يجتاز حزب العدالة والتنمية الإسلامي الخميس في المغرب أول امتحان انتخابي له كحزب في الحكم، في انتخابات جزئية في كل من مراكش (جنوب) وطنجة (شمال) لاستعادة مقاعد فقدها، في جو شعبي تسوده اللامبالاة. ويواجه حزب عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة المغربية، في مدينة طنجة عاصمة شمال المغرب، مرشحين مقربين من القصر الملكي ينتمون لحزب الأصالة والمعاصرة الذي أسسه سنة 2008 فؤاد عالي الهمة، صديق دراسة الملك محمد السادس ومستشاره الحالي. ويجري التنافس الانتخابي على ثلاثة مقاعد كان حزب العدالة والتنمية قد فاز بها في نوفمبر الماضي، لكن قرارا قضائيا ألغى هذه المقاعد بحجة وجود صومعة على ملصقات الحملة الانتخابية في طنجه، وهو ما يحظره قانون الانتخابات المغربي الذي يمنع "توظيف الرموز الدينية" خلال الحملات الانتخابية. يرى معظم الفاعلين السياسيين إن هذه الانتخابات الجزئية تعد اختبارا لحزب العدالة والتنمية الذي يقود التحالف الحكومي الحالي، بعد عقود قضاها في صفوف المعارضة، قبل هبوب رياح الربيع العربي. واعترف بنكيران نفسه الأحد في طنجة، خلال تجمع خطابي بحضور المئات من مناصري الحزب في عاصمة شمال المغرب ان "هذه الانتخابات الجزئية رمز على مصداقية حكومتنا وحزبنا". وأهمية هذه الانتخابات بالنسبة للحزب الإسلامي تبدو واضحة من خلال اللقاءات والتجمعات الخطابية لمساندة المرشحين، والتي حضرها أو قادها ما بين 10 و12 وزيرا اسلاميا في الحكومة الحالية. وبعيدا عن أجواء الانتخابات والصراع لاسترجاع المقاعد، يصطف عشرات الشباب بشكل يومي على حائط مطل على الميناء والبحر الأبيض المتوسط، موجهين أعينهم نحو الضفة الأخرى (اسبانيا) التي لا تبعد سوى 15 كلم. ويحدق أمين (23 سنة)، أحد هؤلاء الشباب العاطلين عن العمل، ببصره في اتجاة اليابسة الإسبانية البادية للعين المجردة في هذا اليوم المشمس من الخريف، مطلقا تعليقا متنهدا "حتى إسبانيا لم تعد تجذب الاهتمام كما في السابق بسبب الأزمة". ويضيف:"أصوت؟ أي انتخابات تتحدث عنها؟ أنا لست على اطلاع حتى بوجود انتخابات. انتخابات مرة اخرى؟". من جانبها تقول الطالبة فاطمة "سأكون في الجامعة، وفي كل الاحوال لن أصوت لأنها عملية عديمة الفائدة". وامكن تلمس نفس الإحساس بخيبة الأمل تقريبا في تعليق بائع متجول في حي بني مكادة الشعبي بقوله "لقد سبق وصوت في نوفمبر...". ويحاول فؤاد العماري، عمدة مدينة طنجة تفسير انعدام الحماس لدى الناخبين بقوله لفرانس برس "هذا أمر منطقي، فهذه الانتخابات لن يكون لها تأثير على الحكومة الحالية، رغم أنها تبدو كاختبار". وسلطت الاضواء على التنافس الانتخابي في طنجة منذ نهاية الصيف حيث منعت السلطات حفلا لشباب حزب العدالة والتنمية كان سيحضره عبد الإله بنكيران. وللقطع مع التحليلات التي أولت المنع على أنه حلقة جديدة من الصراع على السلطة بين الحكومة والقصر الملكي، تحدث امحند العنصر، وزير الداخلية المغربي الذي لا ينتمي لحزب العدالة والتنمية، عن اضطرابات محتملة وتهديد للنظام العام مع اقتراب الحملة الانتاخبية. وتظل مدينة طنجة بؤرة توتر اجتماعي قائم في كل لحظة، رغم اجتذاب المنطقة الحرة في المدينة للكثير من الشركات والمنشآت والاستثمارات. فقد اندلعت الثلاثاء مواجهات بين سكان حي بني مكادة الشعبي وقوات الأمن، خلفت اصابات طفيفة في صفوف الطرفين، وانتهت في اليوم نفسه بتوقيف ما لا يقل عن عشرة مواطنين. وعلى الرغم من اللامبالاة وجو الكآبة السائدة، يظل مرشحو حزب العدالة والتنمية الاوفر حظا للفوز في الانتخابات، باعتبار طنجة حسب المراقبين أحد أهم معاقل الحزب. أما مرشحو حزب الأصالة والمعاصرة فيراهنون على فقدان حزب المصباح (المصباح هو رمز العدالة والتنمية) لمصداقيته. ويقول أحد اعضاء الأصالة والمعاصرة في طنجة "لقد اكتشف الناس الطبيعة الحقيقية لحزب العدالة والتنمية، فهو حزب شعبوي لا أقل ولا أكثر". أما الحبيب الشوباني وزير العلاقات مع البرلمان عن حزب العدالة والتنمية فأظهر خلال تجمع للحزب ليلة الثلاثاء ارادة الحزب للمقاومة حفاظا على مكانته. وردد الشوباني "اننا مستعدون لإجراء الانتخابات كل سنة وكل شهر وكل يوم. الحكومة لم تغيرنا فنحن ما زلنا أبناء الشعب الذين عرفتموهم".