قال عبد العلي حامي الدين القيادي في حزب "العدالة والتنمية" إن تجربة الحزب في تدبير الشأن العام لم تكن مؤطرة بتصور واضح مترافع عليه باستمرار من أجل الانتقال الديموقراطي. وأكد حامي الدين في نفس الوقت أن الحزب بذل مجهودا مقدرا في التكيف السريع مع مستلزمات تدبير الشأن العام من موقع رئاسة الحكومة، ونجح في تدبير عدد من القطاعات الحكومية والجماعات الترابية، وكسب معركة النزاهة والحفاظ على المال العام، كما عبر عن مرونة سياسية ملموسة في علاقته بالفرقاء السياسيين.
واعتبر في تدوينة على فايسبوك أن أهم شيء حققته تجربة العدالة والتنمية خصوصا مع قيادة عبد الإله بنكيران، هو مصالحة قطاعات عريضة مع الشأن السياسي، وفتح آمال كبيرة لفئات واسعة في إمكانية الإصلاح من خلال السياسة، لكن هذا الزخم السياسي كان يصطدم ببعض الجهات داخل السلطة والإدارة وبعض جماعات المصالح. وسجل أن هذه الجماعات اشتغلت من أجل عرقلة العديد من المبادرات الإصلاحية "للبيجيدي" بطرق مختلفة، واشتغلت بشكل مكثف على شيطنة رموزه وقيادييه عبر حملات إعلامية منسقة، كشفت عن حجم السيطرة والتحكم في وسائل الإعلام، بحيث تحولت العديد من المؤسسات الإعلامية إلى أبواق للتشهير والتبخيس والتشويش والتضليل ونشر الأخبار الكاذبة، وهو ما يعني أن المال السياسي تمكن من السيطرة على الصحافة والإعلام بالإضافة إلى سلطة الإعلانات التي باتت تفرض الرقابة الذاتية على جميع الصحافيين بما فيها بعض المنابر المستقلة. وأضاف "ومع ذلك فقد نجح الحزب بفضل الله، وبفضل مناضليه الذين أسّسوا لماكينة انتخابية فعالة وبفضل القوة التواصلية لأمينه العام في تحقيق نجاحات انتخابية باهرة سنة 2015 و2016 وهو ما لا ينبغي القفز عليه بسهولة". وتابع "اذا كانت الانتخابات الجماعية قد أفرزت أغلبيات مسيرة سهلة بقيادة العدالة والتنمية، فإن بناء أغلبية برلمانية داعمة للحكومة الثانية بقيادة بنكيران اصطدم بإرادة معاكسة كانت مصممة على تحطيم الكتلة الحرجة التي تشكلت من أحزاب (العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية وحزب الاستقلال) وبناء أغلبية برلمانية مفككة ومعرقلة للإصلاح من داخلها". وأوضح حامي الدين أنه لا يمكن فهم موضوع البلوكاج مثلا إلا في ظل هذا المناخ وهو مناخ الهشاشة الديموقراطية، حيث لم تكن بعض الأحزاب السياسية سوى أدوات وظيفية في يد السلطة، سواء في البلوكاج الأول ل2013 أو في البلوكاج الشهير ل2016 حيث تم تشكيل تحالف من الأحزاب الأربعة المعلومة من أجل عرقلة تشكيل أغلبية متناغمة. وأكمل بالقول " وإذا كان الأمر كذلك فمن المؤكد أن إنجاز أي تحالف كان متوقفا على دور السلطة، وليس فقط بناء على نتائج الانتخابات، وبالتالي فإن الإشكال المطروح هل يمكن قبول دور السلطة سواء حينما تتدخل إيجابا (2013 ) ورفضه حينما تتدخل سلبا (2016) ؟". قبل أن يستدرك "الجواب هو أن السلطة من الناحية المبدئية ينبغي أن تحتفظ بنفس المسافة مع جميع الأحزاب السياسية، وهو مطلب لازال بعيد المنال في مغرب اليوم، وهو ما يعتبر النقطة الأولى في جدول أعمال إصلاح السياسة في المغرب".