أثارت وفاة عبد الوهاب بلفقيه، النائب البرلماني السابق عن مدينة كلميم، بطلق ناري الكثير من الأسئلة حول ملابسات وخلفية الحادث. وفيما لم تبادر السلطات، خاصة النيابة العامة المختصة، إلى إصدار بلاغ حول التحقيق في الحادث للإحاطة بجميع المعطيات المتعلقة به قصد تنوير الرأي العام، انتشرت على وسائط التواصل الاجتماعي فرضية ترجح انتحار بلفقيه، وهو ما تبنته مواقع إخبارية محلية. وكان لافتا للانتباه الإعلان عن دفن جثمان الراحل بعد صلاة العصر بنفس المنطقة التي أصيب فيها بطلق ناري. وهو ما يدفع إلى التساؤل حول أسباب تعجيل الدفن في حادثة مازال يلفها الكثير من الغموض. وحسب المعطيات المتوفرة حتى الآن لموقع "لكم" من مصادر من عين المكان، فإن الحادث وقع في بيت الراحل بمنطقة ايت عبلا، التي تبعد نحو 35 كيلومتر شمال مدينة كلميم، وبأن الطلق أصاب بطن الراحل. وباستثناء البرلماني السابق، محمد بودرار، الذي كان سباقا إلى نشر خبر الإصابة على صفحته على فيسبوك، لا توجد مصادر أخرى، كانت قريبة من الحادث أو ملابساته، ولا يعرف لحد الآن كيف تم نقل الراحل إلى المستشفى العسكري بكلميم، ومن اتصل بالإسعاف وكيف علم بالخبر؟ المعروف أن بلفقيه يملك بيتا فخما بمدينة كلميم، ومن المستغرب أن يتواجد صبيحة انتخابات رئاسة جهة كلميم، التي كان يمنى نفسه بتوليها، في منطقته آيت عبلا، بعيدا عن مركز كلميم بنحو 35 كيلومتر، وهو الذي كان يعمل من الخلف لدعم ترشيح محمد بودرار عن حزب "الاتحاد الاشتراكي" ضد امباركة بوعيدة عن حزب "التجمع الوطني للأحرار". الملعومات المتوفرة لموقع "لكم"، من مصادر مقربة من الكواليس التي سبقت انتخابات رئاسة الجهة، تقول بأن 11 مستشارا مواليا لبلفقيه، كان من المفترض أن يصوتوا لصالح بودرار، تخلوا عنه ليلة انتخابات رئاسة الجهة لأسباب مجهولة حتى الآن، ومنحوا أصواتهم صبيحة اليوم لمباركة بوعيدة التي جاء انتخابها على رأس الجهة، أسرع مما كان متوقعا، بما أن المرشح المنافس لها، محمد بودرار عن حزب "الاتحاد الاشتراكي"، كان متواجدا لحظة التصويت في المستشفى العسكري بجانب صديقه عبد الوهاب بلفقيه قبل مفارقته الحياة. وهكذا تم التصويت على بوعيدة، بعد حصولها على 28 صوتا من أصل 39 صوتا وكان حزب "الأصالة والمعاصرة"، الذي كان ينتمي إليه بلفقيه، قد تصدر نتائج انتخابات أعضاء مجلس جهة كلميم وادنون بحصوله على 12 مقعدا، برسم استحقاقات 8 شتنبر، متبوعا في المرتبة الثانية ب "التجمع الوطني للأحرار" ب 10 مقاعد، والاستقلال ب 5 مقاعد، و"الاتحاد الاشتراكي" ب 4 مقاعد، وحزب "الحركة الشعبية" بمقعدين. وحتى ليلة انتخابات رئاسة الجهة كانت الكفة متساوية بين المترشحين للرئاسة، فما الذي حصل ليلة الانتخابات وكيف تخلى الأعضاء الإحدى عشر الموالون لبلفقيه عن مرشحه محمد أبودرار؟ أسئلة قد تبدد أجوبتها الكثير من الغموض الذي يشوب هذا الحادث المأساوي. إلى ذلك، فإن بلفقيه كان من المفترض أن يمثل غدا الأربعاء 22 شتنبر أمام غرفة الجنايات الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بالرباط في ثاني جلسة للنظر في ملفه بصفته الرئيس السابق لبلدية كلميم، وذلك على خلفية إحالته هو ومستشارين سابقين من نفس البلدية، من طرف الغرفة الجنحية لدى نفس المحكمة من أجل جنايات التزوير في محررات رسمية وصنع شهادات وغيرها من التهم الأخرى والتي يشتبه أنها وظفت في السطو على عقارات الغير بمدينة كلميم. فهل يكون لهذه المحاكمة علاقة بالحادث الذي أودى بحياة المتهم الأول في هذه القضية؟ والمعروف أن إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب "الاتحاد الاشتراكي، كان هو رئيس هيئة دفاع بلفقيه في هذا الملف، وحسب معطيات من مصادر مقربة من الملف فإن تخلي لشكر عن دفاع بلفقيه كان أحد أسباب الخلاف بينهما وانسحاب بلفقيه، الذي كان عضو المكتب السياسي للحزب، من حزب لشكر، والتوجه إلى حزب "الأصالة والمعاصرة"، الذي عينه بدون انتخابات منسقا جهويا للحزب بالإقليم مع وعد بترشيحه لرئاسة الجهة ، حتى فاجأه برسالة موجهة إلى وزير الداخلية يعلن فيها تخلي الحزب عنه مرشحا باسمه لرئاسة الجهة. وهو ما دفع بلفقيه إلى إعلان استقالته من الحزب الذي التحق به حديثا واعتزاله العمل السياسي. لكن يبدو أن بلفقيه راودته في آخر أيامه الرغبة في الانتقام ممن "غدر به"، حسب ما كتب في بيان اعتزاله، في إشارة واضحة إلى عبد اللطيف وهبي، لذلك دعم من الخلف مرشح حزبه السابق محمد بودرار عن "الاتحاد الاشتراكي"، ضد منافسته مباركة بوعيدة التي كانت مرشحة توافق بين أحزاب "التجمع الوطني للأحرار" و"الأصالة والمعاصرة" و"الاستقلال". وفي انتظار أن تتضح الصورة بناء على ما قد يتوصل إليه البحث الجنائي في هذه الحادثة الغريبة، ستبقى الكثير من الأسئلة الأخرى معلقة تغذي الإشاعات التي تصاحب مثل هذا الأحداث الغامضة.