ب 02 ديسمبر, 2016 - 03:34:00 منذ إعلانه في منتصف يوليوز نيته العودة إلى الاتحاد الإفريقي، يعول المغرب خصوصا على العمل الدبلوماسي الاقتصادي لكسب أكبر دعم ممكن لقضيته في ما يسمى "دبلوماسية العقود". وبدأ ملك المغرب محمد السادس، في الأشهر الأخيرة رحلات في إفريقيا من رواندا إلى تنزانيا، والغابون، والسنغال، وإثيوبيا، ومدغشقر، حيث اختتم الخميس زيارة استمرت عشرة أيام. وشهدت كل واحدة من الرحلات التي يرافق العاهل المغربي فيها وفدا من الوزراء وأرباب العمل ورجال الأعمال، توقيع عدد كبير من الاتفاقات التجارية. ففي أديس أبابا في منتصف نونبر، وقعت سبعة اتفاقيات ثنائية، وخصوصا منها، عقد كبير بقيمة ملياري أورو لبناء مجمع لإنتاج الأسمدة الفلاحية يفترض أن يؤمن الاكتفاء الذاتي لهذا البلد بحلول 2025. وفي انتاناناريفو، أعلن عن 22 اتفاقية على رأسها مشروع طموح يتعلق بقناة بانغالان الطبيعي التي تمتد على 700 كيلومتر على طول الساحل الشرقي لمدغشقر. والمشروع الكبير الثاني هو إعادة تأهيل خليج كوكودي في أبيدجان الذي قدرت كلفته بأكثر من 150 مليون أورو. وقد بدأ في 2015 ويفترض أن ينتهي في 2019، بينما يحتل المغرب المرتبة الأولى في لائحة المستثمرين الأجانب في ساحل العاج. سفراء في إفريقيا أطلقت المملكة قبل 15 عاما "استراتيجيتها الإفريقية" عبر الاعتماد خصوصا على "أبطالها الوطنيين"، أي أهم منجزات اقتصادها في مجالات المصارف والتأمين والاتصالات والصناعة والبناء العقاري. وقال أمين ضفير، الأستاذ في جامعة الحسن الثاني المحمدية والخبير في "الدبلوماسية الاقتصادية"، أن "الرؤية المغربية تقضي بجعل هذه الشركات الوطنية سفراء حقيقيين في إفريقيا". وأضاف أن الأمر يتعلق "بنشوء دبلوماسية عقود". وحتى 2016، كانت الرباط تتطلع بشكل أساسي إلى الدول الفرنكوفونية في غرب إفريقيا - منطقة نفوذها الطبيعي -، التي تدعم موقفها في قضية الصحراء. وفي الأشهر الأخيرة، وعلى وقع الجولات والخطب الملكية بهدف العودة إلى الاتحاد الإفريقي، وسع المغرب نطاق عمله إلى كل القارة، وقام مثلا بتقارب غير مسبوق مع دول شرق إفريقيا التي كانت العلاقات معها غير وطيدة ومتوترة في بعض الأحيان بسبب اعترافها ب"جمهورية البوليساريو". وفي الصف الأول من هذه الدبلوماسية التجارية الجديدة، شركات مهمة في القطاع الخاص، تشارك في بعضها بما فيها الشركة القابضة للأسرة الملكية "الشركة الوطنية للاستثمار" كمساهم. ومثال ذلك "التجاري وفا بنك" أكبر مجموعة مصرفية في البلاد تمكنت عبر عمليات استثمار واستحواذ من التمركز في عدد من دول القارة، ومؤخرا في رواندا حيث اشترت "الشركة العامة للمصرف" (كوجيبنك). كما يعتمد المغرب على شركته العامة مثل "المكتب الشريف للفوسفاط"، أحد أهم المجموعات المنتجة للأسمدة في العالم، وينوي استثمار 15 مليار دولار في إفريقيا في السنوات ال15 المقبلة. تعاون بين دول الجنوب أصبح المغرب ثاني دولة مستثمرة في إفريقيا بعد جنوب إفريقيا. ويفيد تقرير للمركز الفكري المغربي "او سي بي بوليسي سنتر" أن المغرب أبرم حوالي 500 اتفاق للتعاون منذ العام 2000. وتمثل إفريقيا جنوب الصحراء 62,9 بالمائة من الاستثمارات المباشرة الأجنبية المغربية في العالم، بينها 41,6 بالمائة في القطاع المصرفي. ويوضح ملك المغرب باستمرار في خطبه لشركائه الأفارقة هذه الاستراتيجية الجديدة للتعاون بين دول الجنوب و"التضامنية" و"للتنمية المشتركة" مضفيا بعض العبارات المناهضة للاستعمار. وقال الملك محمد السادس، في مقابلة مع الصحافة في مدغشقر مؤخرا "خلال زيارات لإفريقيا أو خلال المشاريع التي أخططها لا يتعلق الأمر إطلاقا بإعطاء دروس، بل أقترح أن نتقاسم تجاربنا". ورأى إدريس لكريني، الأستاذ في جامعة مراكش لوكالة "فرانس برس"، أن "الأفارقة باتوا ينظرون نظرة سيئة" إلى أطماع القوى العالمية الكبرى في ثروات إفريقيا. وأضاف "بالعكس، علاقات المغرب مع دول جنوب الصحراء ينظر إليها بشكل جيد لأنها محكومة برؤية مرتبطة بمصالح مشتركة وفق منطقة الطرفين الرابحين".