بدأت، الخميس، جلسات الاستماع بمحكمة العدل الدولية في مدينة لاهاي الهولندية في دعوى قدمتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل المتهمة بارتكاب "إبادة جماعية" في قطاع غزة. وطالب ممثل جنوب أفريقيا، إسرائيل بوقف الإبادة الجماعية فورا في قطاع غزة، مشيرًا إلى أن النكبة الفلسطينية مستمرة بسبب سياسة إسرائيل الاستيطانية التوسعية. وأكد أن نظام إسرائيل قائم على الفصل العنصري ونجح في الإفلات من العقاب لسنوات، موضحًا أن مستقبل الفلسطينيين في غزة يعتمد على قرار المحكمة في هذه الدعوى.
من جهته، أشار وزير عدل جنوب أفريقيا رونالد لامولا إلى أن تدمير حياة الفلسطينيين لم يبدأ في 7 أكتوبر بل منذ عام 1948، مؤكدًا أن الهجوم المسلح في 7 أكتوبر لا يبرر الجرائم ضد الإنسانية، فيما أشار إلى أن جنوب أفريقيا ستقدم أدلة على شروع إسرائيل في ارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة. وقالت محامية الادعاء عن جنوب إفريقيا، المحامية عديلة هاسيم، إن إسرائيل قصفت غزة برا وبحرا وجوا بشكل لم نألفه في تاريخنا المعاصر، وأن سلوكها لا يترك أي مكان آمن في غزة. وأضافت إن أعمال القتل الإسرائيلية كبيرة جدا وأن جثث الفلسطينيين تدفن في مقابر جماعية، مؤكدة أن إسرائيل أرغمت 85% من سكان غزة على النزوح. كما قالت إن الجيش الإسرائيلي يحتفي بتفجير الميادين والمنازل ويرفع العلم الإسرائيلي على حطامها. ترحيب فلسطيني قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، إن الشعب الفلسطيني يتطلع اليوم الخميس، إلى مرافعة جنوب افريقيا امام محكمة العدل الدولية، لمحاسبة إسرائيل على "جرائم الإبادة" تعتبر حدثا تاريخيا. وأشارت في بيان إلى أن "الشعب الفلسطيني وقيادته يتطلعون اليوم إلى مرافعة جنوب افريقيا امام محكمة العدل الدولية، باعتبارها حدثا تاريخيا لسيرورة النضال الفلسطينيوالجنوب افريقي المشترك في وجه الظلم، والإبادة الجماعية التي يتعرض لها شعبنا". وأضافت إن "المساءلة والمحاسبة لإسرائيل، سلطة الاحتلال غير الشرعي، باستخدام كافة الأدوات القانونية، ومن خلال مؤسسات العدالة الدولية، وإنفاذ القانون الدولي، هي المحور الرئيس للاستراتيجية القانونية لدولة فلسطين، وصلب الحراك الدبلوماسي والدولي". وتابعت "ما يشجع إسرائيل وأدواتها المختلفة على ارتكاب الجرائم وصولا الى ارتكاب والتحريض على ارتكاب جريمة الابادة الجماعية، سببه التخاذل الدولي وعدم اتخاذ خطوات عملية لمحاسبتها، وتماهي بعض الدول في التواطؤ في ارتكاب الجرائم من خلال الفيتو والدعم السياسي والعسكري". وعبرت الخارجية عن ثقتها بالمرافعة القانونية التي قدمتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل. وطالبت الدول الشقيقة والصديقة، المتسقة مع مبادئها ومبادئ القانون الدولي، لدعم جنوب افريقيا وخطوتها أمام محكمة العدل الدولية، وأن تقدم مرافعتها للمحكمة بعد الانتهاء من التدابير الاحترازية، والمؤقتة، انتصارا للعدالة ومنعا للإبادة. تخوف إسرائيلي ورغم أن إسرائيل تصف الاتهامات الموجهة إليها بأنها "تفتقر لأي أساس قانوني"، إلا أن هيئة البث الإسرائيلية الرسمية قالت، الجمعة الماضي، إن تل أبيب متخوفة من أن تصدر محكمة العدل الدولية، "قرارا بوقف الأعمال القتالية في قطاع غزة". كما أكدت وسائل إعلام إسرائيلية أخرى على وجود خشية جدية في المؤسستين الأمنية والنيابة العامة الإسرائيليتين من أن توجه المحكمة الأممية اتهامات لتل أبيب ب"الإبادة الجماعية". توقع مسؤولون في وزارة العدل الإسرائيلية، الخميس، أن تصدر محكمة العدل الدولية أمرا قضائيا ضد إسرائيل يشمل إجراء تحقيق مستقل، في الدعوى التي تقدمت بها جنوب إفريقيا متهمة تل أبيب بارتكاب "إبادة جماعية" في غزة، وفق إعلام عبري، في واقعة هي الأولى من نوعها. ونقلت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن مسؤولين لم تسمّهم، قولهم إن "هناك فرصة حقيقية للغاية بأن توافق المحكمة الدولية على مطالب جنوب إفريقيا، وأن تصدر أمرًا قضائيًا ضد إسرائيل". ولم توضح الصحيفة طبيعة الأمر القضائي الذي قد يصدر، لكنها نقلت عن المسؤولين أنه "يمكن للمحكمة أن تأمر إسرائيل بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وإجراء تحقيق مستقل (في تهم جرائم الإبادة)، أو للسماح للفلسطينيين المهجرين بالعودة إلى شمال غزة". وفي هذا الشأن تقول صحيفة "الغارديان" البريطانية، إن طلب جنوب أفريقيا لإصدار حكم مؤقت بالدعوى يتماشى مع الاتجاه الأوسع في محكمة العدل الدولية لمثل هذه الأحكام، إذ أن هناك مساع متزايدة في العقد الماضي للحصول على تدابير مؤقتة وقد أصدرت المحكمة تدابير مؤقتة في 11 قضية، مقارنة ب10 قضايا في الخمسين سنة الأولى من وجود المحكمة (1945-1995). مظاهرات شعبية وقبيل الجلسة، تجمع عشرات المؤيدين لفلسطين أمام مبنى المحكمة، رافعين علم فلسطين وهتفوا ب"وقف فوري لإطلاق النار" في غزة، استجابة لدعوات عدد من الحركات السياسية الناشطة ضد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وإلى دعوات صادرة عن حركات مناصرة للفلسطينيين في هولندا، إلى الجمهور الهولندي للوجود أمام المحكمة يومي الخميس والجمعة. ورفع المشاركون في التجمع علم فلسطين وهتفوا ب"وقف فوري لإطلاق النار"في غزة. وفي 29 ديسمبر الماضي تقدمت جنوب إفريقيا بدعوى من 84 صفحة، تعرض خلالها دلائل على انتهاك إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال لالتزاماتها بموجب ميثاق الأممالمتحدة، وتورطها ب"ارتكاب أعمال إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة". وكانت إسرائيل وافقت على المثول أمام المحكمة بذريعة أنها تريد "دحض" ما وصفتها بالاتهامات "السخيفة التي تفتقر إلى أي أساس واقعي أو قانوني". ومن المتوقع أن تقرر المحكمة وهي الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة لاحقا، كيفية سير مداولاتها في هذه القضية.