نشرعدنان أبو عامر مؤخرا مقال في موقع الجزيرة تحت عنوان "البحث العلمي في إسرائيل وصناعة القرار". يوضح الكاتب مجموعة من العوامل التي وقفت وراء النهضة العلمية والتقدم التقني للكيان الصهيوني، تتلخص في ثلاث نقاط : وفرة الباحثين و المخصصات المالية و النفوذ السياسي. أكثر من ذلك، فقد اعتنت إسرائيل بجملة من التوجهات الإيجابية التي من شأنها الارتقاء بمستويات البحث العلمي، ومنها: 1. توسيع هامش الحرية الأكاديمية الكافية للباحثين. 2. التخلي قدر الإمكان عن مظاهر البيروقراطية والمشكلات الإدارية والتنظيمية. 3. محاربة الفساد المالي والإداري في مؤسسات البحث العلمي. 4. الإسراع الدائم في عملية نقل المعلومة التقنية من الدول المتقدمة إليها. 5. إحداث حراك دائم في مراكز البحوث الإسرائيلية، بحيث لا تبقى تحت قيادات قديمة مترهلة، غير مدركة لأبعاد التقدم العالمي في ميادين البحث العلمي، لا سيما في العلوم التكنولوجية. 6. مواصلة التدريب المستمر للباحثين الجدد، وعدم تهميشهم، ومن ثم تهجيرهم. من يجري مقارنة بسيطة بين مرتكزات البحث العلمي عندنا في المغرب و نظيرتها في إسرائيل يستطيع أن يعرف الفرق بين كيان يرسم طريقه في مصاف الدول المتقدمة و دولة مزروعة الأغصان في تشكيلة الدول المتخلفة أناقش في مقالي المتواضع هذا مجموعة من مكامن الخلل التي يجب تطويرها في تجربة البحث العلمي في المغرب، والتي هي : الإنفاق على البحوث تعتبر مسألة تمويل البحث العلمي من أهم مرتكزات التقدم ، فالمزانية المخصصة للبحث العلمي في المغرب أقل بكثير من 0،1 % ، وكذلك الحال بالنسبة لكل الدول العربية، بحيث ما يتم صرفه على البحث العلمي عربيا لا يتجاوز مليار و700 مليون دولار سنويا، أن ذلك المبلغ "يعادل ما تصرفه جامعة واحدة مثل هارفارد أو جونز هوبكنز في الولاياتالمتحدة" ( المؤتمر الرابع للبحث العلمي عمان 19/11/1430 ه و الموافق 7/11/2009).بيد أن إسرائيل التي يتشدق العرب بمحاربتها تحتل المرتبة الأولى عالمياً من حيث نصيب الفرد من الإنفاق على البحث العلمي، وجاءت بعدها الولاياتالمتحدة، ثم اليابان، حيث تنفق 1272٫8 دولارا سنوياً للفرد، متساوية في الصرف على البحث العلمي مع اليابانوالولاياتالمتحدة وألمانيا وفرنسا، متقدمة على إسبانيا وتركيا. وقد جاءت إسرائيل في المركز الخامس عالمياً من حيث الإنفاق على التعليم بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي بإنفاق يبلغ 8.3% على التعليم من ناتجها المحلي، وإذا علمنا أن الناتج المحلي الإجمالي لها يصل 110 مليارات دولار، فإن نصيب البحث العلمي يصل في بعض الأحيان 5.3 مليارات دولار. الاستثمر الجيد لأموال إسرائيل تظهر بشكل كبير في القدرة العسكرية لها وتقدمها التكنولوجي. إصلاح الجامعة : وذلك بإعتبارالجامعة مجال للخلق و الابداع و ليس خزان للعطالة و مصنع لليأس و الاحباط، وبالمساهمة في التكوين المستمر للاساتذه. بإنشاء مراكز للبحث في مختلف المجالات و إعطائها استقلالية مالية و بتخصيص راتب للباحثين في هذه المعاهد و الكليات (عدد الباحثيين لا يتجاوز 14522 الذي يشكل نسبت 0.5 في 1000) وخلق عقود ما بعد الدكتوراه لتمكين الحاصل على الدكتوراه العمل فيها عوض الإشتغال خارج تخصصهم، لابد من اعادة الاعتبار للحامل هذه الشاهدة و إعتباره طاقة و طنية يجب استثمارها. بالرفع من منح الطلبة ، حيث أنه في الدولة التي تحترم العلم و المعرف تعطي منح أكثر بكثير من الحد الادني للاجور خصوصا للطلبة المتفوقين واللذين ينجزون بحوث لأطروحة الدكتواه. أزمة أطر الإعتماد على أطر وطنية، لها غيرة على الوطن قادرة على رسم سياسات البحث العلمي وفق معطيات محلية و إمكانيات ذاتية وليس نسخ تجارب الاخرين والإسغاء إلى إملائات الدول الكبرى، حيث انه مجمل الأطر الأن التي تتحمل مسوؤلية تسيير الشأن العام مخضرمة الانتماء و تتمتع بغيرة قليلة على هذا الوطن. اللغة مقوم من مقومات التقدم لقد شكلت اللغة الفرنسية عائق من عوائق التقدم العلمي للمغرب، بإعتبارها لغة لم ترقا بعد للعالمية كما هو شأن اللغة الانجليزية، اللتي تشكل لغة البحث العلمي ال0ن، و ان مجمل الابحاث تنشر بها، اضف الى ذلك :المشاريع العلمية الكبرى، المؤتمرات، التكوينات...مما يؤدي بالضرورة الى ضعف التواصل و صعوبة الحصول على المعلومة. الحل هو التخلي بشكل تدريجي على اللغة الفرنسية والقطع النهائي مع كل مظاهر الإستعمار، و التوجه نحو التدريس باللغة الأنجليزية خصوصا في التعليم الجامعي ، و فتح اوراش كبرى لترجمة باللغة الام، كما تفعل الصين على سبيل المثال ؛التي تقوم بترجمة مجمل الابحاث المنشورة في مجلات علمية متخصصة تابعة لمؤسستها الى الصينية. و هنا يطرح السؤال ، لماذا هذا الاهتمام باللغة الصينية؟ الاجابة و ببساطة انهم يستعدون لغو العالم بعلمهم و سنكون ربنما يوما ما مجبرون على تعلم لغتهم (أنظر "الإهانة في عهد الميغا إمبريالية" للدكتور المهدي المنجرة)، لأن المغلوب مولع بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه و نحلته و سائر أحواله و عوائده ( الفصل الثالث و العشرون من مقدمة ابن خلدون). تشجيع الشراكات مع القطاع الخاص ضرورة الاعتماد على شركات و طنية من أجل تمويل البحوث والرفع من انتاجيات هته الشركات و الانتقال من مرحلة التجريب المخبري الى مرحلة النتاج. لاتقدم علمي بدون ديموقراطية حقيقية تشير المؤشرات المعطيات على أهمية الحرية الأكاديمية والبحث العلمي، باعتبار أنه كلما اتسعت الحريات العامة، وزادت الممارسات الديمقراطية، وقلت التدخلات الرسمية للدولة في قضايا الجامعات، سيقربها من المشاركة في الشأن العام، مما سينتج عنه بالضرورة سعة أفق البحث العلمي، وزيادة مردوده، وأدائه لمهامه ورسالته. نحن محتاجون اليوم اكثر من أي وقت 0خر للاستفادة من الملايين من البحوث التي تملئ رفوف مكتبات جامعاتنا، محتاجون اليوم قبل الغد للارادة السياسية من أجل رسم مستقبلنا بأيدينا في وطن مرغمون ام راغبون في العيش تحت ظله.