لبنان دولة عربية، عضو في جامعة الدول العربية، الموجود مقرها الرسمي في العاصمة المصرية القاهرة، تتعرض منذ أيام لعدوان إسرائيلي غاشم (يوم 23 شتنبر 2024 صباحًا حسب توقيت لبنان وما يزال مستمرا)، حيث يسقط كل فترة زمنية مواطنات ومواطنون من جنسيات لبنانية وعربية مقيمة أو عابرة وجنسيات أخرى، ومن كل الأعمار والديانات، دون أن يكونوا أعضاء في حزب الله ولا صلة لهم به سوى العامل الجغرافي والانتماء لذات الوطن ولتنوع جغرافيته، كما يعم دمار العدوان الإسرائيلي البنيات التحتية والمساكن والمستشفيات والطرق والقناطر والمدارس….. والعالم قاطبة يتفرج، وعلى رأسه أعضاء الجامعة العربية، التي يوجد أيضا على حدودها مع الكيان الصهيوني جنود للأمم المتحدة، La Force intérimaire des Nations unies au Liban (ou FINUL) ، لم تكثرت بهم إسرائيل ولا بسلامتهم ولا طبيعة ومبررات تواجدهم القانوني في جنوبلبنان منذ عقود من الزمن بقرارات صادرة عن الأممالمتحدة، حيث دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس لوقف العدوان على لبنان، دون أي تفاعل إيجابي من الدولة المعتدية التي تحتقر المنظمة الأممية وتضرب بعرض الحائط ميثاقها والمهام والأدوار الموكلة لها لحفظ السلم ولتطبيق كافة القرارات الأممية الصادرة لفائدة الشعب الفلسطيني.. وحده الوزير الأول الإسباني بيدرو ساتشيز وصف يوم الأربعاء 9 أكتوبر 2024 الهجوم الإسرائيلي على لبنان بالغزو، مصرحا أنه هجوم إسرائيلي على لبنان وأنه لا يمكن للمجتمع الدولي أن يبقى غير مبال إزاء هذا الوضع، كما أعرب عن أسفه "لعدم وجود توافق حول الموضوع داخل الاتحاد الأوروبي، مستنكرا الصمت الأوروبي خلال نقاش في البرلمان، مصرحا خلال نقاش في البرلمان " من الواضح أنه حصل غزو من دولة أخرى لدولة ذات سيادة مثل لبنان، ومن تم لا يمكن للمجتمع الدولي أن يبقى غير مبال"، ولم يتردد الوزير الأول الإسباني عن التعبير عن عدم وجود توافق داخل الاتحاد الأوروبي بشأن الوضع في الشرق الأوسط، مضيفا: "يؤسفني ذلك لأنني أعتقد أنه فيما يتعلق بهذه القضايا، علينا أن نكون متماسكين ليس فقط عبر موقفنا وإنما في الدفاع عن القانون الدولي الإنساني" . هذه الردود أو بالأحرى هذا التفاعل الإيجابي تجاه ما تتعرض له دولة لبنان وشعبها والمقيمون فيها …. عربا وأجانب صادر عن رئيس حكومة غير عربية وغير عضو في جامعة الدول العربية، مما يوجب التساؤل عن أي موقف لأعضاء الجامعة العربية التي يقع مقرها في القاهرة عاصمة مصر ( التي يسمونها أم الدنيا)، مصر التي أبرمت أول اتفاقية سلام مع إسرائيل وطبعت مع الكيات الصهيوني الذي يهين مصر منذ هجومه على غزة المجاورة لترابها الوطني، واستهان بدور الوساطة التي قامت بها ( مع قطر) لوقف الحرب على غزة وعلى الضفة الغربية، بل أهان الوسطاء العرب المنتمين لجامعة الدول العربية، وعبرهم بهذه المنظمة الأقدم من، إسرائيل التي اصطنعتها القوى الاستعمارية المعروفة آنذاك وأعطتها أراضي ملك للشعب الفلسطيني…. فأي دور لجامعة الدول العربية في ما جرى ويجري في غزة وفي الضفة الغربية، كما نتجت عن اتفاق غزة أريحا في التسعينات ( عرف الإتفاق باسم اتفاق القاهرة 1994، حيث أعطت الإتفاقية حكما ذاتيا لفلسطين محدود في الضفة الغربية وقطاع غزة)، والتي لم تلتزم إسرائيل بمقتضياتها، بل دمرتها ودفنتها وتعمل على محوها من الواقع. وعليه والعالم يتابع العدوان على قطاع غزةوالضفة الغربية من حقنا التساؤل عن دور الجامعة العربية وما الذي قدمته لحماية الشعب الفلسطيني في غزة والضفة كما نظمته اتفاقية غزة أريحة؟ وما الغاية من وجودها في ظل استمرار الحرب على القطاع والضفة، وعلى الشعب الفلسطيني، الذي تجاوز عدد الشهداء فيه 40 ألفًا ويتصاعد يوما بعد يوم؟ وحاليا تؤدي دولة لبنان وشعبها وضيوفها الثمن أرواحا ومعطوبين وبنايات ومرافق حيوية كالمدارس والطرقات وأماكن العبادة والمرافق الإدارية ….. لاسيما أن لبنان عضو كامل العضوية في جامعة الدول العربية. وما الذي يبرر وجود الجامعة العربية إذا لم تستطع الدفاع عن أعضائها جميعا حيث ما أحوج لبنان اليوم لتحريك أدوار الجامعة العربية وتفعيل ميثاقها والتزاماتها التي عبر عنها في فبراير الماضي ممثلها الدائم لدى الجامعة العربية حين قال في كلمته: " إن لبنان يا سادة من مؤسسي الجامعة العربية، وقد كان له إسهامات على مدار السنين في تطوير العمل العربي، واعتماد سياسة الأخوة والتعاون مع كافة أشقائنا العرب دون استثناء. ولبنان الذي تعرفونه أيها السادة يئنُّ اليوم تحت سلسلة من الأزمات التي توالت عليه خلال العقد المنصرم، ولا يزال لغاية تاريخه في أفق مسدود، يتطلب مساندتكم بدرجة أولى". وأضاف ممثل لبنان في الجامعة العربية " معالي السادة الوزراء ..السادة الحضور.. إني أنتهز هذه الفرصة، ووجودي في هذا المجلس بين إخواني وأشقائي لأطلق صرخة باسم الشعب اللبناني التواق إلى إعادة بناء بلده وتكوين سلطاته الدستورية، وانتظام العمل السياسي والإداري. كما أطلق نداء لبنان لأشقائه العرب لمد يد العون له، في ظل أزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة في تاريخه، أدت إلى شبه تدمير كامل لبنيته التحتية والاقتصادية والخدماتية والبشرية، وأفرغت لبنان من مواطنيه وطاقاته البشرية وقدراته. فلماذا لا تتحرك جامعة الدول العربية اليوم بقوة وبسرعة للرد على العدوان الإسرائيلي الفاشي على لبنان وحماية شعبه من العدوان ووقف دمار بنياته البشرية والعمرانية، وتاريخه الراسخ كمجتمع تعددي. .