في واقعة اغتصاب الطفلة القاصر بمدينة مراكش من طرف مواطن يحمل الجنسية الكويتية يبدو أن الجاني قد تم التعامل معه كما لو أنه دبلوماسي يتمتع بالحصانات والامتيازات التي تخولها اتفاقية فيينا للعمل الدبلوماسي لسنة 1961 للدبلوماسيين المعتمدين!! هناك أمور غير واضحة في هذه القضية التي هزت الرأي العام الوطني، وتركت جروحا غائرة في نفوس المواطنين المغاربة، ويتعين على الجهات المعنية توضيح الأمور بشفافية أكبر! محاولة إلقاء اللوم على سفارة دولة الكويت من خلال بعض العناوين الصحفية، واتهامها بالتورط في تهريب الجاني الذي يحمل جنسيتها، أمر مرفوض ووزارة الخارجية المغربية لها نصيب كبير من المسؤولية إلى جانب أطراف أخرى في هذه القضية، لأن البعثات الدبلوماسية المعتمدة في اي بلد كان، لا يمكن لها القيام بأي إجراءات لها علاقة بحماية رعايا الدولة التي تمثلها إلا من خلال التنسيق مع وزارة خارجية الدولة المعتمد لديها، وهو ما يعني أن وزارة الخارجية طرفا في الموضوع! وفي هذا الإطار، ورفعا لأي لبس محتمل بخصوص هذا الموضوع الشديد التعقيد والحساسية من الناحيتين الدبلوماسية والحقوقية، فإن مقتضيات اتفاقية فيينا للعمل الدبلوماسي واضحة فيما يتعلق بحماية البعثات الدبلوماسية لرعايا بلدانها لدى الدول المعتمدة لديها.. لقد كان على وزارة الخارجية المغربية أن ترفض المساعي الدبلوماسية لسفارة الكويت، وتدفع في اتجاه تطبيق القانون وتوقيع الجزاء المستحق في حق المغتصب الذي يحمل جنسيتها، بدل بحث سبل طي صفحة هذه الجريمة الشنعاء، لأن المادة 3 من اتفاقية فيينا للعمل الدبلوماسي السالفة الذكر، تسمح للبعثات الدبلوماسية المعتمدة بحماية مصالح رعايا بلدها في حدود مام يسمح به القانون الدولي، وبما أن المملكة المغربية معنية بمجمل الاتفاقيات التي تصادق عليها، فإن محل جريمة الاغتصاب يتعلق بطفلة قاصر تنتمي إلى فئة محمية دوليا من الانتهاكات التي يمكن أن تطالها بموجب اتفاقية حقوق الطفل. هل يسمح القانون الدولي للبعثات الدبلوماسية بحماية رعايا بلدانها الذين يرتكبون جرائم يعاقب عليها القانون الجنائي للدول المعتمد لديها؟ أم أن الحصانات والامتيازات الممنوحة بموجب اتفاقية فيينا للدبلوماسيين المعتمدين امتدت في غفلة من القانون الدولي إلى رعايا تلك الدول دون مراعاة الاتفاقيات الدولية التي تحمي حقوق بعض الفئات مثلما هو الحال في جريمة اغتصاب الطفلة القاصر بمراكش من طرف المواطن الكويتي؟ ليس هناك في القانون الدولي ما يخول لأي بعثة دبلوماسية معتمدة تقديم ضمانات لحضور أحد رعايا بلدانها أمام محاكم الدولة المعتمد لديها في حال اقترافه لجريمة يعاقب عليها القانون الجنائي لهذه الأخيرة، وحتى اتفاقيات التعاون القضائي غالبا ما ترتكز في محاورها على أمور تتعلق بتسليم المطلوبين بموجب مذكرات بحث دولية، أو السجناء المحكوم عليهم قضائيا لإتمام عقوبتهم السجنية في بلدانهم! عندما يتعلق الأمر بجرائم يكون محلها الأطفال القاصرين تصبح القضية مستفزة جدا للشعور العام، ولو ارتكبت جريمة مماثلة من طرف مواطن مغربي في حق طفلة قاصر في اي دولة خليجية ما كان التعامل معه سيتم بنفس الكيفية التي تم التعامل بها مع الجاني الكويتي، ولما تدخلت الدولة المغربية من خلال بعثتها الدبلوماسية أو القنصلية المعتمدة في الكويت بنفس المنهجية التي تدخلت بها السفارة الكويتية لصالح مواطنها المغتصب! الراجح أن قضاء تلك الدولة كان سيصدر حكما قاسيا يمكن أن يصل حد الإعدام شنقا. لهذا، على الدولة المغربية أن تغير منهجية التعامل مع الجرائم المستفزة للشعور العام التي يرتكبها الاجانب في وطننا، مهما كانت الاعتبارات، للحفاظ على كرامة المواطنين، ولتعزيز سيادة القانون..