اغتالت اسرائيل الاربعاء احمد الجعبري القيادي البارز في كتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة حماس في غارة على قطاع غزة في تصعيد دفع القاهرة الى سحب سفيرها لدى تل ابيب في حين اكدت واشنطن تضامنها مع اسرائيل "في حقها في الدفاع عن النفس ضد الارهاب". واحمد الجعبري الذي قتل بعد ظهر اليوم مع مرافقه محمد الهمص في غارة جوية استهدفت سيارة في مدينة غزة، هو اهم قائد عسكري فلسطيني يتم اغتياله منذ نهاية الحرب الاسرائيلية المدمرة على قطاع غزة بداية 2009. ونفذ سلاح الجو الاسرائيلي 20 غارة جوية على الاقل على قطاع غزة خلفت ثمانية قتلى بينهم الجعبري اضافة الى 88 جريحا، بحسب اخر حصيلة لمصادر طبية فلسطينية. واوضحت المصادر ان بين القتلى طفلين وامراة وبين الجرحى عشر نساء و15 طفلا. واعلن وزير الصحة في الحكومة المقالة التي تديرها حركة حماس مفيد المخللاتي في بيان ان "التصعيد الهمجي الذي قامت به قوات الاحتلال اسفر حتى مساء اليوم عن ارتقاء ثمانية شهداء". وكان المخللاتي قال في مؤتمر صحافي عقده في مجمع الشفا الطبي في مدينة غزة ان وزارته تعاني من "ازمة حادة في الادوية والمعدات" داعيا الدول العربية الى المساعدة على هذا الصعيد. وسحبت مصر التي تقوم عادة بدور الوسيط لتهدئة العنف بين اسرائيل وحماس في قطاع غزة، سفيرها في تل ابيب، بحسب ما اعلنت الرئاسة المصرية. واشادت حكومة حماس بهذا القرار وقالت في بيان "تثمن قرار الرئيس المصري محمد مرسي والقاضي بسحب السفير المصري من دولة الاحتلال الصهيوني"، داعية "الزعماء والقادة العرب الى ضرورة اتخاذ مواقف حاسمة بشأن الاحتلال لردعه وثنيه عن مواصلة عدوانه ضد المواطنين في غزة". واعلن مساعد الامين العام للجامعة العربية احمد بن حلي ان الجامعة ستعقد اجتماعا طارئا السبت يخصص للتطورات في غزة بطلب من مصر وفلسطين. وجاءت هذه الغارات الاسرائيلية غداة يوم تهدئة اعقب ثلاثة ايام من المواجهات. وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي يخوض حملة انتخابية للانتخابات التشريعية المقررة في 22 يناير 2013 "اليوم وجهنا رسالة واضحة الى حماس وباقي المنظمات الارهابية، واذا ما اقتضى الامر فاننا على استعداد لتوسيع العملية". ولاحقا، قررت الحكومة الامنية الاسرائيلية المصغرة "السماح، اذا اقتضت الحاجة ومع موافقة وزارة الدفاع، بحشد وحدات من الاحتياطيين". وهذا الاستدعاء ليس تعبئة عامة، كما اوضح متحدث باسم الجيش الاسرائيلي لوكالة فرانس برس. واعلنت كتائب القسام اطلاقها عشرات الصواريخ على جنوب اسرائيل في اطار ردها على اغتيال قائدها احمد الجعبري وقالت الكتائب في بيان حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه ان عناصرها "تقصف بئر السبع المحتلة بعشرات الصواريخ". وفي بيانات لاحقة اعلنت الكتائب ايضا مسؤوليتها عن اطلاق نحو عشرين صاروخ كاتيوشا وعدد من صواريخ الغراد الروسية الصنع على اسرائيل. كما اعلنت سرايا القدس الجناح المسلح لحركة الجهاد الاسلامي وعدد من الفصائل الفلسطينية اطلاق عدد من الصواريخ على اسرائيل في "اطار الرد على العدوان" الاسرائيلي. وكانت القسام توعدت في وقت سابق اسرائيل ب"فتح ابواب جهنم" ردا على اغتيال الجعبري. وقالت الكتائب في بيان مقتضب ان "الاحتلال فتح على نفسه ابواب جهنم" وتابعت انها "تزف ابرز قادتها احمد الجعبري وتتعهد بمواصلة طريق المقاومة". وقال المتحدث باسم حكومة حماس في غزة طاهر النونو لفرانس برس ان "اسرائيل تتحمل مسؤولية جرائمها وعواقبها الخطيرة". واضاف "نطالب المجتمع الدولي بوقف المجزرة بحق شعبنا الذي يحق له الدفاع عن نفسه". وقال فوزي برهوم الناطق باسم حماس لفرانس برس ان "الاحتلال ارتكب جريمة خطيرة وتجاوز كل الخطوط الحمراء والذي يعتبر بمثابة اعلان حرب بكل معانيها وسيدفع الاحتلال ثمنها غاليا وسنجعله يندم على اللحظة التي فكر فيها بارتكابها". بدوره، دان الرئيس الفلسطيني محمود عباس التصعيد الاسرائيلي في قطاع غزة، وجاء في بيان من الرئاسة الفلسطينية نشرته وكالة وفا الرسمية ان "الرئيس محمود عباس دان العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي أدى حتى اللحظة إلى سقوط ستة شهداء و28 جريحا بينهم ثمانية أطفال وأربع نساء". وندد مجلس التعاون الخليجي بالاعتداءات الاسرائيلية "الوحشية" ودعا مجلس الامن الدولي الى تحمل مسؤولياته والضغط على اسرائيل "لوقف عدوانها فورا". ودافعت واشنطن عن "حق اسرائيل بالدفاع عن نفسها ضد الارهاب" ونددت باطلاق صواريخ فلسطينية من غزة على اسرائيل. وقال مارك تونر مساعد المتحدث باسم الخارجية الاميركية في بيان "ليس هناك اي مبرر للجوء حماس ومنظمات ارهابية اخرى الى العنف ضد الشعب الاسرائيلي"، مؤكدا "دعم" واشنطن "لحق اسرائيل في الدفاع عن نفسها". وكان متحدث باسم وزارة الدفاع الاميركية قال في وقت سابق ان واشنطن "تراقب عن كثب" الوضع وتؤكد "حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد الارهاب". وجرى اتصال هاتفي بين الرئيس باراك اوباما ورئيس اسرائيل شيمون بيريز تولى خلاله هذا الاخير "تفسير دوافع" العملية الاسرائيلية. وفي مؤتمر صحافي في الرياض اعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن "قلقه الشديد" جراء تصعيد اعمال العنف في قطاع غزة. واضاف "من الضروري وضع حد لكل اعمال العنف"، بحسب الترجمة العربية لتصريحاته بالروسية. وقال لافروف ايضا "من المعيب ان لا تنجح اللجنة الرباعية الدولية في الاشهر الاخيرة (..) في الاجتماع وايجاد موقف واضح" يتعلق بالتوترات في النزاع الاسرائيلي الفلسطيني. ودعت فرنسا ايضا الى "تفادي تصعيد العنف". وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية في بيان ان "فرنسا قلقة للغاية جراء تدهور الوضع في غزة وفي جنوب اسرائيل". واضاف المتحدث فيليب لاليو ان فرنسا "تدعو الاطراف الى الامتناع عن اي تصعيد للعنف الذي سيدفع السكان المدنيون الاسرائيليون والفلسطينيون ثمنه حتما". واغتيل احمد الجعبري الملقب "ابو محمد" (52 عاما) الحاصل علي شهادة بكالوريوس في التاريخ، بصاروخ اصاب مباشرة سيارة الجيب المدنية ذات اللون الرمادي التي كان يستقلها مع احد معاونيه، في شارع عمر المختار وسط مدينة غزة. ومنذ بداية الانتفاضة الثانية عام ،2000 تمكن الجعبري من تطوير المجموعات المسلحة في حركة حماس في اطار ذراعها العسكرية كتائب عز الدين القسام الاشبه بجيش صغير ومنظم. ويعتبر الجعبري مهندس صفقة تبادل الاسرى الفلسطينيين مقابل الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط في 2011. ونجا الجعبري الذي كان اعتقل عام 1982 لمدة 13 عاما في السجون الاسرائيلية بتهمة الانتماء لحركة فتح والتخطيط لهجمات قبل ان ينتقل الى صفوف حركة حماس داخل السجن، عدة مرات من محاولات اسرائيلية لاغتياله كان اخرها عام 2004 حيث قتل ابنه الاكبر محمد وشقيقه وعدد من ابناء عمه في غارة استهدفت منزله في حي الشجاعية شرق مدينة غزة. ويقول غازي حمد القيادي في حماس لفرانس برس ان اغتيال الجعبري "خسارة كبيرة لحماس وللشعب الفلسطيني".