25 أبريل, 2016 - 07:54:00 كان الهجاء، باعتراف الكاتب نفسه، غير طريف بالمرة، متجاوزا الفظاظة وبالكاد جدير بهذا الاسم. كان هدف هذا الهجاء زعيما سياسيا مستبدا بشكل متزايد والذي رد بغضب متوقع. لكن الجدير بالملاحظة حول قصيدة يان بومرمان المتلفزة والمسيئة عن رجب طيب أردوغان هو أنه لا الكاتب ولا موضوعه قد خرج بسوء من القضية، بدلا من ذلك فان السمعة التى تلقت أكثر من ضربة هي سمعة امرأة جعلتها لمستها السياسية المؤكدة الشخصية البارزة داخل قارة لمدة عقد من الزمن. بإعطائها الضوء الأخضر لمقاضاة السيد بومرمان لسخريته من حكومة أجنبية بموجب فصل غامض من قانون العقوبات الألماني للقرن 19، تكون قد انغمست في عملية القمع في الخارج، وشوهت سمعت بلدها في الحرية. إذن كيف يمكن، بحق السماء، أن تسمح أنجيلا ميركل لمزحة أن تأخذ منحى خاطئ؟ التفسير الرسمي، كما هو بحذافيره، يبدأ بكون ألمانيا "دولة تقوم على سيادة القانون"، العبارة المبتذلة ذات القوة الواضحة في الجمهورية الاتحادية. إلا أن التطور الطريف هو الادعاء بكون القانون يجب أن يسري دون خوف أو محاباة، والآثار المترتبة عن الفصل رقم 103 من قانون العقوبات في عهد بسمارك، والذي يحظر اهانة زعماء أجانب، لا يمكن تجنبها مهما كانت مؤسفة. إن هذا القانون حقير، تقول السيدة ميركل، ولكنه هو القانون الذي نتوفر عليه، ولذلك يجب أن يُحترم حتى نتمكن من تغييره، الأمر الذي أعدكم، بالمناسبة، أننا سنقوم به. إنها حالة لا تتراكم كثيرا. وبشكل عام، المقاضاة على الجرائم في المجتمعات التي يسودها القانون ليست تلقائية، ولكنها خاضعة للمصلحة العامة. لولا ذلك، فستكون القوانين الانجليزية الغامضة قد أدت إلى ملاحقات قضائية لعدم ممارسة الرماية المكلف بها في العصور الوسطى والتي استمرت إلى العصر الصناعي، والتي يمكن حتى في يومنا هذا أن تنتج في اتهام الأطفال طالبي الحلوى في عيد التنكر بموجب قيود قديمة بطرقهم للأبواب بشكل "تعسفي ومتعمد". في هاته الحالة الخاصة من الفصل الألماني رقم 103، بخصوص تسفيه دول أجنبية، على الحكومة أن توافق صراحة على المحاكمة، ربما لان الغرض الأصلي كله كان هو استخدام القانون الجنائي كأداة للسياسة الخارجية. ومن ثم فهي قرار سياسي، وبالفعل هو قرار يثير النزاع داخل حكومة السيدة ميركل. إن مما يزيد القضية تعقيدا هو وجود مخرج محتمل يشمل السيد أردوغان الذي يتابع الاهانة التى تسبب فيها رأي فردي والتي لم تكن لتعتمد على امتيازاته السخيفة كواحد من الأعيان. السبيل الوحيد لفهم هذا الادعاء هو وضعه في السياق الذي تصوره واضعوا القانون في القرن 19: أي العلاقات الدولية. السيدة ميركل غارقة وسط مفاوضات متوترة مع أنقرة لتجسيد الصفقة الكبرى بخصوص المهاجرين والتي سارع بها على عجل الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي. بوصول المستشار إلى محافظة غازي عنتاب، وهي الآن موطن لكثير من النازحين السوريين، يوم السبت، هناك تفاصيل صعبة فيما يتعلق بتنازلات تخص السفر بلا تأشيرة وأمورا أخرى يمكن أن تفسد إستراتيجية ميركل مع تركيا لإعادة قوارب المهاجرين الذين تم رفضهم من قبل الاتحاد الأوروبي، في مقابل أخد هذا الأخير للاجئين من المخيمات. لكن وفي نفس الوقت تتعرض ميركل لضغوطات داخلية لمواجهة الأتراك بشأن تدهور سجلهم في مجال حقوق الإنسان. استرضاء السيد أردوغان من خلال ملاحقة معذبه قد يبدو خيارا غير مُحرج نسبيا للتخفيف من بعض المعضلات هنا خاصة إذا ما كما هو من المؤكد طبعا رفضت المحاكم إدانة السيد بومرمان في نهاية المطاف. غير أن هناك ضريبة على لعب سياسة الواقع المجردة من أي مبادئ مع قضية عدالة فردية، كما تعرف ذلك السيدة ميركل. بالإضافة إلى التكلفة السياسية المحلية، فهي تخاطر في أحسن الأحوال بإضفاء الشرعية على تعصب السيد أردوغان الذي يزداد ضراوة تجاه الصحفيين الذين يطرحون أسئلة محرجة، وفي الأسوأ، تشجيع كل حاكم مستبد عبر العالم ليبدأ في مطالبة المحاكم الأجنبية للتدخل من أجل حمايتهم من السخرية. ترجمة: سهيل علواش المصدر: الغارديان