الحكومة تصادق على دمج " كنوبس" في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي    التنسيق النقابي للأطر الصحية يتوعد الحكومة بالتصعيد احتجاجاً على خرق اتفاق يوليوز    مجلس الجالية المغربية يتفاعل مع الخطاب الملكي    ياسين بونو بين كبار اللعبة بمتحف أساطير كرة القدم بمدريد    الحكومة تصادق على نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024.. مجموع المغاربة هو 36.828.330 نسمة    مورو يدشن مشاريع تنموية ويتفقد أوراشا أخرى بإقليم العرائش    ندوة وطنية بمدينة الصويرة حول الصحراء المغربية    نزهة بدوان نائبة أولى لرئيسة الكونفدرالية الإفريقية للرياضة للجميع بالإجماع    أسئلة لفهم مستقبل فوز ترامب على بنية النظام الدولي ومَوقِف الدول العربية    انتخاب المغرب بالأغلبية لتولي منصب نائب رئيس منظمة الأنتربول عن القارة الإفريقية    البنيات التحتية الأمنية بالحسيمة تتعز بافتتاح مقر الدائرة الثانية للشرطة    يغيب عنها زياش وآخرون.. مفاجآت في تشكيلة الأسود قبل مبارتي الغابون وليسوتو    هذه برمجة الدورة ال21 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش    إطلاق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    مؤشرات إيجابية نحو إنهاء أزمة طلبة الطب واستئناف الدراسة    استعدادات المنتخب الوطني: الركراكي يعقد ندوة صحفية وحصة تدريبية مفتوحة للإعلام    منصف الطوب: هذا ما تحتاجه السياحة لتواصل صورتها اللامعة    إصلاح الضريبة على الدخل.. المحور الرئيسي لمشروع قانون المالية 2025    بنسعيد يزور مواقع ثقافية بإقليمي العيون وطرفاية    بوجمعة موجي ل"رسالة24″ : يجب تعزيز الرقابة وحماية المستهلك من المضاربين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    ضبط عملية احتيال بنكي بقيمة تتجاوز 131 مليون دولار بالسعودية    شخصيات رياضية تكرم محمد سهيل    جو بايدن يشيد بهاريس رغم الخسارة    سفير أستراليا في واشنطن يحذف منشورات منتقدة لترامب    قانون إسرائيلي يتيح طرد فلسطينيين    جدري: القطاعات التصديرية المغربية كلها تحقق قفزة مهمة    كلميم تطلق تشييد "مركب لالة مريم"    "خطاب المسيرة".. سحب ضمني للثقة من دي ميستورا وعتاب للأمم المتحدة        تظاهرات واشتباكات مع الشرطة احتجاجا على فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية    نجم منتخب أوروغواي السابق دييغو فورلان يحترف التنس    وزارة الصحة تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    أولمبيك مارسيليا يحدد سعر بيع أمين حارث في الميركاتو الشتوي    محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بتهمة "التجاهر بالفاحشة"    بعد رفعه لدعوى قضائية.. القضاء يمنح ميندي معظم مستحقاته لدى مانشستر سيتي    التّمويل والصّيانة تحديات تحاصر أجرأة مشاريع برنامج التنمية الحضرية لأكادير    300 ألف تلميذ يغادرون المدرسة سنويا .. والوزارة تقترح هذه الخطة    إحصاء 2024 يكشف عن عدد السكان الحقيقي ويعكس الديناميكيات الديموغرافية في المملكة    إعطاء انطلاقة خدمات مركز جديد لتصفية الدم بالدار البيضاء    لأول مرة.. شركة ريانير الإيرلندية تطلق خطوط جوية للصحراء المغربية    "الحرمان من الزيادة في الأجور" يشل المستشفيات العمومية ليومين    مزور: المغرب منصة اقتصادية موثوقة وتنافسية ومبتكرة لألمانيا    انخفاض عدد المناصب المحدثة للتعليم العالي إلى 1759 منصبا في مالية 2025    الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يبرمج تسهيلات مهمة للمتقاعدين    دراسة: أحماض أوميغا 3 و 6 تساهم في الوقاية من السرطان    انطلاق الدورة الثالثة عشرة للمهرجان الدولي لسينما الذاكرة المشتركة بالناظور    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    ابتسام بطمة ترد على شائعات العفو الملكي    برنامج يخلد المسيرة الخضراء بمونتريال    "مهرجان سينما الذاكرة" يناقش الدبلوماسية الموازية في زمن الذكاء الاصطناعي    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة        كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شذوذ الأحزاب و منظومة الفوضى
نشر في لكم يوم 13 - 08 - 2013

مباشرة بعد اعتلائه سدة الحكم، حرص العاهل المغربي على التأسيس لتصور جديد لمفهوم الدولة و علاقتها بالمواطنين حيث عمد إلى اتخاذ مجموعة من القرارات الرامية إلى تصحيح مسار الديمقراطية بالمغرب.
بوادر هذا التصحيح بدت جلية بعد أن عمل العاهل المغربي على اتخاذ مجموعة من القرارات النوعية من قبيل تفعيل صندوق التعويض عن الاعتقال التعسفي و رفع الإقامة الجبرية عن الشيخ عبد السلام ياسين مؤسس جماعة العدل و الإحسان و خاصة إبعاد اسم إدريس البصري أحد رموز سنوات الرصاص.
كان واضحا أن العاهل المغربي مدرك تمام الإدراك على أن النهوض بالبلاد و الرفع من وتيرة تنميتها الاقتصادية و الاجتماعية يستلزمان مجهودا جبارا تنخرط فيه جميع الفعاليات السياسية بصلاحيات موسعة لأجل التأسيس لمغرب قوي بمؤسسات قوية و فاعلة خاصة بعد الفشل الذريع التي منيت به تجربة التوافق برئاسة الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي و التي وضعت الاقتصاد الوطني على حافة الانهيار و الإفلاس.
أرسل العاهل المغربي إشارات واضحة إلى كل الفاعلين السياسيين بغية خلق ميثاق توافقي يضطلع فيه كل طرف بصلاحياته كاملة غير منقوصة و يتحمل مسؤوليته أمام الله و التاريخ.
كان من المفترض أن تتخلص الأحزاب و النقابات "الوطنية" من ممارساتها القبيحة و أن تتجرد من عادتها المفضوحة في التسابق في اظهار الولاء بأن تنتقل إلى القرى و الحواضر للوقوف على مطالب مختلف الشرائح الاجتماعية و اكتساب التعاطف الشعبي و التجاوب معها.
للأسف، عجزت منظومة الأحزاب و النقابية الوطنية التي تربت على التفاهة السياسية و تخلقت بأخلاق الوصولية و الانتهازية عن مواكبة تحديات المرحلة و فشلت في إرساء ثقافة سياسية تقترب بها من نبض المواطن و تقف على مطالبه فحولت الممارسة السياسية إلى مرتع للبذاءة و مسرح لتطاحن سياسي تغيب فيه القواعد و تنتشر فيه المصائد.
نجحت أحزابنا السياسية و نقاباتنا المهنية في التأسيس لثقافة الشذوذ السياسي بعد أن جعلت من الشعبوية و التنابز السياسي شعارها الرئيسي لتفتح خنادق مستمرة من المواجهات السوقية و المبتذلة.
هكذا تنصلت الاحزاب السياسية من مسؤولياتها ليتحول المشهد السياسي إلى "دلالة" انتخابية يحتدم فيها خطاب تصفية الحسابات الشخصية الضيقة و يغيب عنها الصالح العام.
إذا كان المشهد مفهوما غير مبهم بالنسبة للأحزاب الإدارية بحكم أنها تربت في كنف المخزن و اقتاتت من ريعه فإن مواقف أحزاب طالما نعتت بالوطنية و المستقلة باتت مبهمة غير مفهومة سيما و أنها صارت مخزنية أكثر من المخزن نفسه حريصة على تصنع الولاء من أجل تحقيق المكاسب.
اتساع دائرة الهزالة السياسية ستتولد عنه حالة من فقدان الثقة لدى المواطن العادي اتجاه المكونات الحزبية و النقابية ما ترتب عنه مقاطعة كبيرة لكافة الاستحقاقات الانتخابية التشريعية و الجماعية على حد سواء.
ظهور تيار الإسلام السياسي سيعطي للعملية السياسية دينامية جديدة و سيبعث لدى المواطن نوعا من التفاؤل الحذر بعد أن أسس التيار الإسلامي لخطاب جديد بعيد عن لغة الإسفاف و التسفيه.
صعود نجم حزب العدالة و التنمية سيدفع المخزن إلى استدعاء جيشه من السياسيين الموزعين عبر عدد من الاحزاب الوطنية للتكتل في حزب إداري قوي و متماسك.
في سابقة فريدة لم يشهدها تاريخ الديمقراطية بالعالم، سيتمكن الحزب الإداري الوليد من الحلول على رأس الانتخابات الجماعية بعد أن اكتسح معظم المناطق القروية.
لأول مرة في تاريخ المغرب ستتوحد أحزاب التيار اليساري و الإسلامي على كلمة سواء بعد أن اعتبرت العملية بمثابة ارتداد عن الديمقراطية ليتحول المشهد السياسي إلى مجال خصب للتخبط و التطاحن السياسي.
استعراض العضلات و خطاب الاستعداء سيتعاظم عقب الانتخابات التشريعية الاخيرة التي حملت حزب العدالة و التنمية على رأس الحكومة حيث أظهرت الاستحقاقات الانتخابية تراجع شعبية عدد من الأحزاب اليسارية و الإدارية.
تنصيب عبد الإله بنكيران على رأس الحكومة المغربية سيخلق غليانا شديدا داخل المشهد السياسي المغربي بعد أن تحول البرلمان المغربي إلى مسرح للملاسنات و المواجهات المفتوحة و الغير المفتوحة.
هكذا سيتحول غليان المشهد السياسي إلى داخل الحكومة بنفسها خاصة مع صعود حميد شباط للأمانة العامة لحزب الاستقلال و الذي جعل من بنكيران شعارا انتخابيا له ففتح خندق المواجهة على رئيس الحكومة الذي تحاشاه و باعه "النخال".
بقدرة قادر، سيتمكن شباط من فض التحالف الحكومي و الدخول في حرب سياسية مع حزبي العدالة و التنمية و التقدم و الاشتراكية.
نفس المسار سار عليه زعيم الاتحاد الاشتراكي الذي ما فتئ يوجه سلاحه السياسي إلى الحكومة و رئيسها سيما بعد أن وضع يده في يد حليف الامس القريب.
تبين مع الوقت أن الاحزاب المغربية لا تجيد إلا لغة الإسفاف و التطاحن السياسي و هو ما تأكد بالملموس بعد قرار العفو الذي هم المغتصب الإسباني ففي الوقت الذي برهن فيه العاهل المغربي عن رصانة سياسية بعد أن أقدم لأول مرة على إلغاء أحد قرارته و عهد إلى لجنة تحقيق الكشف عن ملابسات القرار أفضت إلى إقالة حفيظ بنهاشم لقاء ما سمي بتقصير إداري، أصرت الاحزاب المغربية على التزام الصمت المطبق و "الدخول سوق جواها" تجنبا لأي تصريحات قد تعرضها لرد مخزني.
المضحك في كل الحكاية، تصريحات أحزاب المعارضة بعد أن كالت أشنع الاتهامات إلى الحكومة في شخص رئيسها و وزيره في العدل و حملتهما المسؤولية كاملة عن قرار العفو.
اتهامات باطلة تعكس قصر نظر أصحابها و امتطائهم للطرف الأضعف في المعادلة السياسية فبدل الدعوة إلى إجراء تحقيق نزيه و شفاف يعاقب المسؤولين عن هذه الزلة مهما بلغت حظوتهم، أمعنت في شذوذها السياسي و اختارت لغة استقطاب فاشلة.
للأسف، لم تفهم الأحزاب المغربية أن بناء مغرب الحداثة رهين بأحزاب قوية تتحمل مسؤولياتها قادرة على إثبات جدارتها لقطع الطريق على سلطة الدولة العميقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.