بات جليا أن معارضي نظام القذافي قد فازوا في الحرب ، ولكن السؤال الكبير الآن هو هل هم قادرون على الفوز بالسلام؟ التحديات كبيرة ، وأولها ضرورة استعادة الأمن الضائع فحركة المقاومة ضد نظام القذافي نجحت في ايجاد نوع من الوحدة الوطنية بين كافة الفصائل المناوئة له والتي لولا الثورة الشعبية لظلت مفككة ومقسمة. ولكن مع رحيل القذافي يظل هناك دائما متسع للإحتكاكات التي يسهل أن تجنح إلى العنف. وليبيا الآن بلد مكدس بالأسلحة، ولذا فإنه يتعين على السلطة الإنتقالية أن تضمن وجود تلك الأسلحة في يد جهة واحدة تحتكر حق استخدامها. وذلك يعني نزع سلاح الميليشيات أو دمجها في الجيش النظامي الليبي المزمع تأسيسه. يتعين أيضا إصلاح ما خربته الحرب من منشآت الصناعة النفطية الليبية وإعادتها إلى مستويات الإنتاج السابقة. ولابد من الشروع في عملية سياسية يكون على رأس أولوياتها صياغة دستور جديد ، على أن يحظى ذلك الدستور بموافقة شعبية من خلال استفتاء شعبي. ومن الضروري أن يعقب ذلك عقد انتخابات حرة ونزيهة. ومن الإيجابيات التي قد تسهم في تسهيل مرحلة التحول الديمقراطي أن ليبيا دولة نفطية ثرية ولن تنقصها الوسائل لتحقيق مهمة التحول على نحو سليم. ولكن هناك قدرا لا يمكن تجاهله من عدم الإرتياح بين أنصار ليبيا في الغرب ، فهم يريدون من القيادة الليبية الجديدة أن توفي الالتزامات التي قطعتها على نفسها خلال حرب التحرير. ومن المؤكد أن أحدا في الغرب لم يذرف دمعة حزن على القذافي ، ولكن أسلوب موته كان مؤشرا على الفوضى المحتملة في المستقبل إذا فشلت السلطة الإنتقالية في فرض سيطرتها على مقاليد الأمور. والواقع أن مستقبل ليبيا أمر يحظى بقدر كبير من الإهتمام في الغرب. وكان القلق على مصير الشعب الليبي من الناحية الإنسانية هو السبب الأكبر في حصول التحالف الأوروبي على تفويض بالتدخل العسكري في ليبيا. ولكن في الوقت نفسه كان أوروبيون كثيرون يشعرون بالقلق من أن الفوضى في ليبيا قد تتسبب في طوفان من اللاجئين الليبيين إلى أوروبا وعبر البحر المتوسط . ولذلك فإن نجاح الثورة الليبية يصب مباشرة في مصلحة أوروبا الإستراتيجية ، وليبيا الغنية بالنفط ستجد أوروبا حاضرة لمساعدتها بقوة في صنع مستقبل جديد. ---- عن موقع بي بي سي