قالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إن الدولة بعدما تحكمت في الفضاء العام وأغلقته بحجة الطوارئ الصحية، لجأت إلى التضييق على الفضاء الرقمي، عبر مباشرة الاستدعاءات والاستنطاقات والمحاكمات بتهم نشر أخبار زائفة أو التحريض على التظاهر والدعوة له، والتشهير بمؤسسات الدولة. واعتبرت الجمعية في بيان لها حول "الاعتقال التعسفي بسبب الرأي" تواتر هذه الممارسات واستمرارها، انتهاكا ممنهجا ماسا بحرية الرأي والتعبير، واعتداء بليغا على الحقوق والحريات الأساسية المكفولة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. وعلى خلاف التوجه العالمي، يضيف البيان، عرف المغرب تضاعف حدة الاعتقالات وارتفاع وتيرتها بشكل غير مسبوق، حيث أوقفت واعتقلت السلطات، مستغلة حالة الطوارئ الصحية، الآلاف من المواطنين تحت ذرائع وحجج مختلفة؛ منهم محتجون، ومدونون ونشطاء في وسائل التواصل الاجتماعي، وصحفيون منتقدون وأساتذة، وغيرهم، لا لشيء، سوى ممارستهم لحقهم في حرية الرأي والتعبير والاحتجاج السلمي. واعتبرت أكبر جمعية حقوقية بالمغرب أن الدولة وأجهزتها، وجدت الفرصة للمزيد من التضييق والقمع والتغول في فرض سيطرتها وبسط رقابتها، وهو ما حدا بها إلى التمديد المستمر لحالة الطوارئ الصحية، جاعلة منها ذريعة لتقيد حركة المواطنين وإحصاء أنفاسهم، وسيفا مشهرا لتسويغ اعتقال كل من انتقد أو عارض أو احتج، سواء بشكل فردي أو في إطار جماعي. وعبرت الجمعية عن تهنئتها لمعتقلي حراك الريف الذين استعادوا حريتهم، داعية إلى إطلاق سراح كافة معتقلي الحراك ومعتقلي الرأي بالمغرب وكل المعتقلين السياسيين، وتوقيف المتابعات في حق العديد من النشطاء ومدافعي حقوق الإنسان. كما طالبت الجمعية الحقوقية بالإفراج الفوري والعاجل عن الصحافيين سليمان الريسوني، المضرب عن الطعام منذ أزيد من 40 يوما، وعمر الراضي، اللذين يوجدان رهن الاعتقال التحكمي والتعسفي منذ سنة بالنسبة للريسوني، وما يقاربها في حالة الراضي، بالرغم من جميع المطالبات الدولية والوطنية بإطلاق سراحهما، محملة للدولة مسؤولية ومغبة ما قد يترتب عن وضعهما الصحي الخطير من مس بحقهما في الحياة والسلامة البدنية. وأدانت شن الدولة لحملة اعتقالات تعسفية وتحكمية واسعة، وتنامي وتيرتها منذ مارس 2020، في حق كل المخالفين والمنتقدين لسياساتها وأجهزتها، أو لكيفية تدبيرها لحالة الطوارئ الصحية، أو على خلفية نشر ومشاركة منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، أو في حق المدافعين عن حقوق الإنسان، واستدعاء العشرات منهم على خلفية نشر تدوينات أو منشورات أو بث فيديوهات أو "أوديوات" على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إضافة إلى اعتقال صحافيين وتلفيق تهم ذات صبغة أخلاقية لهم، معتبرة كل هذا انتهاكا صارخا للحق في حرية الرأي والتعبير والاحتجاج السلمي. وطالبت الجمعية بالكف عن مضايقة المواطنين واستفزازهم وترهيبهم وتخويفهم، ووقف المتابعات ضدهم، وإشهار سيف الاعتقال بمسميات عديدة، في حق كل من تجرأ ودافع عن حقه في العيش بكرامة، أو احتج ورفض مصادرة أي من حقوقه المرتبطة بها. وخلص البيان إلى الدعوة لتحرير الفضاء الرقمي من الرقابة المتعارضة مع قيم الحرية، والتمييز بين التشهير الحقيقي والدعوة للعنصرية والكراهية، وبين الحق في الرأي والتعبير.