01 يناير, 2016 - 11:31:00 بين أيدينا مقال نشرته صحيفة الغارديان البريطانية الخميس 31 ديسمبر 2015، من توقيع الكاتب الألماني من أصل تركي مراد كرناز، المعتقل السابق في غوانتانامو، خصه لصديقه يونس الشكوري، المعتقل المغربي السابق في غوانتانامو، الذي رحلته واشنطن إلى المغرب بعد أن حصلت على وعد من الرباط بعدم اعتقاله لازيد من 72 ساعة بعد وصوله إلى أراضيها، الا انه اليوم، بعد شهرين ونيف، لا يزال رهن الاعتقال. وفي ختم المقال ناشد الكاتب باراك اوباما أن يحثّ السلطات المغربية على الافراج عنه، حتى يتمكن من العودة الى ذويه ويبدأ حياة جديدة، على غرار المعتقلين السابقين الذين تم ترحيلهم الى بلدانهم. نورد في ما يلي الترجمة الكاملة للمقال: ترجمة سعيد السالمي بامكانك أن تنسج صداقات حتى في أكثر الظروف صعوبة. كنت معتقلا رفقة يونس الشقوري في السجن الأمريكي في قندهار في أفغانستان. وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر نُقلنا في يناير 2002 إلى معتقل غوانتانامو. ورغم الظروف المروعة التي عشناها، والتعذيب والادلال المستمر، فقد نشأت صداقة بيني وبين يونس. اليوم تكون قد مرت أربعة عشر سنة على ذلك اليوم الذي فاجأني فيه يونس عندما التفت الي وخاطبني باللغة الالمانية. تفاجأت لأنه مغربي، قبل أن يخبرني فيما بعد أنه درس اللغة الالمانية عفي فترة طفولته في المغرب. أتذكر يونس كرجل طيب للغاية، محترز في تصرفاته، هادئ في طبعه. سنة 2010 أعلنت الإدارة الأمريكية أن يونس لا يشكل أي تهديد للولايات المتحدة ولا لأي من حلفائها. كما أن ست هيئات فيدرالية أمريكية أوصت بالإجماع بالإفراج عنه. إلا أنه بقي رهن الإعتقال ولم يغادر السجن ولو ليوم واحد منذ ذلك الحين. على مدى السنوات ال 14 الماضية، ظل الزمن متوقفا بالنسبة ليونس. بالكاد أصدق أنه بلغ الآن سن السابعة والأربعين. عندما تعرفت عليه لأول مرة كان في بداية الثلاثينيات من عمره. لقد ظل هذا الرجل البري يقاسي في خليج غوانتانامو لمدة 14 عاما. ويوم 16 سبتمبر الماضي، أطلق سراحه أخيرا من جحيم هذا السجن. عندما علمت بالأمر، انتابني ارتياح كبير، وقلت في نفسي ها هو صديقي أخيرا يتقاسم معي نعيم الحرية. إلا أن الأمور أتخذت منحى آخر، ذلك أنه، بمجرد وصوله إلى المغرب، اعتقلته السلطات المغربية ولم تفرج عنه بعد. علمت من محاميي يونس في المنظمة الدولية «ريبريف» لحقوق الإنسان أن الولاياتالمتحدة قالت إنها أجرت في مفاوضات دبلوماسية ناجحة مع المغرب للحصول على ضمانات، واتفق الطرفان أن لا توجه أي تهمة ليونس عند وصوله إلى التراب المغربي، وأنه لن يتم اعتقاله لمدة أزيد من 72 ساعة. وعلى ما يبدو فإن هذه الضمانات لا ذهبت في مهب الريح، وبقي يونس خلف القضبان في سجن مغربي لأزيد من 72 يوما. في الآونة الأخيرة، وعد باراك اوباما بتقديم خطة لإغلاق غوانتنامو بشكل نهائي. جاء هذا الوعد تسع سنوات بعد الإفراج عني. وبات بإمكاني قضاء بعض الوقت مع عائلتي وأعيش حياة هادئة. ولكن يونس لا يزال قابعاً في السجن، بعيدا عن زوجته وشقيقه، ومحروما من كل أشكال الحرية. لقد بدل زنزانته في غوانتانامو بزنزانة في المغرب. فلماذا تصر السلطات المغربية على الإحتفاظ بهذا الرجل في السجن؟ وماذا تفعله الولاياتالمتحدة لفرض الاتفاق الذي أبرمته معها؟ خلال الأشهر القليلة الماضية، تم ترحيل عدد من المعتقلين إلى بلدانهم الأصلية. على سبيل المثال، شاكر عامر، الذي تم ترحيله إلى المملكة المتحدة حيث حصل على عناية طبية فورية وترحيب حار من قبل عدد كبير من الناس، بمن فيهم أعضاء في البرلمان. وهناك شخص آخر، هو أحمد عبد العزيز، الذي عاد إلى موريتانيا، وأعلنت السلطات في نفس اليوم أنه لا توجد أي حجة ضده، وأنه حر. كل من شاكر وأحمد عادا مرة أخرى للعيش مع أسرهم. كما هو الشأن بالنسبة لي، فقد استعدت حريتي. عدت إلى ألمانيا، وعدت إلى العمل، وإلى الحياة. إنه لمن المحزن أن نقارن كل هذه الحالات الأخرى مع الوضع الرهيب الذي وجد فيه يونس نفسه. بالنسبة لي، من الصعب علي أن أنسى ما شاهدته في غوانتانامو. ما زلت مسكونا بذكرياتي هناك، والزنزانة الإنفرادية، والحرمان من الطعام والنوم، والضرب والإذلال اليومي والوحشية. وسأظل دائما أفكر في الأشخاص الذين التقيتهم في ذلك المكان. أسرة يونس جد قلقة عليه. ولا تطالب بأكثر من أن يعود ليعيش معها في البيت. لقد كان يونس يتكلم معي كثيرا عن أسرته، وعلى الخصوص زوجته عبلة. في سبتمبر الماضي، ظنّت أنه سيعود إليها أخيرا، غير أنه تم سحق آمالها. لا أحد يستطيع أن يغير ما حدث ليونس وعائلته خلال السنوات ال 14 الماضية، ولكن إمكانية مستقبل أفضل لا تزال متاحة أمامهم. ومثلما صارت اليوم بمقدوري اليوم أن أعيش حياة طبيعية في ألمانيا، مع أنني لا أستطيع أن أنسى ما قاسيته، فكذلك الشأن النسبة ليونس. يجب على أوباما أن يلتزم بوعده تجاه صديقي والتأكد من أن يونس يمشي أخيرا حرا طليقا. أناشد السيد أوباما أن لا يفوت هذه اللحظة المهمة، ويتحدث مع السلطات المغربية ويحثها على الوفاء بوعدها. أتمنى لصديقي العزيز يونس القوة المادية والروحية على المثابرة على الرغم من استمرار الصعوبات، كما آمل أن تتاح له الفرصة من أجل بداية جديدة.