء سهلي فسيح). تبدو الرسمة غير دقيقة في تعبيرها عن تضاريس المنطقة لكنها في الوقت ذاته عمل مميز وبارع ومحترف بالنظر إلى زمن تنفيذ هذا التصميم والإمكانيات التقنية المتوفرة إبانها. * التحصينات العسكرية B حصن الفتح ، C حصن النصر ، D حصن الجنويين أو الجنوبيين، تعلوها أعلام ترمز لهوية المحتل الإسباني (الملكية / الصليبية) الأبراج الثلاثة تحمي قصبة ثغر العرائش التي تتوسطهم إضافة إلى التجمعات السكنية الخارجية ، يظهر في أركانها -أي الأبراج- دخان يرمز للمدفعية والسلاح الناري مما يجعل أمر اختراق المدينة على الورق أمرا مستحيلا حيث أن زوايا ومدى المدفعية يغطي 360° من محيط المدينة. * مصدر المياه العذبة موطن في الموقع E وهو ما يعرف لدى سكان العرائش ب(عين شقة) الموجود أسفل الشرفة الأطلسية، ومن الواضح أن المنبع المائي اكتسى طابع الأهمية لدرجة أن برناردو ألديريتي وضعه بشكل بارز في هذا التصميم. * موقع ليكسوس F فوق هضبة تشمس حاضر بشكل ملفت للانتباه حيث يصوره المصمم كإنشاء عمراني قديم لكن هيأته كاملة أو على الأقل واضحة المعالم مما يجعلنا نتصور أن التلف والتخريب الذي طال الموقع رهين على ما يبدو بالتاريخ المعاصر. * النشاط الزراعي بسافلة لوكوس وخاصة ثقافة البساتين المجاورة للوادي كما هو واضح في الموقع K وهي عادة في حقيقة الأمر عمرت طويلا منذ عهد الأمازيغ والفينيقيين وجنات الهسبريديس حيث التفاح الذهبي (الكليمنتين). * النشاط الملاحي الحركي، ونسجل هنا اختلاف السفن الواضحة في الصورة حسب وظيفتها بين العسكرية والتجارية وسفن الصيد، وقد دقق المصمم في تفصيلها بشكل ممتاز من خلال أنواع الأشرعة، شكل وحجم السفن، المجادف، المدافع والسلاح الناري، كما وطن أيضا موقع المرسى M. * بعد انتقال المدنية في العصر الوسيط من الضفة اليمنى لمصب وادي لوكوس حيث موقع ليكسوس إلى ضفته اليسرى حيث تتواجد مدينة العرائش ظلت (الملاحات أو الممالح أو الملالح كما ينطقها أبناء المدينة) محافظة على تواجدها الحيوي وموقعها بجانب الوادي كما يوضحه التصميم في الموقع N.