سجلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، تنامي أشكال العنف ضد النساء، وسط ضعف الحماية القانونية لهن، مطالبة بمراجعة شاملة لقانون مكافحة العنف ضد المرأة، وإحداث تغيير جدري و شامل للتشريع الجنائي، بما يضمن الكرامة الإنسانية للمرأة ويحميها من التمييز والعنف. وأشارت أكبر جمعية حقوقية بالمغرب في بيان لها بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أن هذه المناسبة تحل في سياق يتسم بالهجوم الممنهج على مكتسبات الشعب المغربي، وبتصعيد الهجوم على الحقوق والحريات العامة والحريات الفردية، واتساع عنف الدولة المنظم على كافة الأصعدة، وهو ما كانت وطأته أشد على وضعية النساء جراء التمييز ضدهن. وأبرزت الجمعية الانخراط القوي للنساء في معظم الحركات الاحتجاجية التي تشهدها عدد من المدن والقرى، ونضالهن ضد سياسات التفقير والتهميش، في حين يواجهن بعنف سياسات القمع والمنع والحصار، وهو ما يتناقض تماما مع تضخم الخطاب الرسمي حول مكافحة العنف ضد المرأة، ما يعكس غياب إرادة حقيقية لدى الدولة المغربية في القضاء على العنف ضد المرأة. وانتقدت الجمعية الحقوقية الإبقاء على التحفظات والإعلانات بشأن اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة بدعوى الخصوصية والدستور، مما يشكل اعترافا أن أسمى قانون للبلاد لا يوفر مرجعا لبلورة سياسة تشريعية لفائدة المساواة ومناهضة التمييز والعنف ضدهن، مما يتطلب تغييره بما يتلاءم مع المرجعية الكونية لحقوق الإنسان الضامنة للحقوق والحريات والمساواة بين الجنسين. وسجل البيان ضعف الحماية القانونية للنساء من العنف، فالقانون الجنائي في صيغته الحالية لا يوفر الآليات الكفيلة لحماية النساء من العنف، و تغييب مفهوم العنف الموجه للمرأة ككيان مستقل، مما يشكل مسا بالكرامة الإنسانية للمرأة، فيما جاء قانون مكافحة العنف ضد المرأة محكوما بنظرة اختزالية ومضللة لمفهوم العنف، واعتماد المقاربة الزجرية وتهميش آليات الحماية والتكفل. وأكدت الجمعية وجود استغلال مفرط لليد العاملة النسائية في المؤسسات الشغلية، و التحرش الجنسي في أماكن العمل، واتساع دائرة الفقر والعطالة وسط النساء نتيجة التسريح الجماعي وإغلاق المؤسسات الشغلية سواء في القطاع الصناعي أو الفلاحي، غضلا عن تواتر حالات الوضع للنساء الحوامل على قارعة الطريق أوفي بهو المستشفيات، وتعرض العديد منهن لمخاطر وفيات الأمومة أو المواليد، بسبب الحرمان من حق الولوج للمؤسسات العلاجية. كما نبهت الجمعية إلى ارتفاع حالات العنف الجنسي بما فيه الاغتصاب، والزواج القسري، والعنف الزوجي الذي أدى في عدد من الحالات إلى انتهاك الحق في الحياة، مع تزايد ظاهرة اغتصاب القاصرات وغياب أحكام قضائية منصفة لصالح الضحايا. وأكد حقوقيو الجمعية على أن أي مشروع يستهدف مكافحة العنف ضد المرأة يقتضي اعتماد مقاربة شمولية عند وضعه، مجددة مطالبها بالرفع العملي لكافة صيغ التحفظ على اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة، والتنصيص دستوريا على المساواة بين الجنسين في كل الحقوق، وعلى سمو المواثيق الدولية على القوانين الداخلية للبلاد بدون أي قيد أو شرط، ناهيك عن محاربة ثقافة التمييز في البرامج و المقررات التعليمية و في المادة الإعلامية.