النساء يمسحن جرحا ثانيا بفؤادهن. فبعدما تجرعن عن مضض مرارة تمثيليتهن بامرأة وحيدة في حكومة عبد الاله ابن كيران، جاءت لائحة تعيينات الولاة والعمال، الذي تم تعيينهم الجمعة الماضية، خالية من أي إسم نسائي جديد، لتشكل النقطة التي أفاضت كأس الغضب لدى الحركة النسائية، التي تعالت أصواتها مرة أخرى منددة بتوجهات الحكومة. منسوب عدم الا طمئنان على مستقبل حقوق النساء المكرسة دستوريا ارتفع إلى أعلى مستويات له، فمصدر من الحركة من أجل ديموقراطية المناصفة، لم يخف خيبة أمله ، مما أسماه ب«التوجه المحافظ والذكوري لحكومة ابن كيران»، قال، «في الوقت الذي كنا ننتظر فيه تعويض تراجع تمثيلية النساء بالحكومة، بتعيينات في منصب عامل أو والي، إلا أنه تأكد لنا أنها ماضية في الاجهاز على ما راكمته الحركة النسائية من مكتسبات». شرارة الغضب التي انتشرت من جديد كالنار في أطياف الحركة النسائية، حسب المصدر ذاته، مردها «استمرار الحكومة في خرقها لمتقتضيات الدستور التي تنص على المناصفة وتضمن حقوقهن في الولوج إلى مناصب المسؤولية»، وهو الأمر الذي سيدفع الحركة النسائية، وفقا للمصادر نفسها، إلى الاجتماع في القريب العاجل«لمناقشة وتحديد الأشكال الاحتجاجية التي ستلجأ إليها النساء لدفع الحكومة على التفعيل السليم للدستور» أما فيدرالية الرابطة الديموقراطية لحقوق المرأة، فما إن انتهت نساؤها من إلقاء نظرة على لائحة الولاة والعمال الجدد، حتي سارع مكتبها التنفيذي إلى صياغة بيان في الموضوع، اعتبر فيه أن ذلك «يشكل تناقضا مع ما جاء به الدستور بخصوص المساواة بين النساء و الرجال»، بل أكثر من ذلك، فإن التعيينات الأخيرة للولاة والعمال، دفعت نساء الرابطة إلى أن تقطع الشك باليقين، بعدما تأكد لهن أن إعادة سيناريو تشكيل الحكومة في التعيينات الحالية للولاة و العمال ، ليس مجرد خطأ كما جاء في تصريحات رئيس الحكومة في البرلمان، وإنما حقيقة تعكس «الخيار والتوجه المحافظ للحكومة و الذي لا يتوانى في خرق الدستور»، يقول البيان. إلا أن رئيس الحكومة عبد الاله ابن كيران، الذي سبق له أن وعد الحركة النسائية باستدراك الخطأ الذي ارتكب أثناء تشكيل الحكومة بإعطاء المرأة مكانة مهمة من خلال التعيين في المناصب السامية، يبدو أن لم يف بوعده، ولم يجد أمامه من مخرج يحفظ «ماء وجهه» أمام النساء سوى التصريح بأن « العقلية الذكورية ما تزال متجدرة ومسيطرة» وإذا كان وعد ابن كيران بمنح النساء تمثيلية مشرفة في المناصب السامية، قد تحطم على صخرة العقلية الذكورية، فإن ذلك لن يشفع له ولحكومته مع الحركة النسائية، التي تعظ بالنواجد على الدستور، مطالبة بالتطبيق السليم لمقتضياته الذي صادق عليه المغاربة نساء و رجالا، فهي تحمل المسؤولية كاملة لرئيس الحكومة ووزيره في الداخلية امحند العنصر، حسب بلاغ الرابطة، الذي اعتبرهما باعتبارهما «مطالبان، سياسيا و مؤسساتيا بالاجتهاد من اجل التفعيل الخلاق للمقتضيات الدستورية و ضمنها إجراءات المناصفة».