لن يحدث السلام يوما لأن طريقه الوحيد هو الاعتراف بالشعب الفلسطيني ككيان له الحق لإقامة دولته على أرضه التي سقاها بدمائه الزكية ، وإن شجرة الزيتون وكل شيء على هذه الأرض شاهد على ذلك ، فلا حاجة لقرارات الأممالمتحدة لإثبات ذلك ، فالحق ثابت عبر التاريخ الحديث والقديم وعبر الجغرافيا وآثار الإنسان الفلسطيني عليها .ولذا فإن ما تم التوقيع عليه في شرم الشيخ المصرية بحضور20 دولة أوروبية وعربية ومسلمة ليس سلاما على الإطلاق ، فالخطة ما دامت لا تشير لا من قريب أو بعيد لقيام الدولة الفلسطينية ، طبعا ف "الحفلة "كلها من إخراج المجرم نتنياهو وإعداد وسيناريو دونالد ترامب الذي صار دمية في يد التطرف الإسرائيلي الذي أباد وما زال يبيد الشعب الفلسطيني ضاربا عرض الحائط كل القيم الأخلاقية والقوانين الدولية والإنسانية ، لذا فالاتفاق المكون ب21 نقطة كلها نقاط الإذلال والاستسلام للمقاومة التي حاربت عدوا لا ككل الأعداء ، عبر زمن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ولمدة عامين دون انقطاع ، حيث كشفت تلك الحرب عن وجه الهمجية التي تأسس عليها الكيان الصهيوني ، وبالتالي فعن أي سلام يتحدثون؟ فالاتفاق عبارة هدنة مؤقتة سرعان ما تنتهي بتسليم "حماس" أسرى جنود العدو ، وبعدها مباشرة ستقوم الآلة الحربية باستكمال الإبادة الجماعية لما تبقى من سكان غزة والضفة الغربية ، فكل العملية التي اختزلت في "خطة مجلس السلام " ما هي إلا لعبة خفية للمرور لمرحلة اهم بالنسبة للكيان الذي أصبح معزولا دوليا ليتنفس في محيط الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عبر ما يطيق عليه اتفاقية أبراهام وهي ببساطة اعتراف مباشر بإسرائيل بدون أي مقابل أساسي وهو الاعتراف بدولة فلسطين ، فالاتفاق الذي تم التوقيع عليه هو طريق سيار مؤدي مباشرة الى التطبيع العربي بالكيان وتم تسويقه في الإعلام الغربي والعربي على أساس انه اتفاقية سلام ، وليس هناك لا سلام ولاهم يحزنون مادامت إسرائيل لا تعترف بحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته ، خاصة وأن القضية الفلسطينية هي بالأساس قضية تصفية الاستعمار الصهيوني. إن هذا الاتفاق الهدنة والمفروضة تحت القنابل على المقاومة ما هي إلا إطارا للمرور للمرحلة التالية للانتداب كما كان قائما على فلسطين أيام الانتداب البريطاني ، والمفارقة هي أن 'طوني بلير "هو رئيس ما سمي ب "مجلس السلام" وكأن التاريخ الاستعماري يعيد نفسه….وعليه فالحديث عن السلام في الشرق الأوسط ليس إلا ذرا للرماد في عيون انظمة عربية لم تستفد من كل مجريات تاريخ الصراع بين كيان يستعمل كل الخبث السياسي والدسائس الماكرة في التعامل مع العنصر العربي والمسلم بالأساس ومع العالم .وإن السياسة الأمريكية لم تكن يوما وعلى طول الصراع العربي –الصهيوني تقف موقفا محايدا بل إن اللوبي اليهودي هو من يرسم تلك السياسة في كل تفاصيلها .والساسة العرب أغلبهم يضعون مفاتيح الحل لهذا الصراع دائما في يد الولاياتالمتحدةالأمريكية ولم يستفيقوا لتغيير هذا الاصطفاف معها ، لكنها أنظمة تستقبل قواعد عسكرية أمريكية وبعضهم يعتبر ايران عدوا استراتيجيا لهذه الأنظمة الخليجية تارة باسم الصراع بين السنة والشيعة وتارة أخرى بعنوان الهيمنة الإيرانية على المنطقة ، إلا أن واقع الحال أن تلك الأنظمة متواطئة مع الكيان منذ بداية قيام الاحتلال الصهيوني. وها هو الأمر ينكشف علانية حيث جاء التطبيع كراية بيضاء وخضوع تام لإملاءات الكيان الصهيوني بالقوة بدعم من الولاياتالمتحدةالأمريكية. إن الحرب القائمة بين غزة والكيان الصهيوني جعلها" ترامب" حربه بالدرجة الأولى فهو يبدو في كل تحركاته واستجواباته الصحفية وتدويناته على "ثرو" كأنه القائد الحربي لعمليات هذه الحرب في شقيها العسكري والدبلوماسي والمحدد لكل خطواتها الموالية إن كان في وقف الحرب أو "خطة السلام" ومتابعة تنفيذها. فلقد كانت المرحلة التالية لتنفيذ اتفاق الهدنة التي لم تصمد إلا يومان حتى تم استئناف القتل وعرقلة دخول المساعدات لغزة وإطلاق ترامب لتهديد حماس لما اعدمت بعض الخونة وأعطى الضوء الأخضر لمجرم الحرب نتن ياهو، لاستئناف الحرب على غزة أو بالأحرى على ما تبقى منها. وفي ظل هذا الصراع ظهر الرئيس الأمريكي بوجهه الحقيقي كسمسار عقاري بحيث يتعامل بتلك الصفة التي ترى أن المال هو الوحيد الذي يؤثر في السياسة معتبرا ممارسته لها كرئيس شركة وليس رئيس دولة عظمى، فقراراته تغلف كلها بإغراءات اقتصادية توجه للمنطقة كلها وبما فيها إيران، ورفع العقوبات عنها، ولكن بقبول ادماج الكيان الصهيوني في منطقة الشرق الأوسط وإحلال السلام بحيث ستتدفق الاستثمارات على المنطقة كلها ويعم الازدهار بما فيها أيضا سكان غزة. لكل هذا وغيره يمكن ان نستنتج أن الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين صراع سيطول أمده وبشدة في السنوات المقبلة خاصة في فترة الرئاسة" الترامبية" إن استمرت بعد أن استنفذ ولايتين ويمكن ذلك في غير شخصه أن فاز الحزب الجمهوري مرة أخرى، وإن كان قد اكتشف الناخب الأمريكي أنه صوته تم التلاعب به على جميع الأصعدة سواء الداخلية أو الخارجية، وبدا ذلك في الاحتجاجات التي قام بها المواطنون وخاصة الطلبة في الجامعات ومعارضة السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط. وما احتجاجات "لا ملوك "إلا أحد مظاهر تصاعد الوعي الأمريكي واتخاذ موقف يعيد للديموقراطية مجدها بعد أن صارت باهتة في عهد ترامب وهكذا يمكن القول أن السلام في الشرق الأوسط كوهم إن ظلت غزة أنقاضا وسكانها في العراء دون مقومات العيش الكريم الذي يحفظ إنسانيتهم مع تدفق كل الحاجيات الضرورية لأكثر من مليون ونصف من الجوعى والعراة وبدون مأوى لائق بحياة إنسانية ولو في حدودها الدنيا، فإنه علينا أن ننتظر صعود أجيال أكثر "تطرفا " كنتاج طبيعي للسياسات العدوانية والغير انسانية تجاه شعب بالكامل ، لأن كيف للفلسطيني أن يظل متفرجا في موته البطيء بين جيران طرف يعيش في الثراء والتخمة الغذائية وطرف يده على الزناد وأخرى ترفع راحية الإبادة لشعب نال من المآسي ما يكفي لتوزيعا على العالم بأسه وتؤلمه في الصميم ، ولننظر لهؤلاء الذين يذوقون كل العذابات يوميا ولا يذوقون وجبة واحدة متكاملة ، كيف لهم أن يقبلوا ما تفعل به هذه السياسة العنصرية والمبيدة لهم كأنهم حشرات ؟