تحرير ارادة الشعوب لتمتلك مصيرها، لا يلتقي يالضرورة مع استدعاء منطق المؤامرة الخارجية لتحليل المتغيرات الداخلية لأن ذلك قد يتحول مع تكراره والارتكان اليه الى نزعة تبريرية ذرائعية تقتل المبادرة وتغيب نفس التحول والتغيير، ومع ذلك فإن ما يحدث في مصر حاليا لا يمكن أن يكون ترتيبا داخليا قادت اليه أحداث غير متحكم فيها. رغم محاولات السيسي وهو العسكري الذي يخطب في الناس محللا الوضع الذي يملك مفاصله، اقناعنا بعكسه، مقسما الايمان انه لاينسق مع اية جهة خارجية في اتخاذ قرارات الانقلاب والفتك بالمعارضين، والسيسي نفسه هو الذي لم يتردد في حديثه مع وسائل الاعلام الامريكية على التأكيد أنه كان دائم الاتصال بالادارة الامريكية يشكو اليها ما يسميه عجز مرسي وقلة خبرته. يقود أكثر من سيناتور امريكي وعلى رأسهم المرشح الجمهوري السابق جون ماكين حملة ضد ادارة اوباما متهمين إياها صراحة بدعم الانقلاب والتردد في مواجهة الاعمال الاجرامية التي أعقبته ضدا على الضوابط القانونية التي تحكم العلاقات الخارجية للولايات المتحدةالامريكية خاصة ما يتعلق منها بالانقلابات العسكرية وإجهاض المسارات الديموقراطية. انه مخطط واضح الملامح تقوده الولايات المتخدة الامريكية لتقويض الثورات العربية وإعاقة استكمال اركان العملية الديموقراطية في بلدانها مما ينبئ يمخاطر نضج المؤسسات الحاكمة واستقلاليتها عن التوجيه الامريكي، وهو ما يصطدم بمصالح القوة العالمية الاولى خاصة إذا ما كانت نتائج العملية الديموقراطية في أغلب البلدان بعد تحرير ارادة شعوبها تقود الاسلاميين الى الحكم، وهم الفصيل الدي تخشى الولاياتالمتحدةالامريكية نزوعاته المستقلة والتحررية والمنحازة الى أصوات الشعوب التي لا تتناغم مع المصالح الامريكية والاسرائلية الاستحوادية والتسلطية، ولتكتمل ملامح المخطط الانقلابي على الديموقراطية الناشئة في بلدان اعتبرت على الدوام مجرد ملحقات تسير عن بعد من قلب واشنطن، تمت الاستعانة بالنطامين السعودي و الاماراتي، الذ خصوم الديموقراطية العربية وأكثر المتهيبين من تداعياتها وامتداد رياحها. إن التنديد بما يحدث في مصر من إجرام في حق الانسان والديموقراطية والشرعية، ليس بالضرورة دعما للإخوان المسلمين أو تبنيا لمشروعهم السياسي بقدر ماهو تصد لمخطط دولي يروم حرمان شعوب المنطقة بأكملها من امتلاك قرارها وبناء نهضتها وتنميتها. البدء من مصر تبرره رمزيتها ومركزيتها في المنطقة العربية ولا شك ان المخطط الذي انطلق ، لن يتوقف في مصر إذا ما خضعت الشعوب لصوت الرصاص وعنجهية العسكر. إن الوقوف الى جانب الشعب المصري اليوم، وقوف الى جانب كل الشعوب التواقة للحرية والكرامة والديموقراطية والتخلص من قيود القهر والاستبداد، مهما اختلقت التوجهات السياسية وتباينت المرجعيات الفكرية والايديولوجية. إن ما يوحدنا اليوم هو التصدي لمخطط يستهدف مشاريع الدمقرطة والتغيير