الجزائر كان لها حصّة أيضاً من تسريبات الوثائق الأميركية التي وصلت إلى «الأخبار». وأظهرت التسريبات الاهتمام الأميركي بالوضع العام في البلاد ومدى فعالية التحركّات المناهضة للولايات المتحدة، إضافة إلى عملية انتقال السلطة في الجزائر. فهناك وثيقة مؤرّخة في شباط 2008 وموجهة من السفير الأميركي في الجزائر روبرت فورد إلى مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الادنى ديفيد ولش، الذي كان في طور بدء زيارة إلى الجزائر. الرسالة تشرح الوضع القائم في البلاد، ولا سيما السجال حول تعيين نائب للرئيس الجزائري عبد العزيز بو تفليقة قبيل الانتخابات الرئاسية التي أجريت عام 2009. وأشار السفير حينها إلى رئيس الحكومة السابق (رئيس الحكومة الحالي) أحمد أو يحيى بصفته الشخص المناسب لخلافة بوتفليقة، الذي قال إن وضعه الصحي قد يمنعه من إكمال ولايته الثالثة (على اعتبار أن انتخابه عام 2009 كان محسوماً بالنسبة إلى الولاياتالمتحدة)، التي تنتهي عام 2014. الرسالة أيضاً تطرقت إلى الموقف الجزائري من الصراع في الصحراء الغربية بين النظام المغربي وجبهة «البوليساريو». ورأى فورد في شرحه لولش أن الحكومة الجزائرية «لا تريد تقويض الاستقرار في اليمن، وتدفع باتجاه استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية، التي لا تعتبرها الجزائر مهمة لإمساك العرش الملكي بالسلطة». ويضيف أن الجزائر «لا ترغب في شن اعتداءات مسلحة على المغرب، رغم أننا نشك في رغبتهم أو قدرتهم في منع البوليساريو من شن هجمات». وأضاف أن الحكومة الجزائرية «تنتظر نهاية فترة الإدارة الأميركية الحالية (إدارة جورج بوش) على أمل أن تكون الإدارة المقبلة أقل دعماً للمغرب». وفي وثيقة اخرى مؤرخة في كانون الأول 2009، تشير السفارة الأميركية إلى أهمية الجزائر في محاربة تنظيم «القاعدة» في الساحل الأفريقي والمغرب. وتقول «لا دولة أهم من الجزائر» في هذا المجال. وفي هذا المجال، تشير وثيقة صادرة في كانون الأول 2008 إلى أن السلطات الجزائرية نقلت إلى الولاياتالمتحدة معلومات دقيقة وذات مصداقية تتعلق بالتخطيط لهجوم انتحاري بسيارة مفخخة على السفارة الأميركية أو السفارة الفرنسية في الجزائر، وذلك خلال عطلة الميلاد ورأس السنة. وبناءً على المعلومات، تشير الوثيقة، تكثّفت الإجراءات الأمنية حول السفارتين والمصالح الأميركية والفرنسية. وتتطرق وثيقة أخرى في الشهر نفسه إلى الطلب الأميركي من الجزائر السماح لطائرات الاستطلاع «3-EP» بالتحليق فوق الأراضي الجزائرية لمراقبة تجمعات «تنظيم القاعدة في المغرب العربي» في موريتانيا ومالي. وتضيف أن الجزائر وضعت شروطاً للسماح بالتحليق، منها معرفة مسار التحليق، وهل سيكون هناك اختراق أيضاً للأجواء الموريتانية والمالية، إضافة إلى مراقبة تجمعات ل«القاعدة» في الأراضي الجزائرية، على اعتبار أن الجزائر لا ترغب في مثل هذا الرصد إلا إذا طلبت ذلك من الإدارة الأميركية. واهتم عدّد من الوثائق الصادرة في شباط 2009 بفضيحة اغتصاب ضابط سابق في السفارة لجزائريتين، وهو ما كشف عنه تحقيق لمحطة «إيه بي سي». وفي رسالة من السفير ديفيد بيرس إلى وزارة الخارجيّة، يشير إلى تأثر صورة الولاياتالمتحدة بالتقرير. ويدعو إلى ضرورة مراقبة توجهات وسائل الإعلام في المرحلة المقبلة لتحديد توجهات ردود الفعل، غير أنه في وثيقة أخرى مؤرخة في الشهر نفسه أيضاً، يشير السفير نقلاً عن «مصادر» (يبدو أنها جزائرية) إلى تطمينات بأن العلاقة بين الدولتين لن تتأثر بفضيحة الاغتصاب.