راسلت منظمة مراسلون بلا حدود الأممالمتحدة، يوم الأربعاء 23 سبتمبر الجاري، ملتمسة إدانة علنية لتوظيف القضايا الجنسية قصد إخراس أصوات الصحافيين المُنتقدين، وذلك عقب متابعة الصحفي المغربي عمر الراضي بتهمة "الاغتصاب". ووفق ما نشرته المنظمة على موقعها الخاص، فقد وجّهت "نداء عاجلا" إلى المقررة الخاصة بالأممالمتحدة المعنية بالعنف ضد المرأة، لطلب إدانة علنية لتوظيف القضايا الجنسية ضد الصحافيين المنتقدين في المغرب.
وقالت المنظمة في مراسلتها "إن كان من الطبيعي أن يؤخذ أي ادعاء بالاغتصاب أو الاعتداء الجنسي على محمل الجد وأن يقع التحقيق فيه بجدية، فإنّ مراسلون بلا حدود تقدّم قائمة لعدة معطيات تشكك في مصداقية عدد من التهم". مشيرة إلى أن عددا من الجمعيات النسوية المغربية تدعم نداء مراسلون بلا حدود. وقال بول كوبان، مسؤول القسم القانوني بمراسلون بلا حدود، إن "اتهام صوت ناقد بالاغتصاب أصبحت ممارسة معروفة لأجهزة الاستخبارات المغربية، من أجل ضرب مصداقية الصحافيين والحدّ من إمكانية دعمهم، وهذا الأمر بيّنٌ في قضية عمر الراضي، مثلما كان الأمر مؤخرا في قضايا تورط عددا من الصحافيين. وهذه الأساليب إذ تعيق الصحافيين المنتقدين فإنها تُضعف النضال من أجل حقوق النساء أيضا. وتوجه مراسلون بلا حدود نداء إلى المقررة الخاصة المعنية بالعنف ضد المرأة قصد طلب إدانة هذا التوظيف الخطير بإلصاق تُهم الإغتصاب". وأشارت مراسلة مراسلون بلا حدود إلى مساندة منظمات نسوية مغربية الشكوى التي توجهها مراسلون بلا حدود إلى الأممالمتحدة، وعبرت هذه الجمعيات عن شكوكها حيال الاتهامات الموجهة إلى عمر الراضي وصحافيين آخرين متابعين بقضايا أخلاقية خلال السنوات الأخيرة. وكشفت مراسلون بلا حدود أنها إتصلت بعدد من الشخصيات النسوية اللاتي قبلن تقديم شهاداتهن، ومن بينهنّ خديجة الرياضي، الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان ومنسقة لجنة دعم عمر الراضي، وفي شهادتها التي سيقع إلحاقها بنداء مراسلون بلا حدود إلى الأممالمتحدة، كشفت أن ثمة أساليب جديدة للتخويف في المغرب، تقول: " يتعلق الأمر بتهم أخلاقية وخاصة الاتهام بالاغتصاب والاتجار بالبشر والزنا والإجهاض غير القانوني والعلاقات الجنسية خارج الزواج المجرّم في القانون المغربي". ويلاحظ المراقبون أن هذه الأنواع من التهم ترافقها حملات تشهير مُمنهجة من قبل وسائل إعلام قريبة من النظام. وتوضح الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان :" في الحقيقة إن هدف النظام قتل الشخص رمزيا وإنهاء أي تأثير له في المجتمع، إضافة إلى ترهيب آخرين وخلق فراغ حول المتهم". كما ألحقت مراسلون بلا حدود بيان تحالف خميسة النسوي الذي يُدين "توظيف النساء من قبل الدولة بهدف الانتقام من المدافعين عن الحقوق الأساسية"، كما تم تضمين عريضة أطلقها تحالف مستقل لنسويات مغربيات يؤكد أن "إدانة الاغتصاب والعنف الجنسي واستغلال أجساد النساء يجب أن يمر أيضا عبر رفض توظيفهن في قضايا سياسية" وإضافة إلى المضايقة التي يتعرض إليها عمر الراضي، فإنّ شبهات توظيف الاتهام بالاغتصاب تعددت. واشارت المنظمة إلى انه وخلال الخمس سنوات الأخيرة تم اتهام، على الأقل، خمس صحافيين منتقدين أو مزعجين لنظام تمت إدانتهم بتهم أخلاقية، منهم مدير أسبوعية أخبار اليوم توفيق بوعشرين، منذ فبراير 2018، وحُكم عليه في الاستئناف ب15 سنة سجنا في أكتوبر الماضي بتهمة "الاتجار البشر" و"الاغتصاب"، رغم أن أحد المدعيات نفت لوسائل الإعلام المغربية والأجنبية أنها وجهت لبوعشرين هذه اتهامات، وأدانت بشكل علني تزوير البحث من قبل الأمن. الأمر الذي ترتب عليه إدانتها بستة أشهر سجنا بتهمة "تسريب أكاذيب" و"التشهير"، وقد غادرت المغرب وتتعرض منذ ذلك الوقت إلى حملة تشهير عبر عدد من وسائل الإعلام المقربة من أجهزة الاستخبارات المغربية. وعرجت مراسلون بلا حدود على متابعة سليمان الريسوني، رئيس تحرير نفس الجريدة، والمتابع بتهمة "الاعتداء الجنسي" على ناشط مثلي شاب. وتم إيقاف الريسوني في 22 ماي 2020 على خلفية جلسة استماع وليس شكوى ممن اتهمه، في مخالفة للقانون المغربي. وفي ذات السياق أكدت خديجة الرياضي أنه بعد أيام من توجيه تلك التهم للريسوني "أعلنت ناشطة شابة عبر حسابها على الفايسبوك أنه طلب منها تقديم شكوى ضد سليمان". وقبل ثمانية أشهر، في 30 سبتمبر 2019، تم الحكم على هاجر الريسوني، ابنة أخيه والتي تشتغل أيضا لفائدة أخبار اليوم، بسنة سجن بتهمة "الإجهاض غير القانوني" و"العلاقات الجنسية خارج الزواج" (وهما مجرمان في القانون المغربي). وقد نفت الصحفية قيامها بعملية إجهاض واعتبرت أن التهم الموجهة إليها كانت "بدوافع سياسية" لضرب مصداقيتها. وأكدت أنه تم التحقيق معها على خلفية مقالاتها المتعلقة بمعتقلي "الحراك" وأنشطة عمها. وإضافة إلى حالات الصحافيين الثلاثة الذين يعملون لنفس الجريدة، تضيف مراسلون بلا حدود، فقد كانت أول قضية أخلاقية تهدف إلى ضرب مصداقية الصحفي الاستقصائي هشام المنصوري سنة 2015، وهو عضو الجمعية المغربية للصحافة الاستقصائية، وقد حكم عليه بعشرة أشهر سجنا نافذة بتهمة الزنا، بعد مداهمة بوليسية تم تنفيذها دون إذن قضائي. وقد تم استجواب الصحفي دون حضور محام وفي مسائل لا علاقة لها بقضية الزنا. ووقع استهداف المنصوري بحملة تشويه رغم وجوده حينها رهن الحبس الاحتياطي وعاجز عن الدفاع عن نفسه، تؤكد المنظمة. وأشارت المنظمة في مراسلتها إلى أن المغرب يحتل المرتبة 133 في التصنيف العلمي لحرية الصحافة لسنة 2020، والذي تصدره مراسلون بلا حدود عينها. تأتي هذه المراسلة بعد يوم من تقديم للصحفي المغربي عمر الراضي للمرة الأولى أمام قاضي التحقيق في تهمة الاغتصاب. وقد حقق الصحفي عمر الراضي، 34 سنة، لعشر سنوات في قضايا حساسة مما سبب له هرسلة قضائية، وبعد يومين من نشر تقرير منظمة العفو الدولية الذي كشف عن مراقبة السلطات لهاتف عمر الراضي عن طريق برمجية متطورة، تم اتهامه رسميا بتلقي "تمويلات أجنبية" ارتباطا ب"أجهزة استخبارات". وقبل سجنه في 29 جويلية 202، تم التحقيق مع الصحفي عشر مرات من طرف الشرطة العدلية بمزاعم التجسس، قبل أن يُتهم بالاغتصاب على خلفية ما اعتبره الصحفي علاقة رضائية، وهذا ما أكده أحد زملائه الذي حضر الوقائع التي كانت خلال سهرة".