يخبرنا التاريخ أن التغيير يكون وراءه غالبا الأفراد وليس الجماعات، فكم من دول وإمبراطوريات وحتى ديانات، اكتسحت رقع جغرافية واسعة وامتدت سطوتها لقرون من الزمن، ابتدأت مع فرد أو نفر قليل جدا من الناس امنوا بإمكانية التغيير، ومن كان يتوقع مؤخرا ما حدث في تونس وليبيا ومصر والمغرب وسوريا والبحرين والأردن، وما سيحدث، فقط لأن بائعا متجولا أحرق نفسه في دولة كتونس، مناسبة القول بهذا هو ما يحدث مند عقود بالمغرب وخاصة ما يحصل مؤخرا من استهتار بالأمازيغ، ومن قمع لهم وحرمانهم من حقوقهم بعد عقود من الحكرة والإظطهاد، إذ كيف يعقل أن تلجأ الدولة لانتزاع الأعلام الأمازيغية من يدي شباب أتوا ليحتفوا بمجموعات غنائية أمازيغية في مهرجان كموازين، إن الذين أقدموا على ذلك الفعل وعلى تصرفات مماثلة من قبل يكرسون قناعة لدى ملايين الأمازيغيين، بضرورة أن يضعوا علمهم حيث لن تطاله يد الإهانة، وإذ نلتفت إلى ليبيا أو حتى أزاواد ونرى العلم الأمازيغي مرتفعا فوق الدبابات والمدرعات، فإننا نتساءل عن طبيعة الأفكار التي يريد المسؤولون في هده البلاد غرسها بممارساتهم العنصرية والمتسلطة في أدهان الملايين من الأمازيغ. بالتأكيد يعيش البعض فوبيا خروج شعب يسمى الشعب الأمازيغي بالمغرب، ليسعى كي ينشئ تنظيماته السياسية على غرار الجمعوية، ويهدف للتحرر الكلي والتخلص من أكذوبة العيش المشترك في وطن واحد، ووهم الغنى في التعدد الذي بقي لحدود الآن مجرد شعارات، لإخفاء واقع مزري لملايين من الأمازيغ محرومون من كل حقوقهم الثقافية واللغوية والإقتصادية والإجتماعية والسياسية، بل يحرمون حتى من حقهم في رفع علمهم رغم أنهم ليسوا دعاة انفصال، على غرار ما يحدث مع الصحراويين مثلا الذين تغدق عليهم الدولة المغربية الملايير، وتوفر لهم المنح والسكن الجامعي وحتى ما يشبه تعويضات عن البطالة، كما يتم توظيفهم بشكل مباشر، ورغم كل ذلك يخرجون بأعلام الجمهورية العربية الصحراوية الوهمية ضد إخوانهم العرب العروبيين الذين يحكمون المغرب ويضطهدون الأمازيغ. هل يسعى المسؤولون المغاربة بغض النظر عن موقعهم في هرم السلطة، إلى إقناع الأمازيغ بالمغرب بما مفاده أن الطريق إلى حقوقهم يجب أن يكون كطريق إخوانهم في ليبيا، أو يسيروا على نهج الشعب الصحراوي المتوهم، لكي ينالوا حقوقهم، إن النخبة السياسية المغربية بمختلف تلاوينها ومواقعها تدرك جيد أي نوع من أنواع العنصرية مورست على الأمازيغ، ولكم من الوقت ومن طرف من، كما أنهم متأكدون من أن دلك يخرق بشكل كلي حقوق الإنسان، وضد أي مبدأ من المبادئ والقيم التي يتغنون بها ليل نهار، ولا يحتاجون لدروس في عدالة القضية الأمازيغية وحقوق الأمازيغ فهم يعرفون دلك حق المعرفة، لكن على ما يبدوا من خلال ما يجري حاليا بالمغرب سواءا أقام به النظام المغربي، أو الأحزاب المغربية أو من يدور في فلكها من جمعيات وغيرها، يريدون أن يكرسوا قناعة لدى الأمازيغ مفادها أن الوسيلة الوحيدة لينالوا حقوقهم، هي بأن يشكلوا خطرا وتهديدا حقيقيا لأمن النظام المغربي ولمصالح اللوبيات المتحكمة في مختلف دواليب. إن العبرة بالأعمال، والأفعال أكثر صوتا من الأقوال، وما نتجه إليه من قناعات كأمازيغ يوما بعد آخر هو أن الحاكمين بالمغرب لا يفهمون غير لغة الخوف والقوة، فنحن الأمازيغ محرومون لعقود من الحديث بلغتنا وتسمية أبناءنا بأسماء أمازيغية وممنوعون من تأسيس حزب سياسي والعلم الأمازيغي محضور، وإعلامنا وجمعياتنا محرومة من أي دعم عمومي، فإلى أي طريق يسعى النظام المغربي ليدفع بالأمازيغ إليه، مادام يتجه نحو تكريس قناعة لديهم مفادها أن عليهم البحث عن وسائل أخرى للنضال من أجل حقوقهم، وتغير آليات اشتغالهم حاليا. نتساءل حقا، هل النظام المغربي يدفع عن قصد الأمازيغ بالمغرب ليقتنعوا صراحة بأن اللجوء إلى المقاومة العنفية هي السبيل الوحيد لإنتزاع حقوقهم، يبقى سؤالا وجيها ومعقولا بناءا على ممارسات النظام وسياساته، لكن بالتأكيد الأمازيغ يتبنون نضالا لا عنفيا، وسيستمرون على نفس النهج، لكن من يدري إن إستمرت سياسة النظام المغربي وأحزابه إتجاه الأمازيغ، فقد يظهر دلك الفرد أو النفر القليل من الناس الذين سيصنعون مستقبلا آخر للأمازيغ لا يخطر ببال النظام ومن معه، والتغيير الحقيقي يأتي دوما من حيث لا نحتسب، كما أن الثابت الوحيد هو التغيير. وثمن ما يتم زرعه حاليا سيكون حصاده مريرا.