سجلت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، استمرار السلطات المغربية التضييق على حرية الرأي والتعبير وعلى المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، حيث أسيء استخدام مفهوم أمن البلاد لفرض قيود واسعة غير مبررة على حرية التعبير، بسبب ما وصفته ب”التعريف الغامض أو الفضفاض لمصطلحات أساسية مثل الأمن والإرهاب وتلقي الدعم الخارجي وتمجيد الإرهاب أو التطرف”. وأوضحت العصبة الحقوقية في تصريح أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، والذي يصادف هذه السنة الاحتفال الأممي بالذكرى السبعين لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أن مجموعة من الأحكام الصادرة ضد النشطاء الاجتماعيين والمدافعين عن حقوق الإنسان جعلت المغرب في وضع مكشوف أمام المحافل الدولية التي بلا شك تقف الآن على تقييم مصداقية النظام القضائي المغربي، من خلال الإجراءات المطبقة قضائيا لاسيما في محاكمات الرأي التي ما زالت تخلف موعدها مع التاريخ.
واعتبر التصريح الذي وصل “لكم” نسخة منه، أن ما عبر عنه مثلا نشطاء الريف سواء أثناء التظاهرات الاحتجاجية أو أمام القضاء هو تعرية لواقع لا يسمح للركون إلى التسامح مع من سرق حلم المواطنين والمواطنات في العيش المحترم والكرامة المصانة. التضييق على الصحفيين ومتابعتهم قضائيا وسجلت الوثيقة التي جاءت في 15 صفحة، أن وضعية الإعلام والصحافة تعيش أوضاعا صعبة بسبب مواصلة الدولة التضييق على الصحفيين ومتابعتهم قضائيا ، كما يحصل مثلا مع الصحفي حميد المهداوي وتوفيق بوعشرين وعدد من المدونين، معتبرة أنهم أدينوا فعليا بسبب جرأتهم في طرح مجموعة من ملفات الفساد وانتقاد بعض المسؤولين الساميين المورطين في العديد من ملفات الفساد . توظيف القضاء في تصفية الحسابات واعتبرت العصبة في ذات التقرير أنه يتم توظيف القضاء في تصفية الحسابات، والزج بمجموعة من المواطنين، والمدافعين عن حقوق الإنسان…إضافة إلى الصحفيين في السجون ، مسجلة استمرار المحاكمات السياسية الهادفة إلى إخراس الأصوات المطالبة – بشكل سلمي – بأبسط الحقوق الأساسية (نشطاء الريف المعتقلين على خلفية أحداث الحسيمة / مناضلو الحراك الاجتماعي بجرادة …). وتأسفت الوثيقة، استمرار تملص الدولة المغربية من التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان ، بل الأدهى من ذلك انتهاكها لأسمى قانون للبلاد بعدم احترام مقتضيات الدستور والتراجع عن مجموعة من المبادئ التي نص عليها :(كحرية الصحافة والحق في الحياة والحق في المعلومة والديمقراطية التشاركية…). عقوبة الإعدام من هذا الجانب أفاد التصريح أنه “رغم تكريس الدستور المغربي ل 2011 لمبدأ الحق في الحياة، وذلك من خلال الفصل 20، إلا أن القانون المغربي ما زال يصر على عقوبة الإعدام في العديد من الجرائم الجنائية والسياسية، وما زالت المحاكم المغربية تصدر أحكاما بالإعدام، مما يشكل انتهاكا لهذا الحق المقدس. كما أن السلطات المغربية ما زالت تتشبث بهذه العقوبة”. استمرار ممارسة التعذيب وفي هذا الصدد، أشار التصريح إلى تقارير العديد من الهيآت والتنسيقيات والائتلافات الوطنية لحقوق الإنسان التي تجمع كلها على استمرار ممارسة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة، كممارسات خارجة عن القانون بشكل واسع سواء أثناء الاعتقال والاستنطاق بمراكز الشرطة والدرك أو في السجون. واشار التقرير إلى بعض ما تنشره الصحف والمواقع الإلكترونية وشهادات بعض معتقلي الحراك الشعبي بالريف عن عشرات حالات التعذيب وسوء المعاملة، مسجلة استمرار حالات العنف المفرط الذي تمارسه القوات العمومية في حق المحتجين سلميا، ويؤدي في الغالب ، إلى إحداث إصابات جسدية بليغة في صفوفهم. وأكدت العصبة على أن “المغرب ملزم بالإسراع والتعجيل بتشكيل الآلية الوطنية المستقلة للوقاية من التعذيب، كألية تنهض بمهام الوقاية وزيارة أماكن الاعتقال والاحتجاز، وتلقى الشكايات وتنجز التقارير وتقدم التوصيات في ظل التماطل المسجل في إحداث هذه الآلية واستمرار تسجيل معاناة المواطنين مع ممارسات بعض المسؤولين في أجهزة السلطة والدرك والشرطة، حيث تتصاعد بوثيرة مقلقة تظلمات المواطنين والمواطنات إزاء انتهاكات طالتهم أو طالت أقرباءهم جراء التعنيف والتعذيب النفسي والجسدي، الذي يتعرضون إليه داخل مخافر الشرطة، وكذا وجود خروقات في إعداد محاضر الضابطة القضائية”. التضييق على الحق في التعبير السلمي قال التقرير، إن المتتبع للتطورات الاجتماعية ببلادنا، سيلاحظ استمرار الدولة في التضييق على حق المواطنين في التعبير السلمي بواسطة الاحتجاج وانتهاك الحق في التنظيم والتجمع المكفولين بمقتضى المواثيق الدولية والدستور والقوانين الوطنية. وسجل التقرير “تنامي استعمال القوة ضد العديد من الحركات الاحتجاجية الاجتماعية السلمية”. وهو ما يعبر حسب العصبة عن دينامية المجتمع المغربي وتنامي المطالب الشعبية من أجل الحق في العيش الكريم ، مما اضطر المواطنين إلى اللجوء إلى أسلوب الاحتجاج لتلبية تلك المطالب. وأضاف “ورغم إقرار الدولة بمشروعية هذه الأخيرة، إلا أنها واجهت احتجاجات الساكنة في مرات متعددة بإعمال المقاربة الأمنية المفرطة في العنف، حيث أن أغلب هذه الاحتجاجات لم تمر بسلام . تفاقم البطالة بالنسبة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، اعتبر التصريح أن هذه السنة تميزت من الناحية الشغلية بانخفاض وثيرة التوظيف والتشغيل لتتفاقم البطالة في صفوف الشباب التي بلغت نسبتها حسب الإحصائيات الرسمية إلى مليون و200 عاطل سنة 2017 ، أي أن معدل البطالة انتقل من 9.9 إلى 10.2 في المائة. وأشارت الوثيقة إلى أن أعلى المعدلات أساسا سجلت في صفوف النساء ولدى الشباب المتراوحة أعمارهم ما بين 15 و24 سنة ، ولدى حاملي الشهادات. الحريات النقابية أما بشأن الحريات والحقوق النقابية، فقد سجلت العصبة استمرار وتصاعد الخروقات السافرة في هذا المجال، والمتجسدة أساسا في الاقتطاع من أجور الموظفين المضربين عن العمل، وفي الممارسات التعسفية ضد النقابيين، وفي رفض السلطات المحلية استلام الملفات القانونية أو رفض تسليم وصول الإيداع للعديد من النقابات العمالية، ورفض الاعتراف بالمكاتب النقابية والحوار معها من طرف المشغل وطرد المسؤولين النقابيين والعمال والعاملات المضربين. ولاحظ التصريح اعتقال ومحاكمة العديد من الحالات، كما سجل تمادي الدولة المغربية في مسلسل تنزيل القانون التنظيمي للإضراب رغم معارضة النقابات لغياب المقاربة التشاركية في تنزيله ، على الرغم من التنصيص الدستوري على ضمان هذا الحق، و ذلك رغم مصادقة المملكة مؤخرا على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 151 المتعلقة بموظفي القطاع العام. الصحة بالمغرب مريضة أكد التقرير على أن “المتتبع لواقع الصحة بالمغرب لا يمكن أن ينكر وجود حالة مرضية داخل القطاع تمتد لسنوات تتحمل الدولة المسؤولية الرئيسية فيها باعتبارها تمتلك آليات تغيير الوضع”. وأشار إلى أن “هذا يحيلنا مباشرة إلى واقع قطاع الصحة بعيدا عن وهج و بريق تلك الإستراتيجيات الحالمة المزدحمة بالأرقام و الأوهام حيث لا تتجاوز ميزانيته عتبة 6% من الميزانية العامة للدولة, وذلك من خلال رصد مجموعة من الاختلالات الميدانية، مرورا بواقع الممارسة المهنية اليومية لأطر الصحة العاملة والخصاص الكبير في الموارد البشرية، و كذا معاناة المواطنين اليومية الناتجة عن سوء اشتغال و سير القطاع و الناتج لامحالة عن قصور في النظام العام للصحة”. مطالب العصبة أكدت العصبة على أن الوضع الاجتماعي المتسم بارتفاع منسوب ودرجة الاحتقان الاجتماعي، رهبن بالوضع السياسي الموسوم بالبرود وغياب إرادة الإصلاح، من خلال إفراغ مؤسسات الوساطة الاجتماعية من أحزاب سياسية ونقابات وهيئات مدنية، وتجريدها من الصلاحيات والحق في ممارسة السلطة وتنزيل رؤاها وبرامجها، وان تجاوز هذا الوضع لا يمكن أن يتم إلا من خلال إصلاح دستوري وسياسي حقيقي. ودعت الحكومة إلى الإنصات والتفاعل الإيجابي معال مطالب الشعبية الرامية إلى تحقيق الكرامة والمساواة والعدالة الاجتماعية، والتي تتسع رقعتها بشكل مطرد من زاكورة إلى الحسيمة، مرورا بجرادة والدار البيضاء وأقاليم سوس وغيرها. وجددت العصبة تضامنها المطلق مع كل المعتقلين بسبب آرائهم وقناعاتهم السياسية أو بسبب دفاعهم عن الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، مطالبة بإطلاق السراح الفوري لمعتقلي الحراكات الاجتماعية بكل من الريف وجرادة وزاكورة، ومعتقلي الرأي خاصة حميد المهداوي وتوفيق بوعشرين وباقي المدونين المعتقلين. هذا ولم يفت التقرير الإشارة إلى أن عملية إحياء المؤسسات الدستورية بعد تجميد طالها لسنوات، لا يمكن أن يؤتي أكله أو يحقق جدواه في غياب الشروط الموضوعية المتعلقة بالإصلاح السياسي والدستوري وتوسيع اختصاصات وصلاحيات هذه المؤسسات لتمكينها من آليات حقيقية.