16 ماي, 2017 - 01:37:00 وسط توقّعات بحصوله على المنصب، أعلنت الرئاسة الفرنسية إدوارد فيليب رئيسا لوزراء البلاد. فيليب؛ اليميني الذي تصدّر، في اليومين الماضيين، واجهة الإهتمام بفرنسا، مع بروز اسمه في صدارة ترتيب المرشحين الأوفر حظا لرئاسة وزراء الرئيس الجديد إيمانويل ماكرون، يجسّد تكهنات الطبقة السياسية الفرنسية، ويتسلّم مقاليد رئاسة حكومة بلاده. يميني من المقربين جدا لرئيس الوزراء الأسبق، آلان جوبي، ومع ذلك اختاره ماكرون ليقود حكومته الجديدة، سعيا لتحقيق العديد من الأهداف، أبرزها إحداث انقسامات في حزب "الجمهوريون" الذي ينتمي إليه فيليب، بما يحول دون حصول الأخير على عدد كبير من المقاعد البرلمانية في الإقتراع التشريعي المقبل. وفي ما يلي أبرز المحطات السياسية للرئيس الوزراء الفرنسي الجديد: وسط يساري ولد إدوارد فيليب في 28 نونبر 1970. وببلوغه مرحلة الشباب، أدرك أنه ترعرع في محيط عائلي يساري بامتياز؛ فهو حفيد أحد عمّال ميناء مدينة "لو هافر"، وجدّه الأول يعتبر أوّل من أدخل مفهوم الشيوعية إلى تلك المدينة الحالمة الواقعة في منطقة النورماندي شمال غربي فرنسا. خلال مراهقته، كان يحلم بتحقيق 3 أهداف في حياته، وهي أن لا يصبح أستاذ فرنسية مثل والديه وأخته، والثاني أن ينتقل للعيش في العاصمة باريس، والثالثة أن يصبح يوما سياسيا. بعد عام قضاه بالقسم التحضيري الأدبي في معهد "جانسون دي سالي"، بالدائرة 16 من باريس، إلتحق فيليب بكلية العلوم السياسية، حيث انضم إلى نادي "الرأي" والذي يجمع رواد التيار الروكاري نسبة إلى الإشتراكي ميشيل روكار. وفي تسعينيات القرن الماضي، انخرط الرجل لعام أو اثنين في "الحزب الإشتراكي" (يسار). وعن هذه المحطة من حياته، قال فيليب في تعقيب له لصحيفة "لوموند" الفرنسية: "كان لدي تقدير حقيقي وانبهار تجاه روكار". غير أن صعود اليميني جاك شيراك في 1995 إلى الحكم، جعله يدرك أن "القيم الأساسية الأكثر أهمّية، ألا وهي الحرية والسلطة، تكمن يمينا"، على حد تعبيره. عمدة "لو هافر".. نقطة الإرتكاز عقب تخرجه من كلية العلوم السياسية في 1992، ثم من "المدرسة الفرنسية للإدارة"، والتي تعدّ من أعرق المدارس العليا بفرنسا، إلتحق فيليب، العام 1992، بمجلس الدولة، وهو أعلى هيئة قضائية وإدارية في البلاد. وفي 2001، إلتقى فيليب بعمدة "لو هافر" حينذاك، أنطوان روفيناشت، والذي اقترح عليه الإنضمام إلى فريق بلديته، ليصبح 9 سنوات إثر ذلك، نائبا له. وفي 2014، انتخب منذ الدور الأول عمدة للمدينة. صعود يعترف فيه فيليب بالفضل ل "روفيناشت"، معتبرا، في تصريحه للصحيفة الفرنسية أن لقاءه بالأخير كان "مهما للغاية" بالنسبة له، مع أن موقف الأول بدا مختلفا تماما، حتى أنه قال إنه لا يذكر وأن استشاره فيليب حول أي ملف يهم المدينة التي قدمها إليه على طبق من ذهب. وتابع روفيناشت، في تصريح إعلامي متحدثا عن فيليب: "إن الأخير لا يبدي أي اعتراف بالجميل". شديد الوفاء لجوبيه وشديد الكره لساركوزي الإتفاق كان فوريا بين فيليب وجوبي منذ لقائهما الأول في 2002، حين كان الأخير رئيسا لحزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" الوليد حينها، وقرر بناء على توصية من روفيناشت تعيين فيليب أمينا عاما للحزب. جيل بوير، أحد المقرّبين من جوبي، قال إن "فيليب نشأ وترعرع طوال 15 عاما في ظلّ الأخير، ما منحه انتماء فكريا وسياسيا قويا للغاية، ولقدا كانا على اتفاق دائم بشأن الخيارات الكبرى، حتى أني لم أسمع أبدا أن جوبيه يتبنى موقفا لا يؤيده فيليب". في المقابل، يكن فيليب كرها شديدا للرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، بل إن العداوة بين الرجلين بلغت حد نشوب معركة دامية كادت أن تصل حد تبادل العنف خلال المؤتمر التأسيسي لحزب «الاتحاد من أجل حركة شعبية» المنعقد في 17 نونبر 2002. ففي ذلك الحين، حاول ساركوزي أن يسرق الأضواء من آلان جوبي، وذلك عبر الوصول فجأة وقت الغداء، فكان أن منعه فيليب من الحصول على مبتغاه، وحال دون دخوله منتصرا بالشكل الذي خطط له ساركوزي، وفق رواية فيليب والحاضرين حينها. فيليب تطرق إلى الجزئية الأخيرة في العديد من مقابلاته، وقال مسترجعا تفاصيلها: «في غرفة تغيير الملابس، تقدم ساركوزي نحوي، وشد بقبضته على صدري، وقال مهددا: أنت، لا تفعل بي هذا مرة أخرى، ثم واصل الضغط على صدري، فكان أن رفعت ذراعه عني، ولقد كان كلانا في وضع هستيري وكادت الأمور أن تسوء…». محنة في 2004 واستعادة التوازن في 2016 في 2004، غادر فيليب «الاتحاد من أجل حركة شعبية» إثر استقالة جوبيه من رئاسة الحزب على خلفية إدانته في قضية «الوظائف الوهمية»، والتي أظهرت وقائعها أن 7 من الموظفين القارين بحزب «التجمع من أجل الجمهورية» (ترأسه جوبي من 1994 إلى 1997) تقاضوا مرتباتهم من مجلس بلدية باريس. وأدين جوبيه حينها في تلك القضية بالسجن ل 18 شهرا مع وقف التنفيذ، مع عدم أهلية الترشح لأي منصب سياسي لمدة 5 سنوات. وتماما مثلما خلفت القضية جرحا غائرا في مسيرة جوبي، تركت أيضا ندبة واضحة في نفس ومسيرة فيليب. وبمغادرته الحزب، عمل فيليب محاميا قبل أن يلتحق، بين 2007 و2010، بمجموعة «أريفا» النووية (فرنسية) في منصب مدير لشؤونها العامة. وعلى خطى معلمه، لم يستأنف الرجل مساره السياسي إلا في 2016، حين تقلد مهام متحدث باسم حملة جوبي للانتخابات التمهيدية لليمين الفرنسي، والتي جرت في نونبر الماضي.