قالت جمعية "أطاك" المغرب إن الحرب في أوكرانيا كشفت عن تداعيات التبعية الغذائية والطاقية البنيوية للاقتصاد المغربي وحجم الدمار الاجتماعي الناجم عن السياسات النيوليبرالية المتبعة ببلادنا منذ عقود. وأشارت الجمعية في بيان صادر عنها بمناسبة فاتح ماي، أنه رغم اعتراف "النموذج التنموي الجديد" بفشل هذه السياسات على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية فإنه يوصي بمواصلتها، بل بتعميقها من خلال الارتكاز على المديونية وفتح البلاد للسلع والرساميل الأجنبية عبر ما يسمى بالتبادل الحر، وتوسيع مجال أرباح الرأسماليين المحليين والأجانب. وأبرزت أن غلاء الأسعار ينزل بكل ثقله على القدرة الشرائية للطبقة العاملة، مشيرة " أن الحاكمين قاموا أولا، بإلغاء الدعم عن أسعار المحروقات بشكل كلي في دجنبر 2015 في نفس الوقت الذي توقف فيه نشاط مصفاة لا سامير التي باعتها الدولة الى القطاع الخاص في 1997. وأكدت الجمعية أن قرار التحرير كان لصالح مجموعات رأسمالية كبيرة محلية (على رأسها شركة أخنوش، إفريقيا) وأجنبية التي تحقق أرباحا هائلة على حساب القدرة الشرائية لغالبية الفئات الشعبية. ولفتت إلى أن الدولة تواصل مخططها لضرب ما تبقى من صندوق دعم مواد الاستهلاك الرئيسية (صندوق المقاصة) بتحرير تدريجي لأسعار السكر والقمح وغاز البوتان، ثم جاء قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص (2014-2015) ليفوض للقطاع الخاص مهمة القيام بخدمات عمومية خاصة في قطاعي الصحة والتعليم وجعلها مجالات لمراكمة الأرباح، وستتوسع هذه الخصخصة لتشمل خدمات أخرى كالتدريس والتمريض وغيرها. وأضافت أنه بالنسبة لقطاع الصحة، سبق للدولة أن ضربت مجانية الخدمات الصحية عبر مرسوم 30 مارس 1999، وأبانت جائحة كورونا عن الخصاص المهول في الخدمات الصحية العمومية وفي الأطقم الطبية، وتلجأ الآن الى فتح المجال أمام الرأسمال الأجنبي وتشجيع الاستثمارات الخاصة التي ستكون فاتورتها عالية للشرائح الشعبية. وسجلت أنه في التعليم، تجلى ضرب الطابع العمومي وتدهور جودته في تشجيع الدولة للقطاع الخاص وتخليها التدريجي عن القطاع العام، وتعد الدولة مشروع "النظام الأساسي لمهن التربية والتكوين" الذي يستهدف مقومات الوظيفة العمومية في التعليم، ويعمق تسليعه ودعم الاستثمار الخاص، مؤكدة أن معاناة الأسر الكادحة ستزداد مع الأسعار الباهظة التي تفرضها مؤسسات التعليم الخصوصي، علاوة على ارتفاع أثمان اللوازم المدرسية. وشددت الجمعية على أن النموذج الزراعي التصديري المعتمد ورغم صرف الملايير من المالية العمومية، لا يوفر اليوم حتى غذاءنا الرئيسي، فالصادرات الغذائية لا تغطي سوى قرابة نصف الواردات الغذائية التي يشكل منها القمح أكثر من الثلث في السنوات العشر الأخيرة، وفي 2020 فاقت واردات المغرب من الحبوب من الاتحاد الأوروبي صادراته من الطماطم الطرية إليه، وينتج عن هذا الوضع ارتهان غذائنا بتقلبات البورصات العالمية وارتفاع دائم لتكاليف العيش اليومية.