لكم.كوم- اقتحمت مجموعة من "الكراكرز" أمس الأحد حوالي الساعة الخامسة بعد الظهر، مبنى في أمستردام تملكه الحكومة المغربية. وما تزال هذه المجموعة التي تتكون من خمسين فردا، تحتل هذا المبنى التاريخي الذي كان في ملكية جامعة أمستردام قبل أن تبيعه هذه الأخيرة للملكة المغربية بمبلغ 2 مليون و200 الف اورو، اي ما يعادل 2 مليار ونصف مليار سنتيم مغربية. وبحسب الوثائق التي حصل عليها القسم العربي بإذاعة هولندا العالمية، فإن المبنى اشترته السفارة المغربية قبل ثلاث سنوات بتاريخ 11 اكتوبر 2010 لإنشاء مركز ثقافي مغربي. هذا المشروع أطلقه وزير الجالية السابق محمد عامر الذي دشن أيضا مركزين ثقافيين في كل من بروكسيل ومونريال لا يعمل اي واحد منها حتى الآن. احتلال الملك العمومي والخاص "الكراكرز" حركة احتجاجية ظهرت في الثمانينات في هولندا مع استفحال أزمة السكن. وكانت تستولي على البيوت والمباني الشاغرة بهدف السكن فيها مع كل من ليس لديه مأوى. وإلى الوقت الراهن ما يزال "الكراكرز"، وهم ظاهرة هولندية بامتياز، يستولون على المباني الفارغة، وخاصة في المدن الكبرى، وتقف السلطات المحلية عادة عاجزة أمامهم رغم أنها تقطع عنهم الماء والكهرباء والخدمات الأخرى. ملاك المباني الأصليين هم من يتوجب عليهم رفع دعوى قضائية لإخراجهم، بعد تقديم ضمانات على أن المبنى لن يضل فارغا. وأحيانا تتغاضى السلطات المحلية عن أنشطة "الكراكرز" لإرغام اصحاب البنايات الفارغة في المدن على استغلالها تجاريا بدل تركها فارغة. وكانت الحكومة الهولندية قد صوتت قبل سنتين لتجريم "احتلال البنايات الفارغة"، إلا ان الاخلاء يبقى تحت سلطة البلديات. هدر المال العام حتى كتابة هذه السطور، ما تزال البناية محتلة، ومن المؤكد أن السفارة المغربية ستعاني الأمرين لإخراج "المحتلين" من قطعة أرض تعود في الواقع للمغرب. بناية جميلة تقع في احد أرقى الأحياء في أمستردام كان من المنتظر أن تكون مركزا ثقافيا مغربيا. هذه كانت واحدة من أفكار الوزير محمد عامر الذي كلف مولاي الحسن البدراوي، مكلف بمهمة لدى وزارة الجالية، بشراء البناية. وقد تم تمرير هذا المشروع إبان الحكومة السابقة حيث خلا قانون المالية لسنة 2013 من اي اعتماد مادي مخصص للمراكز الثقافية، بحسب الوثائق التي حصلنا عليها. وقد اتصلنا بالسفارة باعتبارها المالك الرسمي للبناية للاستفسار، فأحالتنا على قنصلية امستردام التي كانت مكلفة بإعداد مشروع المركز الثقافي. وفي اطار متابعتنا للموضوع قمنا بزيارة البناية ليلا وعانينا جمالية المبنى في شكله الخارجي، إلا أنه شبه خراب من الداخل. تقديرات إصلاح البناية تصل إلى اكثر من ثمن البناية، أي حوالي ثلاثة مليون اورو، حسب ما أكده مهندس معماري اتصلت به هنا أمستردام. وقد تم اخير الحصول على رخصة البناء والاصلاح من طرف البلدية، والرخصة فقط كلفت اكثر من 50 الف يورو. وقد تبين خلال عملية اصلاح المبنى ان نسبة الرصاص فيها تفوت النسبة المسوح بها صحيا، مما اضطر الى اعادة ترميم الارضية من جديد. وكنا قد اتصلنا في وقت سابق بالسيد مولاي الحسن البدراوي المكلف بمهمة شراء وتتبع المراكز الثقافية بوزارة الجالية للاستفسار عن هذه المبالغ الضخمة، ورفض تقديم ايضاحات طالبا منا كتابة رسالة رسمية للوزير المعني بالأمر. مراكز ثقافية فارغة في آخر لقاء لنا مع السيد عبد الطيف معزوز وزير الجالية طرحنا عليها سؤالا حول مصير المركز الثقافي المغربي في امستردام، وأوضح الوزير في جوابه أن تأخير العمل بالمراكز سببه التفكير في استراتيجية عمل خاصة بالمراكز الثقافية. وعبر لنا ديبلوماسيين وأطر بوزارة الجالية أن الوزير الحالي "ورث" مشروع المراكز الثقافية من سلفه عامر الذي خصص اعتمادات ضخمة لبنايات في احياء راقية لا علاقة لها بالشريحة المغربية المقصود استهدافها. ورغم الاعتماد المالي الضخم لوزارة فقيرة مثل وزارة الجالية، فإن المركز الثقافي المغربي ببروكسيل لا يعمل بسبب انسحاب الدولة البلجيكية من المشروع. أما مديرة المركز الثقافي بموريال السيدة الزيلاشي فقد تم إحالتها للعمل كقنصل بموريال، نظرا لعدم وجود اي استراتيجية او مشروع عمل للمركز. ينشر باتفاق تعاون وشراكة مع موقع: هنا أمستردام