أطلق مجموعة من الناشطين بشبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" صفحة جديدة بعنوان "كاماراخ"، هذه تسمية هي مزيج بين كلمة "كاماراد" - أي الرفيق: المناضل اليساري- وكلمة أخ المتداولة بين الإسلاميي. ويأتي هذا الإبداع الفايسبوكي الجديد بعد التقارب الكبير والتنسيق بين الطرفين ضمن فعاليات من مختلف التوجهات في دينامية حركة عشرين فبراير التي يعرفها المغرب، والتوحد على مطالب مشتركة لإسقاط الاستبداد والفساد والنهب والظلم...، والتظاهر والاحتجاج سلميا جنبا إلى جنب دون الالتفات إلى الاختلافات الإيديولوجية أو الاختيارات السياسية. وتضم الصورة الخاصة بصفحة "كماراخ" مجموعة من الرسوم على شكل علامات مرور طافحة بالرسائل تحمل عنوان قانون التغيير من أجل الكرامة والحرية، فتجد علامات من قبيل "لا للقرعة" و "ممنوع اللف والدوران على الحركة" و"ممنوع الرجوع إلى العبودية" وعلامة"فق" و"ممنوع الوقوف حتى النصر"و"ممنوع العنف" وكذا علامة "اتجاه إجباري نحو الحرية" و"عدم تجاوز حركة عشرين فبراير". "لا أزال أتذكر يوم عشرين فبراير بساحة الحمام عندما ثار أحد الرفاق وسط جموع المتظاهرين وهو يصف "الإخوان" بالظلاميين وقتلة بنجلون و و و... وسبحان مبدل الأحوال، رفيقنا تحول بقدرة قادر في الأسابيع الأخيرة إلى"كاماراخ" ففي مسيرة الحي المحمدي الحاشدة تراه يعانق الإخوة الملتحين ويتبادل معهم التحية والسلام..." يقول أحد أعضاء حركة عشرين فبراير، قبل أن يضيف: "كما أتذكر أجواء الإنزعاج عند بعض الإخوة والأخوات من دخان سجائر بعض الرفاق، وكم إندهشت عندما صرحت لي إحدى الأخوات أنها تصبر على ذلك لم تعد تلقي له بالا أمام إكبارها واحترامها لمروءة ومواقف بعض المناضلين.." فعلا لقد أصبح الجميع "كاماراخ"، لذالك فشباب عشرين فبراير يرفعون شعارا معبرا في كل المحطات النضالية التي يخوضونها حيث ترتفع الأصوات مرددة:"بالوحدة والتضامن، لي بغيناه يكون يكون ". التضامن والوحدة بين مكونات حركة عشرين فبراير لتحقيق مطالبها المشروعة تأسس على مبادئ من أهمها نبذ العنف والنضال بشكل سلمي حضاري أخوي، بالإضافة إلى العمل المشترك تحت سقف واحد وموحد بعيدا عن أي حسابات أخرى أو أجندات خاصة، بينما راهنت الحملات والدعايات التشويشية على نسف الحركة من الداخل برفع فزاعات الإسلاميين واليساريين والعزف على أوثار التصادم الفكري والإيديولوجي القديم، ولكن "شباب عشرين فبراير" فاجئوا الجميع حيث اعتبروا كل ذلك مزايدات ومحاولات للالتفاف واتهام الحركة، رافضين مبدأ "فرق تسد" بقبول التدرج برفق من أجل زرع بذور احترام الحق في الإختلاف والعيش المشترك كمواطنين متآخين وأحرار يتقاسمون الجهود والتضحيات في سبيل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. وبعد اللجوء إلى إستعمال العنف والقوة في التعامل مع المظاهرات الاحتجاجية السلمية، في مقاربة أمنية قمعية بدعوى حفظ النظام واستتباب الأمن وتفادي الانزلاق، صرح وزير الاتصال خالد الناصري بأن حركة عشرين فبراير "ابتلعها الإسلاميون والحركات اليسارية"، وعادت الأبواق المسخرة للنيل من الحركة والتلويح أن هناك انقضاضا وركوبا على مطالبها. هذه الطريقة في التعامل لا تختلف عن سابقتها في محطة 13 مارس الماضي، نفس المقاربة القمعية ونفس الادعاءات ونفس التهم والمزايدات، ودائما يتم استبعاد خيار الحوار جاد مع الحركات الاحتجاجية والوقوف على انتظاراتها ومطالبها المشروعة والعمل على الاستجابة لها. يرى جل المتتبعين أن الإصرار على نفس النهج لا يمكنه إلا تعقيد الوضع وترسيخ الاحتقان الاجتماعي داخل المجتمع ، خاصة أن حركة الاحتجاجات المغربية تميزت منذ بدايتها بشكلها السلمي الحضاري ورفضت الانجراف إلى العنف والمواجهة العارمة والمفتوحة مع السلطة، كما عبرت في غير ما مرة أنها لا نية لها في التأزيم وأنها واعية بمخاطر الانزلاق، حيث لاحظ الجميع حرصها على حماية الممتلكات الخاصة والعامة وإبداعها في تنويع أشكال الاحتجاج وتمرير رسائل عميقة من خلال توزيع الورود على رجال الشرطة أمام البرلمان أو تقديم ماء للشرب لعناصر التدخل السريع تحت حرارة الشمس في وقفات سابقة، بالاضافة إلى اليقظة في رفع الشعارات دونما تصعيد. وفي مقابل الإصرار على المقاربة القمعية والتضليل الإعلامي، نجد إصرار شباب عشرين فبراير على التغيير الحقيقي وعلى الحفاظ على مكاسبها التي يبقى أهمها هو جمعها بين الإسلامي واليساري –الكاماراخ- وغيرهم من الشرفاء والأحرار باختلاف مشاربهم في إطار الوحدة والتضامن يدا في يد من أجل إسقاط الفساد والاستبداد.