تستعد أجزاء كبيرة من أوروبا الجمعة لفرض قيود جديدة واسعة النطاق للحد من تفشي فيروس كورونا المستجد، بعدما تجاوز عدد الإصابات حول العالم 30 مليونا بينما حذّرت منظمة الصحة العالمية من انتقال العدوى بمعدلات "مقلقة" في القارة. وستحد بريطانيا التجمعات بينما يتوقع أن تفض فرنسا قيودا جديدة في المدن الرئيسية بينما تواجه حكومات في أنحاء القارة ارتفاعا جديدا في عدد الإصابات بالوباء.
وتوفي أكثر من 943 ألف شخص حول العالم، 200 ألف منهم في أوروبا، جرّاء كوفيد-19 منذ ظهر الوباء للمرة الأولى في الصين أواخر العام الماضي، وفق حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس. وقال المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في أوروبا هانس كلوغه إن الارتفاع في أعداد الإصابات التي سجّلت هذا الشهر يجب "أن تكون بمثابة جرس إنذار لنا جميعا"، بعدما أعلنت القارة 54 ألف إصابة جديدة في يوم واحد الأسبوع الفائت، في عدد قياسي جديد. وأضاف في مؤتمر صحافي عقد عبر الإنترنت في كوبنهاغن "على الرغم من أن هذه الأرقام تعكس إجراء فحوص على نطاق اوسع، إلا أنها تكشف كذلك عن معدلات مقلقة لانتقال العدوى في أنحاء المنطقة". ودعت العاصمة الإسبانية مدريد حيث يتفشى الفيروس، إلى تحرّك "حاسم" من قبل الحكومة المركزية، التي يتوقع أن تكشف عن سلسلة تدابير جديدة الجمعة. وحذّر المسؤولون في مدريد من أن نظام الرعاية الصحية في المنطقة يتعرّض لضغط متزايد إذ بات مرضى كوفيد-19 يحتلون سريرا من كل خمسة في المستشفيات جرّاء الموجة الثانية من الوباء. في الأثناء، يزداد القلق حيال احتمال إعادة فرض إغلاق في المدينة، بعدما أشار مسؤول صحي إقليمي رفيع المستوى الأربعاء إلى إمكانية القيام بذلك في أكثر المناطق تضررا. وقالت ماريبيل كيسادا، وهي متقاعدة في الخامسة والخمسين، لوكالة فرانس برس إن فرض الإغلاق مجددا "ليس بفكرة جيدة برأيي للمتاجر ومحال البقالة والحانات الصغيرة والمدارس. فالناس يعانون من ضغط نفسي كبير لملازمتهم المنزل والإغلاق كان صعبا للغاية". وأما في بريطانيا، فمن المقرر أن يبدأ تطبيق تدابير إغلاق جديدة اعتبارا من الجمعة، بينما حذّر رئيس الوزراء بوريس جونسون من موجة إصابات ثانية. ولن يُسمح لنحو مليوني شخص في شمال انكلترا، بما في ذلك نيوكاسل وساندرلاند بلقاء أشخاص غير أولئك الذين يعيشون معهم. كذلك، سيحظر التنقل بين الطاولات في الحانات في حين سيكون على الأماكن الترفيهية إغلاق أبوابها بحلول الساعة العاشرة مساء. وفرضت الحكومة قواعد جديدة في أنحاء انكلترا الاثنين تحد التجمّعات بستة أشخاص أو أقل، في حين بلغ عدد الإصابات اليومية مستويات غير مسبوقة منذ مطلع ماي. كذلك، تستعد السلطات الفرنسية لتشديد القيود في عدة مدن لاحتواء ارتفاع أعداد الإصابات مع تسجيل نحو 10 آلاف حالة جديدة يوميا خلال الأسبوع الفائت. وأعلن وزير الصحة أوليفيه فيران أنه سيتم فرض قواعد جديدة في مدينتي ليون ونيس بحلول يوم السبت، بعدما فرضت السلطات قيودا جديدة على التجمعات هذا الأسبوع في بوردو ومرسيليا. "مكتئبون" أما إسرائيل، فستكون أول دولة متقدمة في العالم تفرض إغلاقا ثانيا على مستوى البلاد، يبدأ بعد ظهر الجمعة. وأثارت الخطوة احتجاجات في تل أبيب في وقت متأخر الخميس عندما خرج المئات إلى الشوارع للتعبير عن رفضهم للقيود، التي تدخل حيّز التنفيذ قبل ساعات على رأس السنة اليهودية وستمتد لثلاثة أسابيع لتشمل مناسبات أخرى بينها عيد الغفران. وقالت يائيل البالغة 60 عاما وهي موظفة سابقة في مكتب للهندسة فقدت عملها بسبب الأزمة "الاقتصاد يتهاوى، الناس يخسرون وظائفهم، وهم مكتئبون. من أجل ماذا؟ لا شيء". وسجّلت إسرائيل ثاني أعلى معدل انتقال للعدوى بالفيروس بعد البحرين، وفق احصائيات وكالة فرانس برس. وبموجب القيود الجديدة، سيتعيّن على السكان البقاء ضمن مسافة 500 متر عن منازلهم. وفي ظل ارتفاع منسوب الغضب بشأن طريقة استجابة السلطات حول العالم للفيروس، تواجه بعض الحكومات اجراءات قانونية اتّخذها مواطنوها الذين اتهموها بالفشل. وتخطط رابطة فرنسية لضحايا كوفيد-19 لتقديم شكوى قضائية في حق رئيس الوزراء جان كاستيكس، وفق ما أفاد المحامي الذي يمثل المجموعة. كذلك، رفعت دعاوى في الصين من قبل أقارب بعض ضحايا الوباء لكن العديد منها رُفض بينما يواجه العشرات ضغوطا من السلطات لمنعهم من القيام بأي اجراءات قانونية، وفق الأشخاص المعنيين. وتتهم عائلات الضحايا الحكومات المحلية في ووهان وهوباي، حيث ظهر الفيروس للمرة الأولى، بإخفاء المعلومات المرتبطة بتفشيه في البداية والفشل في إبلاغ السكان والتخبط في الاستجابة وترك الوباء ينتشر. وقالت المتقاعدة جونغ هانينغ، التي توفي ابنها بالفيروس "يقولون إن الوباء كان كارثة طبيعية. لكن هذه النتائج الخطيرة كانت من صنع البشر ويجب تحميل أحد ما المسؤولية". وأضافت "تدمّرت عائلتي. لن أشعر بالسعادة أبدا بعد الآن".