أماطت التشريعيات الجزئية الأخيرة اللثام عن حقيقة ساطعة لكل المترددين نعم فقد بات المشهد السياسي المغربي سجين طرفين ومنطقين لا ثالث لهما إسلاميو العدالة والتنمية بنزوعهم المحافظ و"الشعبوي" دون ان ننسى كونهم قوة سياسية وبرلمانية دينامية أفرزتها صناديق الاقتراع الديمقراطي ودستور جديد و بين تيار يقوده جزء من نخبة الدولة الذي يروج لخطاب الحداثة والدمقرطة ونزعة ليبيرالية بمسحة اجتماعية ومدعوما بجهات ضاغطة إعلامية و تقنوقراطية ربما تتمدد أكثر لتشمل لوبيات وشبكات مصالح معقدة و ملتوية يتداخل فيها السياسي والاقتصادي والسيكولوجي هناك من يعتقد أن جهات كثيرة تعمل جاهدة وبوسائل مختلفة لإرجاع عداد الساعة إلى الصفر وإعادة زمن التحكم والهيمنة في هذه البلاد التي تقاوم جاهدة كل أشكال التسلط والفساد ولعلها المرة الوحيدة في التاريخ السياسي المغربي التي يبدو فيها اليسار"الحكومي" متشردما وضائعا وفاقدا لزمام المبادرة والفعل مكتفيا بتأمل ما يحيكه الفاعلون الجدد العدالة والتنمية البام والاستقلال انه الثالوث المحرم لأول مرة أيضا يقبل فيها العقل السياسي الاتحادي أن يتفرج على ما يجري أمام عينيه دون أن يتوفر لديه الفعل الجريء والخلاق ينضاف إلى ذلك قطاع واسع من نخبة حزب الاستقلال التي بدأت تتعافى تدريجيا من صدمة انتخاب أمين عام جديد" ابن الشعب" خارج منطق السلالة والعرق والعائلة المقدسة حميد شباط دخل على الخط فور جلوسه على كرسي الأمين العام وألقى برسائل مشفرة في ملعب الحكومة التي تقاوم الاستفزازات و المناورات من كل جانب هل تدخل تصريحات شباط في أفق تشكيل صورة مغايرة عن الامين العام الجديد خلافا لسلفه عباس الفاسي وتقوية الآلة التنظيمية والحزبية لا سيما والاستحقاقات تدق على الابواب والزمن لا يرحم المتخاذلين والكسالى هل تدخل تحركات الزعيم الاستقلالي الجديد لمحو البورتريه البئيس والرمادي لسلفه أم هي تسخينات ضمن تمرين طويل لارباك بنكيران وفريقه بهدف تحقيق مطالبه المعلنة وغير المعلنة يبدو ان اللعبة السياسية مستمرة بأبطالها وألغازها ورسائلها المشفرة والواضحة لكن في القاعدة المجتمعية العميقة والمنسية تستمر المعاناة اليومية لمئات الآلاف من المواطنين مع القوت اليومي والحاجات والخدمات الأساسية وحيث لا أمل يلوح في الأفق وحدها الأسعار الملتهبة وتفاصيل الألم تؤثت حياة الفقراء البلاد تغرق في البطء الاقتصادي والمديونية ووحدها الأحزاب السياسية تفضل خوض صراع الديكة العبثي الذي يبعث الياس وربما يقضي على ماتبقى من الامال في السياسة لاتوجد حقائق مطلقة لكن المشهد السياسي اليوم ينضح باللامعنى والارتباك والمرارة القصوى المطالب انية وملحة و هامش المناورة بدا يضيق على الجميع فهل يخيم سيناريو التقويم الهيكلي القاتم مرة اخرى فوق سماء المملكة وهل تتم التضحية بمستقبل اجيال جديدة من المغاربة الفقراء يالهي انه مشهد مروع ولا يحتمل