استقبل الملك محمد السادس، يوم الثلاثاء 6 ديسمبر، عددا من السفراء الجدد وسلمهم ظهائر تعيينهم. وقد لوحظ حينداك، أن لائحة السفراء المعينين ضمت أسماء عدد كبير من الموظفين بوزارة الخارجية، تمت ترقيتهم إلى مرتبة سفراء، الى جانب سفراء اخرين أعيد تعيينهم من جديد من قبل الملك بعد أن كانو معتمدين في دول أخرى. وكان لافتا للانتباه في دلك الوقت، أن التعيينات لم تشمل منصبي سفارتي المغرب في باريس، التي عين سفيرها السابق مصطفى الساهل مستشارا بالديوان الملكي قبل سنة، وأصبحت شاغرة، وسفارة المغرب في الرياض بالعربية السعودية التي ما زال منصب السفير بها شاغرا منذ وفاة سفيرها السابق محمد السمار قبل أكثر من سنتين. كما أنها لم تتم وفق المقتضيات الدستورية المضمنة في دستور فاتح يوليوز، والتي تنص على أن تعيين السفراء من قبل الملك يتم بناء على اقتراح رئيس الحكومة بمبادرة من الوزير الوصي على القطاع، وهذا ما لم يقع، حيث استبعد كل من رئيس الحكومة عبد الالاه ابن كيران ووزيره في الخارجية سعد الدين العثماني، بدعوى أن اللائحة كانت معدة من طرف الوزير السابق في وزارة الخارجية، الطيب الفاسي الفهري، الذي عين مستشارا بالديوان الملكي لمتابعة وتدبير ملفات السياسة الخارجية. التبرير الذي حاولت عدة أطراف سياسية اعتماده للتخفيف من حدة الانتقادات التي وجهت لحكومة عبد الالاه ابن كيران بسبب المسطرة التي اعتمدت من قبل القصر في تعيين عدد من السفراء، في ظل دستور جديد، يعطي لرئيس الحكومة كامل الصلاحية في الاقتراح، ركز على مسألة تنصيب الحكومة من قبل البرلمان، وعلى أن المهم في علاقة الحكومة بالقصر هو المستقبل الذي يظل لوحده كفيلا بكشف طبيعة هده العلاقة ومرتكزاتها. اليوم وبعد التعيينات الأخيرة لعدد من العمال والولاة من قبل الملك محمد السادس، أكد الجميع على أن الصيغة التي جاء بها بلاغ الديوان الملكي، روعيت فيها المقتضيات الدستورية المتعلقة بالتعيين، ولا سيما، بعد أن تمت الاشارة الى أن تلك التعيينان تمت باقتراح من رئيس الحكومة بناء على مبادرة وزيره في الداخلية امحند العنصر. لكن، هذا التأكيد من لبث أن طالته شكوك عدد من الفاعلين السياسيين وبعض القيادات الحزبية، حتى من داخل حزب العدالة والتنمية الدي يقود الحكومة، مستبعدين أن يكون لرئيس الحكومة أي دخل في الموضوع، وأن دوره كان شكليا لاضفاء الطابع الدستوري على العملية برمتها. وأن تعيينات العمال والولاة التي وصفت بعملية اعادة الانتشار، تحمل بصمة مستشار الملك، فؤاد عالي الهمة، الذي كان يشغل منصب وزير منتدب في الداخلية مند سنوات، قبل أن يخرج الى الفعل السياسي من خلال حزب الأصالة والمعاصرة الذي يديره اليوم مصطفى الباكوري المعروف بقربه من جهات عليا في الدولة. هدا الشك سيتعزز أكثر، عندما سيعترف رئيس الحكومة في جلسة مسائلته في البرلمان أمام ممثلي الأمة، بأنه اعترض على اسم واحد في اللائحة التي اعدها الوزير امحند العنصر، وبأنه ليست له أي دراية بالعمال والولاة حتى يقترح على الملك من يشغل هده المناصب الحساسة جدا في الدولة. وقد اعتبر عدد من من المراقبين أن الاشارة الى مقتضيات المادة 49 من الدستور في بلاغ الديوان الملكي، هي في حد ذاته اشارة سياسية مهمة للتعبير على أن التقاليد المخزنية المرعية في تعيين ولاة وعمال المملكة، اخدة في التغير من أجل تنزيل ديمقراطي للدستور، لكن، اخرين اعتبرو بأن المهم ليس هو الاشارة السياسية، بقدر ما هو تكريس سلطة رئيس الحكومة، الذي ينبغي عليه الدفاع عن صلاحياته وليس تبرير التفريط فيها، بالادعاء أنه بالأمس القريب فقط لم يكن المغاربة يعرفون الوزراء الا بعد أن يطلوا عليهم على شاشة التلفزيون. في سياق هذا التدافع الحاصل اليوم بين مكونات المشهد السياسي المغربي، في الصالون السياسي وفي البرلمان وفي الاعلام، حول صلاحيات رئيس الحكومة، خرج الوزير المنتدب في وزارة الخارجية المغربية، يوسف العمراني، للحديث عن قرب اجراء تعيينات جديدة في السلك الدبلوماسي المغربي وعن قرب موعد تعيين سفير جديد للمغرب بسفارة المملكة المغربية بفرنسا، قبل أن يقولها لا رئيس الحكومة عبد الالاه ابن كران، ولا وزيره في الخارجية سعد الدين العثماني، وهو ما يدعو للتسائل. هل سيمارس رئيس الحكومة عبد الالاه ابن كيران، ووزيره في وزارة الشؤون الخارجية والتعاون، صلاحيتهم في التعيينات المقبلة للسفراءالمغاربة بعواصم العالم، أم أنهما سيتدرعان بعدم الالمام بالشأن الدبلوماسي للتنصل من صلاحياتهم الدستورية وترك المجال لأطراف أخرى؟ كما هومعلوم، مبادرة اعتماد السفراء المغاربة بالخارج قبل دخول دستور فاتح يوليوز الى حيز النفاد، كانت تتم خارج أسوار مجلس الحكومة ومجلس الوزراء. بل كانت تتم في اطار العلاقة المباشرة بين وزير الخارحية والديوان الملكي، الى درجة ان أطراف عدد من الوزراء كانوا يعلمون بالتعيينات مثلهم مثل باقي المواطنين، اما من خلال وكالة المغرب العربي للأنباء أو من نشرات الأخبار على شاشة التلفزيون. وقد علق بعض المراقبين على هذا الوضع بالنظر المتغيرات الحاصلة اليوم بالقول" في ظل الدستور الحالي، مسطرة التعيين واضحة تماما، ورئيس الحكومة ينبغي أن يتحمل مسؤوليته كاملة، وألا يتدرع بعدم الالمام أو المعرفة بسيرة السفراء ولا كفائتهم. بالأمس كان مقبولا اعتماد سفراء لعقود من الزمن لاعتبارات سياسية وعائلية دون ربط تلك المسؤولية السامية بالمحاسبة، وكان مقبولا أن يكون هؤلاء خارج سلطة الحكومة، لكن اليوم شغل منصب سفير، لا ينبغي أن يتحول الى نزهة لبيروث أو باريس أوالرياض أو القاهرة، بل ينبغي أن يتم اسناد هذه المناصب لكفاءات مغربية مواطنة تسعى الى خدمة أهداف السياسة الخارجية المغربية وأولوياتها في ظل عالم متغير".