يده معلقة في حامل من القماش يلتف حول كتفه ورأسه ملفوف بضمادة.. مازال محمد مرسي يبكي ابنه الذي قتل أثناء "ثورة 25 يناير"، وقد جلس في قاعة المحكمة ينظر إلى الرئيس السابق الماثل في قفص الاتهام وهو يهمهم "ليحرق الله قلبه". قبلها بدقائق كان ممثل النيابة يتلو أسماء شباب قتلوا مثل ابنه محمد أثناء قمع الشرطة للتظاهرات التي اندلعت للمطالبة ب"الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية" وبرحيل مبارك الذي حكم البلاد بيد من حديد طوال ثلاثين عاما. وسأل القاضي أحمد رفعت الرئيس السابق عن رده على الاتهامات الموجهة إليه ب"القتل العمد" و"الشروع في القتل"، فأجاب بصوت واضح "أنا أنكر هذه الاتهامات كاملة". وكان مبارك يجلس على سرير طبي متنقل بينما حاول نجلاه علاء وجمال الوقوف أمامه داخل قفص الاتهام لحجبه عن كاميرات التلفزيون الرسمي التي نقلت وقائع المحاكمة على الهواء. وحتى اللحظة التي هبطت فيها طائرة إسعاف في أكاديمية الشرطة بضاحية القاهرةالجديدة في شرق العاصمة المصرية، كانت لا تزال هناك شكوك في انه سيمثل بنفسه. لقد دخل قفص الاتهام، والحاكم العنيد يرقد الآن على سرير متحرك غير أن شعره مازال داكنا متحديا سنين عمره ال83. وضع مبارك ذراعه على جبينه معظم الوقت وخلف رأسه بعض الوقت وكان يجلس هادئا يستمع إلى هجوم محامي الضحايا عليه. واستهل أحد هؤلاء المحامين كلمته بآية قرآنية تقول إن الله "يذل من يشاء ويعز من يشاء". غير أن الآراء تتباين. فقد أعرب صديق لرجل أصيب أثناء الانتفاضة في يناير الماضي عن أسفه لما يحدث للرئيس السابق. وحاول علاء وجمال مبارك أن يجنبا والدهما كاميرات التلفزيون الني نقلت على الهواء مباشرة الجلسة إلى أكثر من 80 مليون مصري تابعوا باهتمام بالغ وقائع المحاكمة. كما بدا أن الإجراءات الأمنية تهدف كذلك إلى حجبه قدر المستطاع. ففي القاعة التي جرت فيها المحاكمة امتلأت المقاعد المجاورة لقفص الاتهام برجال شرطة يرتدون الزي المدني بينما انتشر رجال شرطة بزيهم الرسمي خارج القفص. وقال مسؤول أمني لصحفيين اشتكوا من أنهم لا يستطيعون رؤية المتهمين إن "هذا هو الهدف". غير أن المحاكمة كانت شفافة بشكل مدهش واستمع القاضي بصبر إلى كل طلبات المحامين طوال الجلسة التي استمرت أربع ساعات. وقال محمد مرسي، الذي أصيب عندما فرق الجيش بالقوة اعتصاما لأهالي الضحايا في ميدان التحرير، إنه راض عن بداية المحاكمة ولكنه اعتبر أن الحكم هو الأهم مؤكدا أن "الذين قتلوا أبناءنا لا يستحقون السجن، بل الإعدام". *أ ف ب