من يجرؤ أن يستقيل؟ وزراء بالجملة ثلاثون وزيرا في بلد يقال أنه يعاني من أزمة إقتصادية تستدعي اتخاد تدابير احتياطية منها، اتخاذ مواقف غير شعبية كالتي رأت النور –الزيادة في المحروقات – وغيرها التي تنتظر الفرصة المناسبة للظهور، مخافة السقوط في فخ التقويم الهيكلي حسب زعمهم . موظفون كبار في كل مكان وفي كل إدارة قال عنهم السيد رئيس الحكومة المحترم بأنه لابد من أن يكون راتب هؤلاء مرتفعا لأنهم ذو خبرة و كفاءة و يقدمون الكثير لهذه المؤسسات الحساسة و يرتقون بها إلى مصاف المؤسسات المتقدمة في الدول الغربية آه آه آه كمؤسسة القرض العقاري و السياحي عندنا التي لازلنا نترقب تفاصيل درامية عن رؤوس أخرى شاركت في هذه الجريمة المالية ولن نتطفل عن القضاء ولنتركه يقول كلمة الفصل فيها . أما فضيحة " النجاة " فحدث ولا حرج، والخطوط الملكية الجوية التي لولى تدخل الدولة لكانت في خبر كان ... وغيرها لا يتسع المقام لذكرها. موظفون ووزراء ، يصنعون اليوم سياسة و يصنعون غدا سياسة نقيضا لها، كأنهم الإنسان الآلي الذي لا يفهم ولا يحس ولا يفكر ولا رأي له. موظفون كبار، في هذه مؤسسة أوتلك، بهذه الرتبة أوتلك، ومع ذلك ، فهم، في غيابهم الكامل عن أن يكون لهم موقف أو رأي أو مسؤولية أو حق في الإختلاف،( وربما حتى الحق في الإتفاق ) كأنهم خشب. تروى نكتة مغربية عن موظف كبير ووزير إلتقيا يتشاكيان من زوجتيهما (اللبيب بالإشارة يفهم) . قال الوزير: ما الذي تفعل حين تضربك زوجتك؟ قال الموظف: أبكي. قال الوزير: يا لحظك الطيب، أما أنا فتضربني وتمنع علي حق البكاء. من يجرؤ أن يستقيل؟ في فرنسا فعلها وزير الدفاع إذ في لحظة ما ، يشعر الإنسان أنه مختنق بوزارته أو بكرسيه، فينفض عنه القيود التي تخنقه، ويقدم استقالته، تؤكد أنه حر في فكره ، وحر في اختياراته، وحر في اختلافه . ولم يكن وزير الدفاع خادما، باسم وزير، في حكومة السيد روكار. لقد كان يحمل " حقيبة " حقيقية لوزارة حقيقية، وكان له رأي ووجهة نظر وتصور، كأي رجل حر ومسؤول، وليس خادما برتبة وزير في حكومة. أتساءل معكم كمواطن مغربي غيور عن وطنيته ووطنه ووحدته الترابية، عن من كان ليهتم بأسر ضحايا المنازل التي سقطت مؤخرا في الدارالبيضاء والتي ما زالت تهدد حياة المواطنين يوما بعد يوم ؟ من غيره صاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي أعطى أوامره السامية لحكومة عبد الإله بن كيران لوضع حد لهذه المهزلة السكنية و القيام بإحصاء شامل للدور والمنازل الآيلة للسقوط و مساعدة الأسر المنكوبة لإيجاد مسكن قار محترم يحترم إنسانية الإنسان . فبمجرد صدور هذه الأوامر السامية سارع المجلس الحكومي للإنعقاد في وقت قياسي لتدارس الحلول الممكنة اتخاذها في أقرب وقت و كذا التدابير الإستعجالية المزمع تطبيقها . فهل فعلا نعيش فترة انتقالية ديمقراطية في ظل دستور فاتح يوليوز 2011 ؟ الجواب متروك لكم . من يجرؤ أن يستقيل ؟ فعلها قائد القوات البحرية الإيطالي، إعلانا عن موقف من حرب التحالف الأمريكي ضد العراق . فهو ليس مجرد آلة حربية، تضغط على زرها فتنطلق . و فعلها رجل برتبة نائب رئيس في الحكومة الإسبانية، وهو السيد ألفونسوكيرا، الرجل الثاني في مؤسسة السلطة، وفي مؤسسة الحزب الحاكم . في لحظة، أحس أنه مختنق بهذا التوجه الذي يمثله شركاؤه في المؤسسة، فلم يفكر طويلا، لا في الكرسي الكبير الذي يحتله، ولا في الحوالة الكبيرة التي تدخل رصيده في البنك، ولا في مظاهر السلطة الأخرى الكثيرة .. حزم أوراقه الخاصة من مكتبه الفخم وذهب إلى بيته مرتاحا بقراره، شاعرا أنه إنسان وحر ومسؤول، وليس عبدا في المؤسسة أو مستعبدا لها . فمن يجرؤ أن يستقيل من حكومة عبد الإله بن كيران ؟ وهم من فينة وأخرى نسمع عن تهديداتهم باللإستقالة، إن حدث شيء وهو معلوم أنه سيحدث ( الواقع المعاش )، نسمع ولا نرى تطبيقا، كأنهم يضحكون على ذقوننا وهم بالعكس يضحكون على أنفسهم. من يجرؤ أن يستقيل وهو يرى أموال الشعب تهدر بالملايير في أشياء لا تسمن ولا تغني من جوع، فبعدما غادر نجوم موازيين بالملايير الدراهم ، حان الوقت لتغادر أخواتها -أي الملايير – المتبقية في خزينة الدولة التي يتبجحون أنها في عجز، في آواخر شهر يوليوز القادم حينما سنستضيف فريقي – برشلونة والريال مدريد - الإسبانيين لمواجهة الفرق الوطنية آه آه آه . بل قولوا لنهب وافقار الطبقات الفقيرة واتعاسها لأنها هي التي ستدفع ضريبة هذه الإستضافة كما دفعت سابقا ضريبة موازيين والتي لازالت تدفع أقساطها إلى يومنا هذا، أقصد الزيادة في المحروقات . فبدل ايجاد فرص الشغل للشباب العاطل المرابط بشوارع الرباط والرفع من سقف الحد الأدنى للمتقاعديين والإهتمام بالأوضاع الصحية والتعليمية والفلاحية للبلاد.. نستضيف المستعمريين أو بالأحرى المستدمريين لأنهم يدمرون أكثر مما يعمرون ، لأخذ حصتهم من الكعكعة المالية المغربية . آه آه آه نعم المغرب في أزمة والله لوعرف فاقد العقل ( المجنون ) كيف تصرف ميزانية الدولة وفيما تصرف لشفيا من جنونه ، لأنه سيتأكد أن المجنون ليس هو، وإنما هم وسياستهم . فمن يجرؤ أن..؟ باحث في مسلك القانون الجنائي و العلوم الجنائية