26 يناير, 2016 - 10:00:00 جاء في مقال خبري على الموقع الإلكتروني لحزب "الأصالة والمعاصرة" "انتخب السيد إلياس العماري أمينا عاما لحزب الأصالة والمعاصرة، بإجماع العضوات والأعضاء ال 600 للمجلس الوطني للحزب، وذلك خلال تصويتهم زوال يوم الأحد". غير أن كلمة "أنتخب" و"تصويتهم" ليستا دقيقتين تماما لأن كل لحظات المؤتمر لم تشهد لا عملية انتخاب ولا عملية تصويت. وقد كان صندوق الاقتراع هو الغائب الأكبر طيلة أشغال التظاهرة التي شهدتها بوزنيقة نهاية الأسبوع، والمنعقدة تحت شعار: "مغرب الجهات، انخراط واع ومسؤول"، بمركب مولاي رشيد ببوزنيقة. حديث عن الثورة التنظيمية في كلمته بمناسبة افتتاح المؤتمر قال محمد الشيخ بيد الله، رئيس اللجنة التحضيرية، "نؤكد على تفعيل المنهجية الديمقراطية في أشغال مؤتمرنا الوطني الثالث". وزاد الرجل في لقاء جمعه بالصحافيين على أن هذه المحطة "تشكل ثورة تنظيمية على المستويين الوطني والترابي". غير أن الثورة لم تظهر كما أن رئيس اللجنة التحضيرية لم يفصل في طبيعتها. التميز الذي سجله الحزب هو فتح نقاش داخل لجانه في اليوم الأول من المؤتمر بينما تم تأخير الجلسة الافتتاحية الى نهاية اليوم الثاني. مصطفى بكوري، الأمين العام المنسحب من حلبة الصراع حول القيادة "بسبب المشاغل الكثيرة"، كما أوضح، بَشر أيضا بديمقراطية داخلية إذ قال في كلمته الافتتاحية "إن مؤتمرنا هذا هو أيضا مؤتمر رفع التحديات، وعلى الخصوص تحدي الشفافية والديمقراطية الداخلية، والتنافسية السياسية الشريفة." غير أن هذه البٌشرى لم تجد لها طريقا للتحقق بعد أن غلبت روح التزكية على روح التنافس الحر. أين الصندوق؟ عندما انتهت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني، في يومه الثاني، لم يظهر أي صندوق زجاجي أو خشبي في قاعة أو خيمة من خيمات المؤتمر رغم أن الكل مقبل على انتخاب أعضاء المجلس الوطني مباشرة بعد وجبة العشاء التي حج إليها المؤتمرون في خيمة كبيرة دكت أوتادها في الجزء العلوي من المركب الدولي مولاي رشيد ببوزنيقة. تُرك لكل جهة حق اختيار أعضاءها، حسب عدد المؤتمرين ووفقا ل "كوطا" مخصصة للشباب والنساء، لكن رئاسة المؤتمر لم تفرض مسطرة لوضع الترشيحات أو لفرز الأصوات ولا لإعلان النتائج مما ترك حبل المؤتمر على الغارب. ما إن بدأ الحديث عن تشكيل "برلمان الحزب" حتى بدأ التشنج والخصومات والصخب. اختارت بعض المجموعات النقاش الهادئ والتصويت عن طريق أوراق بيضاء عادية لا تحمل طابعا ولا خصوصية ولا ضمانة. وكانت تجمع بالأيدي وبطريقة ارتجالية غير أن مجموعات أخرى اختارت المواجهة والتخوين وأحيانا السب كما الشتم وهو ما حدث بين مستشار برلماني، يعرف في أوساط المغاربة ب"التقنيوت" وأحد أعضاء مجلس جهة الحسيمة إذ ذكره المستشار الشيخ، ذو الشيب الأبيض، بكل النعم الانتخابية التي أسدلها عليه. خيمة مختنقة في اليوم الثالث والأخير، اجتمع أعضاء المجلس الوطني داخل خيمة مختنقة، كما قال عبد اللطيف وهبي، الذي شبه اختناق الخيمة باختناق الحزب، ووقف الجميع منتظرا هؤلاء الذين سيقترحون أنفسهم لرئاسة المجلس الوطني. تقدم وهبي وبعده فاطمة الزهراء المنصوري وأعلنا عن رغبتهما في رئاسة المجلس الوطني ووضحا دوافعهما. حرارة التفاعل مع كلمة المنصوري، التي كانت بلسان دارج مثقل بلكنتها المراكشية، جعلت عبد اللطيف وهبي يفهم بأن الكفة مالت الى صالح الشابة الساقطة من عمادة المدينة الحمراء ما دفعه الى أخذ الكلمة من جديد لإعلان انسحابه من المنافسة احتجاجا على مادة تفرض التصويت العلني. هنا صفق الجميع لفاطمة الزهراء وحضر الحماس والزغاريد بنفس القوة التي غاب بها صندوق الاقتراع. إلياس يا رفيق ما زلنا على الطريق اللحظة لحظة فتح باب الترشيحات في وجه الراغبين لقيادة الجرار. لم تتح الفرصة للتعبير عن أي رغبة للتنافس حول كرسي الأمين العام فما إن أعلنت رئيسة المجلس عن الموضوع حتى هتف مهدي بنسعيد، الذي كان يقف يمين الخيمة على بعد أمتار من الصف الأمامي، بأعلى صوته "إلياس، إلياس.."، في إشارة لإلياس العماري نائب الأمين العام السابق، ثم تبعته القاعة تحمل شعار "إلياس يا رفيق ما زلنا على الطريق". حُمل إلياس الى المنصة تحت أضواء الكاميرات حيث تناول كلمته كزعيم متوج قبل أن يختم كلامه بالقول "انتخاب المكتب السياسي يوم الأحد المقبل، لأن الموضوع يحتاج أوراق تصويت وصناديق.. ومكان اللقاء كما عنوان قاعة الاجتماع ستجدونها على صفحة الحزب بالفايسبوك". لم يحضر الصندوق لاختيار الأمين العام الجديد لكن الرجل وعد بإعماله في اختيار المكتب السياسي. فهل سيحضر الصندوق؟