حدث غير مسبوق عاشته البطولة المغربية هذا الموسم، تمثل في تغيير 15 مدربا داخل 13 ناديا ولم تسلم من هذه الآفة سوى 3 فرق لا غير وهي أولمبيك آسفي والجيش الملكي ثم نادي مولودية وجدة. والظاهر في هذه الآفة وهي فعلا كذلك، أن المدربين المغاربة كانوا الضحية الأبرز بإقالات متكررة أو تنحي بعضهم عن طيب آخر بالاستقالة ،كما حدث مع الزاكي والركراكي مع الدفاع الجديدي والفتح.
نعود للنبش في كرونولوجبا هذا النزيف والفرق التي استنفذت كوطة التغيير. رقم مستفز أن يصل الرقم لغاية الجولة الختامية لمرحلة الذهاب 15 مدربا غادروا مناصبهم٬ فهذا يعني و دائما بلغة الأرقام والإحصائيات أن المعدل هو مدرب يتغير عند كل دورة، وهو ما لم نألفه حتى في أسوأ نسخ البطولة وأكثرها اهتزازا، رقم مستفز يعكس حالة من التخبط التقني داخل الفرق كان لا بد وأن تنعكس ليس على المستويات التقنية والإيقاع فحسب، بل حتى على جودة منتوج المباريات التي افتقد كثير منها للريتم وخاصية التميز بحضور أسماء مغمورة وأحيانا مساعدين لسد الفراغات كما حدث مع حالتي صابر في الوداد وأوشريف داخل الحسنية. رقم لا بد وأن يحرك التناظر وأن يدعو لوقفة تنخرط فيها كل الأسماء مع ودادية المدربين والجامعة والإدارة التقنية لتقييم ما حدث وما ترتب عنه من نتائج. 3 فرق ب 3 مدربين بين فرق البطولة المعنية بهذا التسونامي والجارف، 3 أندية رسمت الفارق بتغيير 3 مدربين ويتعلق الأمر بكل من حسنية أكادير الذي أقال ميغيل أنخيل غاموندي وأتبعه بفاخر، واليوم يبدو في صورة المستنفذ لكوطة التغيير ويتجه للإبقاء على أوشريف، وعلى نفس الشاكلة سار اتحاد طنجة بطل المغرب قبل موسمين والذي استهل ظهوره في البطولة بالمدرب نبيل نغيز ليعقبه هشام الدميعي واليوم يسلم زمام القيادة لبيدرو بنعلي. ثالث الفرق كان هو رجاء بني ملال الصاعد هذا الموسم للكبار والذي بدأ الرحلة مع مراد فلاح صانع الإنجاز وبعدها مكن عزيز العامري من مقاليد العارضة التقنية ليغادر الأخير بصفر نقطة وينهي الرحلة اليوم محمد مديحي، وهناك حديث عن تغيير محتمل ووشيك آخر. الجرافة لا ترحم جرافة التغيير والإطاحة بالرؤوس لا يعترف بالأسماء وقيمتها ولا حتى مرجعيتها التاريخية، إذ غادر فاخر مؤخرا مهانا نادي حسنية أكادير وهو الذي توج معه قبل 20 عاما بلقبين للتاريخ. ولم يشفع لفاخر ما حققه مع الفريق ولا كونه وضعه في صدارة مجموعته الإفريقية، ليغادر من الباب الخلفي مقالا بقوة قاهرة تجلت في غليان الشارع الأكاديري. لم ترحم ذات الجرافة العامري والطوسي رغم ثقل السجل والرصيد، ولم تمهل الدميعي مع طنجة كما لم تكن رحيمة ولا عطوفة بابني الوداد فرتوت وبنعبيشة مع الزمامرة ووادي زم تواليا دون تجاهل أو إغفال لبقية الإسماء التي شربت من نفس الكأس المر. مغادرة طوعية داخل السجل الرقمي ل 15 مدربا الذين تمت الإطاحة بهم، مدربان مغربيان غادرا طوعيا وبمحض الإرادة سعي خلف ما هو أفضل كما حدث مع وليد الركراكي المنتقل في تجربة فريدة من نوعها لتدريب نادي الدحيل القطري. وقبل الركراكي غادر الزاكي بادو الدفة والدكة داخل الدفاع الجديدي بعد توصله بعرض من الجامعة ليتولى منصبا داخل الإدارة التقنية الوطنية. ومن الناذر جدا أن يعلن مدرب مغادرته طوعيا لمنصبه إلا في هذين الحالتين سعيا خلف الأفضل أو مغادرة طوعية فرارا من جحيم النتائج والتضييق، كما حدث مع هشام الدميعي داخل اتحاد طنجة والذي غادر فور هزيمته أمام فريقه السابق أولمبيك آسفي في مشهد ناذر الحدوث في ظل تشبث المدربين بمستحقاتهم وجرهم الفرق لغرفة النزاعات. الغريمان متعادلان الوداد والرجاء المرجع والوداد والرجاء العربة التي تجر القطار، بدورهما لم يسلما من شر هذه المعضلة وانهارا أمام وقع الضغط الذي خلفته النتائج وكذا تفعيلا لرغبة الجماهير. النسور الخضر أطاحوا بالفرنسي باتريس كارطيرون بعد الخسارة من يوسفية برشيد بالبطولة وكذا نتيجة للتعادل في ذهاب الديربي العربي وبدايته السلبية على مستوى الأرقام دفاعيا محليا وقاريا. وما هي سوى فترة قليلة حتى حاكى الوداد غريمه التقليدي ليطيح بالصربي زوران مانولوفيتش ويعوضه على عكس الرجاء بمدرب أجنبي آخر و هو الفرنسي سيباستيان دوسابر. مطرب الحي بالمناصفة لأول مرة منذ عدة مواسم شهدت جلاء الأجانب، يشهد المشهد والخارطة التقنية لفرق البطولة تواجد نصف الأسماء من الأجانب والمثير أن أكثر من نصف الأجانب مدربون من شمال إفريقيا من تونس بتواجد 3 أسماء ومدربين من الجزائر رفقة مولودية وجدة والعمراني رفقة الدفاع الجديدي. وبعد غياب تعود المدرسة الفرنسية في شخص دوسابر ليتولى تدريب الوداد، معوضا أجنبيا آخر وهو الصربي زوران كما عوض بيدرو بنعلي برخصة المدرب الإسباني المغربي الدميعي داخل اتحاد طنجة، وبطبيعة الحال هناك مواطنه بياديرو مع المغرب التطواني. مطرب الحي بدأ يتقلص بالتدريج والإطار الأجنبي أصبح يتمدد وكل هذا مرشح للمزيد من الرواج في مرحلة إياب كثيرا ما عصفت بالرؤوس وألقت بها خارجا فلننتظر؟.