قال مرصد العمل الحكومي إن تنظيم كأس العالم بالنسبة للمغرب أكثر من مجرد حدث رياضي عالمي، إذ يشكل فرصة تاريخية لتحقيق عوائد اقتصادية واجتماعية عميقة ومستدامة، تمتد لسنوات طويلة بعد انتهاء البطولة، لكن مقابل ذلك ينبغي الانتباه إلى التحديات التي يطرحها هذا التنظيم وعلى رأسها تجنب ضغوط الديون. وقدر المرصد في ورقة سياسية حول مكاسب وتحديات تنظيم كأس العالم أن العوائد المالية المباشرة وغير المباشرة لهذا الحدث، تتراوح ما بين 8 و10 مليارات دولار، تشمل الإيرادات السياحية، والاستثمار الأجنبي، وعائدات البث، والرعاية التجارية. كما أن هذا الحدث سيعزز مكانة المغرب كوجهة سياحية عالمية، حيث سيجذب ملايين الزوار من مختلف أنحاء العالم، ويترك إرثًا دائمًا من البنية التحتية الحديثة التي تخدم المواطنين والزوار على حد سواء.
وأكد المرصد أن على رأس التحديات التي يطرحها هذا التنظيم؛ إدارة المديونية وتجنب ضغوط الديون، فتأمين التمويل اللازم لبناء البنية التحتية وتحديثها، يبقى من أكبر التحديات، حيث سيتعين إدارة التكاليف الضخمة المرتبطة بتمديد شبكات النقل، وبناء المنشآت الرياضية والمرافق العامة، وغيرها من المشاريع التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، ما يفرض على المغرب وضع استراتيجية دقيقة لتمويل هذه المشاريع، مع التركيز على تقليل الاعتماد على القروض الممولة بمديونية مرتفعة، وتجنب ضغوط الديون المستقبلية. كما أوصى المرصد بتطوير الخدمات الرقمية، فالمستوى العالي لإسبانيا والبرتغال على هذا المستوى سيضع ضغطا على المغرب لتحديث بنيته الرقمية، ورفع مستوى الخدمات لجعلها متوافقة مع توقعات الجمهور العالمي، ويشمل ذلك تطوير منصات إلكترونية مدمجة لتيسير حجز التذاكر، وحجز الإقامات، ووسائل النقل، وتأمين خدمات الإنترنت العالية الجودة، وتطوير تطبيقات ذكية متعددة اللغات توفر معلومات عن الأماكن السياحية والمرافق العامة، وغيرها. وأبرز ذات المصدر أن من بين التحديات التي تواجه المغرب؛ تحسين جودة الخدمات العامة والسياحية والنقل، خاصة وأن المغرب سيقارن بإسبانيا والبرتغال اللتين تمتازان بتجربة سياحية عالمية، ما يفرض توفير مرافق عالية الجودة في الفنادق والمطاعم، وتطوير شبكات الطرق والمواصلات، بحيث تكون قادرة على استيعاب الأعداد الكبيرة من الزوار، مع تحسين وسائل التنقل داخل المدن وبين المناطق السياحية، والانفتاح على تجربة التطبيقات الذكية وإيجاد الصيغ القانونية لإدماجها في منظومة النقل الشرعية. كما أن تنظيم بطولة عالمية بهذا الحجم، يضيف المرصد، يشكل تحديا بيئيا يستدعي من المغرب وضع سياسات بيئية مستدامة، تشمل إدارة الموارد الطبيعية، وخفض استهلاك الطاقة والمياه، وتقليل النفايات والانبعاثات الضارة، ووضع مشاريع لإعادة تدوير الموارد، وتشجيع استخدامها الذكي، لضمان تراكم بيئي إيجابي للبطولة. ونبه المرصد إلى أن تأمين كأس العالم يتطلب من المغرب اعتماد استراتيجية شاملة تشمل إجراءات صارمة لضمان سلامة الزوار والمنشآت، ما يفرض تطوير خطة تنقل متكاملة تشمل وسائل النقل العام، وأماكن الإقامة، والمسارات السياحية لتجنب الاكتظاظ وتوفير تجربة آمنة ومريحة للجميع. كما أن تعزيز الجانب الأمني يتطلب البدء منذ الآن في توعية وتحسيس المغاربة بأهمية تنظيم كاس العالم وبالفرص التي يوفرها للمغرب في مساره التنموي ومدى انعكاساته الإيجابية عليهم، وبضرورة انخراطهم الواعي والمسؤول في إنجاح هذه التظاهرة.