طالبت فعاليات محلية السلطات الوصية من وزارة التجهيز والنقل والداخلية بتتبع المشاريع غير المفعلة التي تعرفها مدينة أصيلة، وعلى رأسها المحطة الطرقية التي بقيت مهجورة رغم أنها كلفت حوالي 44 مليون درهم، معتبرين أنها لا تضيف أي بعد تنموي أو سياحي أو خدماتي للمدينة. واعتبرت في تصريحات متفرقة لموقع "لكم"، أن بقاء المحطة الطرقية مهجورة منذ افتتاحها قبل سنة، هو عنوان لفشل عام تعرفه المدينة في مختلف المجالات، سواء تلك التي تشرف عليها مؤسسة "منتدى أصيلة" أو "المجلس الجماعي"، متسائلة لماذا تم إهدار ميزانية ضخمة في مثل هذه المشاريع غير المنتجة ؟ في الوقت الذي تعاني المدينة من تهميش وضعف في البنية التحتية في عدة مستويات، ولم يفت التصريحات التأكيد على ضرورة تفعيل المحاسبة في حق كل متورط في إهدار المال العام سواء كان مصدره الدولة أم جهات مانحة خارجية. وكان رئيس المجلس الجماعي لمدينة أصيلة قد أصدر بتاريخ 23 مارس 2020 قرارا جماعيا يقضي بإغلاق محطة أصيلة الطرقية، معللا القرار بكونه يأتي في إطار تدبير حالة الطوارئ الصحية المتخذة من طرف السلطات المغربية بهدف الحفاظ على صحة وسلامة جميع المواطنين والمواطنات. ولتقديم المزيد من التوضيحات حول أسباب استمرار إغلاق "المحطة الطرقية"، تواصل موقع "لكم"، أكثر من مرة مع توفيق لوزاري نائب الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، والذي يشغل في نفس الوقت منصب النائب الأول لرئيس جماعة أصيلة، لكن لم يبدي تفاعلا مع أسئلة الموقع. معطيات رقمية عن المحطة الطرقية وكانت مدينة أصيلة قد عرفت قبل أزيد من سنة وبالضبط يوم الإثنين 17 فبراير 2020 افتتاح المحطة الطرقية الجديدة، التي جرى تشييدها بتكلفة قدرها 44 مليون درهم، بتمويل مشترك من صندوق أبو ظبي للتنمية بمبلغ يصل (34 مليون درهم) في ما ساهمت وكالة إنعاش وتنمية أقاليم الشمال ب (10 مليون درهم ) أما مؤسسة "منتدى أصيلة" فقد ساهمت بالوعاء العقاري. وحسب معطيات سبق أن أوردتها مؤسسة "منتدى أصيلة" صاحبة المشروع، فإن المحطة الطرقية التي تم تدشينها قبل سنة، والتي تقع بالقرب من وسط مدينة أصيلة، تمتد على مساحة تفوق 15 ألف متر مربع، وتتكون من طابق أرضي وطابق أول بتجهيزات حديثة، وفضاء للمراقبة الأمنية، بالإضافة إلى 10 أرصفة و6 مكاتب تذاكر وخدمة تخزين الأمتعة. كما تضم المحطة موقفين للسيارات تحت الأرض وممرات مجهزة لتسهيل دخول الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، و9 مكاتب إدارية، وقاعتين للصلاة (للرجال والنساء)، بالإضافة إلى محلات تجارية ومرافق عمومية. استياء على مواقع التواصل الاجتماعي رصد موقع "لكم" مجموعة كبيرة من التدوينات التي تعبر عن الغضب والإستياء من المشاريع التي بقيت غير مفعلة رغم تدشينها وإعطاء انطلاقتها، وركزت التدوينات أساسا على المحطة الطرقية التي وصفوها بالمهجورة. وفي هذا الصدد، اعتبر الفاعل الجمعوي إدريس خوخي، أن "السؤال الأزلي في أصيلة بعد التدشين و الافتتاح، هل تستأنف المحطة الطرقية الإماراتية (في إشارة إلى الجهة الممولة) العمل أم ستغلق أبوابها لتتحول لمحطة موسمية كمشاريع المنتدى المغلقة هل من إجابة واقعية؟" أما المدون مصطفى الدرس، فقد كتب، "من الأخطاء الفاضحة للمجلس البلدي لمدينة أصيلة تضييع أموال مهمة في بناء المحطة الطرقية"، مشيرا إلى أنهم يعرفون مسبقا أن الحافلات المنطلقة من جميع المحطات الطرقية بالمغرب لا تمر عبر أصيلة، وكان من الأجدر أن يعمل المجلس توظيف هاته الأموال في مشروع تنموي لامتصاص عدد مهم من البطالة، معتبرا أن هذا ما يسمى بسوء التسيير. ماذا تستفيد أصيلة من محطة طرقية مهجورة؟ الفاعل المدني هشام المرابط، تساءل في تصريح لموقع "لكم"، "ماذا تستفيد أصيلة من محطة طرقية مهجورة؟ ولماذا تم اهدار ميزانية ضخمة في مثل هذه المشاريع غير المنتجة؟ في الوقت الذي تعاني المدينة من تهميش وضعف في البنية التحتية في عدة مستويات؟". ولم يفت الفاعل المدني مطالبة السلطات الوصية من وزارة التجهيز والنقل والداخلية إلى تتبع المشاريع غير المفعلة، وعلى رأسها المحطة الطرقية والتي لا تضيف أي بعد تنموي او سياحي أو خدماتي للمدينة، بل تبقى إما مغلقة أو مجرد حبر على ورق، وتفعيل المحاسبة لكل متورط في إهدار المال العام سواء كان مصدره الدولة أم جهات مانحة خارجية. وأفاد المرابط، أن"مدينة أصيلة تعاني منذ أوائل الألفية من مشكل المحطة الطرقية، فمنذ نقل المحطة من العقار الملاصق لسينما مكالي- حيث كانت تستقبل عدة خطوط للنقل وعلى رأسها شركات كبيرة كالساتيام – والمدينة تعاني من تهميش للمحطة الطرقية، حيث تم انشاء محطة مؤقتة في الملعب البلدي القديم لا تضم حتى الأساسيات ولا حتى مواقف الحافلات، وهذا العقار بدوره سيفوت فيما بعد لإنشاء بنايات تابعة لمنتدى أصيلة، وهذه الفترة تزامنت مع إنشاء الطريق السيار وبالتالي قل عدد الحافلات التي تعبر المدينة بشكل كبير". وأضاف المتحدث، أنه "مع بناء المحطة الجديدة وتدشينها بتاريخ 17 فبراير 2020 ، كنا نعتقد أن الحالة ستتحسن وسيتم استقطاب خطوط جديدة تربط المدينة بمدن الجوار، غير أن الوضع لم يتغير أبدا وتم استغلال المحطة من طرف سيارات الأجرة الكبيرة والنقل المزدوج وخط حافلة واحد يربط أصيلة بتطوان". وأشار الفاعل المدني، أنه "تم اقفالها بعد ذلك بقرار من رئيس المجلس الجماعي بتاريخ 20 مارس 2020 تزامنا مع اجراءات الحجر الصحي ولتبقى على حالها ليومنا هذا بعد أزيد من سنة دون أن تفتح أبوابها من جديد، رغم أن بناية المحطة مصممة وفق تصميم عصري وبجميع التجهيزات المطلوبة". فشل مشاريع "منتدى أصيلة" من جهته، اعتبر الحقوقي الزبير بن سعدون أن فشل هذا المشروع، هو عنوان لفشل عام تعرفه المدينة في مختلف المجالات، السياسي والرياضي والاجتماعي والاقتصادي، متسائلا، "هل يعقل أن لا توجد مجزرة بالمدينة، وهناك غياب تام لملاعب للقرب بالمدينة، لا توجد معاهد للتكوين، ولا توجد بها كلية جامعية، كما لا توجد منشآت سياحية مهمة.." والخلاصة يضيف بن سعدون في تصريح لموقع "لكم"، "المدينة ميتة، لأن المصلحة الشخصية هي الطاغية وبالتالي لا تنتظر شيئا لمصلحة الساكنة". وأوضح الحقوقي، أن "المحطة الطرقية لا يمكن لها إلا أن تفشل رغم الإمكانات المالية التي رصدت وهو ما يؤكد فشل تخطيط الرئيس، لأنه بكل بساطة حافلات النقل بين المدن لا تدخل إلى المدينة، بالإضافة إلى غياب تام للتنمية الاجتماعية والاقتصادية بالمدينة، وهو ما يفسر غياب بعد النظر في التخطيط والاستثمار العمومي، وطغيان المصلحة الشخصية في سلوك الرئيس، وكان من الطبيعي أن نصل إلى هذه النتيجة". وطالب الزبير بن سعدون، بمحاسبة مؤسسة "منتدى أصيلة" عن فشل مختلف المشاريع التي تشرف عليها، ومنها فشل مشروع المحطة الطرقية، وفشل مشروع ما سمي بالسكن الاقتصادي، والمشروع الثقافي، وأيضا المؤسسات الثقافية التي لا تفتح أبوابها إلا موسميا للترويج لأنشطة المؤسسة. وأعرب بن سعدون عن أسفه كون مدينة أصيلة "تعيش خارج القانون، حيث لا مسائلة ولا محاسبة بالرغم من سوء التدبير المسجل في عمل المجلس الجماعي أو منتدى أصيلة، وهو ما يؤدي الإفلات من العقاب والتمادي في الخروقات". ودائما في إطار فشل المشاريع بالمدينة، تساءل الحقوقي، "كيف أن الملعب البلدي القديم تم إقامة على أرضيته مؤسسة تعليمية خصوصية تابعة للمنتدى، مع العلم أنه كان بالإمكان إقامة فوقه ملاعب كثيرة للقرب ، مؤكدا أنها كانت ستساهم في امتصاص الفراغ على هذا المستوى الذي يعاني منه شباب المدينة؟". من جهة أخرى، تساءل الحقوقي، "كيف لرئيس المجلس الجماعي أن يمنع أصحاب الأموال أن يدخلوا لأصيلة لإقامة المشاريع دون أسباب مقنعة، ومن أين يستمد هذه القوة لكي يمنع كل هؤلاء الذين عبروا عن استعدادهم لإقامة استثمارات بالمدينة ونواحيها؟"، مشيرا إلى أن سيطرة منتدى أصيلة، في شخص رئيسها، هو أحد أسباب نفور رجال الأعمال والمستثمرين من القدوم إلى أصيلة. وأضاف بن سعدون، مدينة أصيلة أصبحت في الفترة الأخيرة قبلة لعدد من ساكنة المناطق المجاورة وهو ما يقتضي من السلطات أن توفر لهم الأرضية للعيش الكريم، باستقطاب مستثمرين وأن تفتح لهم المجال لاستيعاب العاطلين، موضحا أن "رئيس المجلس البلدي الذي هو نفسه رئيس مؤسسة منتدى أصيلة، يتحدث منذ سنة 2002 عن منطقة صناعية ونحن الآن في عام 2021 ولا جديد على هذا المستوى"، مفيدا أن هناك محضرا جماعيا رسميا يتحدث عن هذا الأمر ويشير إلى الوعاء العقاري ومصادر التمويل، لكن كل هذا بقي حبرا على ورق، وساكنة المدينة هي الضحية وهي التي تعاني في صمت.