نص مداخلة يزيد البركة عضو الكتابة الوطنية لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي في ندوة سياسية بمكناس من تنظيم التحالف اليساري الديمقراطي لمكناس يوم الجمعة 4 ماي تحت عنوان " الوضع السياسي الراهن ومهام المرحلة" الوضع السياسي الراهن ومهام المرحلة 1- ملاحظة منهجية عنوان اللقاء يفترض منهجيتين للتحليل ، الأولى مهام المرحلة في ...إطار الوضع السياسي الراهن ، ولكوننا في حزب الطليعة عقدنا مؤتمرنا الحزبي وخرجنا بتصوراتنا الاستراتيجية والمرحلية وانتخبنا الأجهزة الحزبية القيادية تضغط علي منهجية الانطلاق من الطرف الإيجابي في التناقض ،ومن خلاله أتناول التحديات المادية والسياسية والاجتماعية وطنيا وإقليميا . وتعرفون أن هذه المنهجية تعمل على تغيير الواقع انطلاقا من القوى الذاتية للمجتمع بغض النظر عن التحديات الخارجية . إذ أن الطرف الإيجابي في التناقض الداخلي هو الأساس في الصراع. غير أن عنوان اللقاء :الوضع السياسي الراهن يفترض أيضا فهم الواقع كما هو ، والقيام بمسح شامل وموضوعي للعوامل المؤثرة والمتداخلة في الواقع الحالي مع تناول منطقها الداخلي ، أي أن الحضور يريد مني أن يعرف قبل صياغة مهام المرحلة في بوتقة استراتيجية من طرف الحزب، كيف يفكر هذا الحزب وكيف يفهم هذا الواقع الذي يسعى إلى تغييره . وهو واقع سريع التجدد ولكن مع ذلك تربطه خيوط جوهرية لا يمكن أن تتبدل بسرعة وكل شئ يجري وفق هذه الخيوط الجوهرية . من هذا المنطلق سأعتمد المنهجيتين معا الأولى تحليل للواقع من خلال استنطاق كافة العوامل المتشابكة وسأحصر هذا الواقع في المنطقة العربية والمغاربية التي عاشت وتعيش إرهاصات الديناميكية المجتمعية بأشكال متفاوتة وسأتناول منطقها الداخلي وليس وصف الأحداث والوقائع .والثانية في الأخير سأحلل طرف التناقض الإيجابي في مواجهة الطرف السالب القديم باستحضار استراتيجية الحزب التي خرج بها المؤتمر . 2- استراتيجية الدول الرأسمالية الكبرى أن العالم الرأسمالي تعصف به من جهة أزمة عالمية تشتد مضاعفاتها السياسية والاقتصادية على دول المحيط ومن جهة أخري أزمات داخلية لكل بلد رأسمالي . وقد تشابكت الأزمات الداخلية لكل بلد مع الأزمة العالمية في بوتقة يصعب الخروج منها. إن الرأسمالية العالمية تعمل على أن تكون الدول العربية والمغاربية أهم منطقة تؤدي فاتورات أزمة الرأسمالية نظرا لثرواتها ونظرا لتراجع قوى اليسار وقوى الديمقراطية أمام قوى لها مصالح مع الرأسمالية . ولهذا ما تزال استرتيجية الشرق الأوسط الكبير،وهو الإسم الذي تغير إلى الشرق الأوسط وشمال افريقيا ، استراتيجية قائمة مع تعرضها لعدة تجديدات يفرضها الوضع ، إنها الاستراتيجية المعتمدة من طرف الولاياتالمتحدة والدول الرأسمالية الكبرى. وأسباب بلورتها معلومة جيدا للعموم ومنها أنه في التسعينات كانت كل المؤشرات الأمنية والاقتصادية والسياسية وارتفاع وتيرة الصراعات الاجتماعية في الشرق الأوسط وشمال افريفيا تشير إلى أن المنطقة مقبلة على اضطرابات بالغة الحدة وقد تابعت المدارس الدراسية للرأسمالية هذه الارهاصات ورأت أنها ارهاصات ، قد تصيب مناطق قريبة وبعيدة بهذه العدوى لذا انكب الأكاديميون والمعاهد السياسية العليا في أمريكا للبحث عن المخارج الممكنة. كان هذا التاريخ إلى 11سبتمبر 2001 أول مرحلة لأعداد المبادرة توجت بعدة لقاءات ونقاشات في الدارالبيضاء 1994 وفي عمان 95 والقاهرة 97. لكن أحداث سبتمبر عجلت من تسريع وتيرة العمل للدفع بالمبادرة ودخلت الإدارة الأمريكية بقوة لاعتمادها وإدخال بعض التطمينات اللفظية على المشروع لارضاء الدول العربية التي كانت متحفظة مثل مصر وتونس من ضمن التطمينات اللفظية : لا يمكن ولا يجب فرض التغيير من الخارج غير أنه يجب ألا يستثمر ذلك لإعاقة الاصلاح. وقدمت الولاياتالمتحدة المبادرة لمجموعة الثماني في سي أيلاند بولاية جورجيا في يونيو2004 . تقوم هذه الاستراتيجية على ضرورة إحداث تغييرات جذرية وجوهرية في العالم العربي ، تغييرات تتطلع إليها واشنطن لا تشمل فقط أساليب الحكم والممارسة الديموقراطية، بل أيضا أنظمة التعليم والعلاقات الاجتماعية بإصلاح وتلقيح الدول العربية والمغاربية بالديموقراطية وقيم العصر وهذا في نظر الإدارة الأمريكية سيؤدي ألى تلاشي الدول الشمولية وإلى تلاشي الإرهاب الأصولي وحل النزاعات الاقليمية وإلى توسع السوق . تمكنت امريكا من جذب اهتمام شرائح هامة من الطبقات الوسطى وحتى من الكبرى من الناحية السياسية والفكرية ، وتمت ملاحظة انعطافة صغيرة عند الاتجاه الاسلامي في المنطقة العربية والمغاربية وأبدى تلهفا للاستفادة من الدعم التقني واللغوي والاداري عن طريق البعثات وغيرها والابقاء على الذراغ الدعوي في كل قطر ومنطقة على حاله في مهاجمة قيم الغرب ولم ينحصر هذا التلهف في الاتجاه الاسلامي بل تعداه إلى شرائح من الطبقات الوسطى ذات التوجه الديمقراطي وحتى بعض من يحسب على ميولات يسارية. كان هذا أول لبنة لما نعيشه الآن . اتضح في بداية الحملة الانتخابية لأوباما أن الإدارة الأمريكية ستدخل على الاستراتيجية بعض التغييرات إذا ما نجح أوباما . وفعلا لخص خطاب أوباما في القاهرة في 4 يونيو 2009 كل جوانبها وأعاد ترتيب الأولويات وحدد الهدف الاستراتيجي المرحلي كان هذا الخطاب فاصلا ، الكثير من الملاحظين في العالم العربي اعتبروه كلاما فقط يحتاج إلى تطبيق وعبارة عن وعود لا غير لكن أصحاب هذا التحليل لم ينتبهوا إلى التغيير الذي جاء به الخطاب وهذه بعض الملاحظات التي لها علاقة بالموضوع تم اختيار 2500 مدعو ومدعوة لحضور الخطاب منهم فقط من جماعة الاخوان المسلمين القياديين 12 قياديا من ضمنهم الكتاتيني رئيس مجلس النواب الحالي وقيادات طلابية وزعماء أحزاب صغيرة ذات توجهات ديمقراطية ليبرالية ، الجهة المكلفة بتوجيه الدعوات ليس الادارة المصرية وإنما جامعة الأزهر وجامعة القاهرة التي كان فيها اللقاء، كان أوباما منفردا في المنصة بدون مبارك، بدأ خطابه بالسلام عليكم باللغة العربية وأعقبها بآية اتقوا الله وقولوا قولا سديدا وجاء في الخطاب استشهاد باربع آيات أخرى من القرآن وقام بزيارة مسجد السلطان حسن بالقاهرة رفقة كلينتون التي ارتدت الحجاب تناول في الخطاب الارهاب والسلاح النووي وركز على إيرانوفلسطين واسرائيل والديمقراطية وحرية المعتقد وحقوق المرأة والتطور الاقتصادي للمنطقة لكن هذه القضايا كلها وضعها في إطار تصور محدد وبالأولويات ووفق خطة .أول ملاحظة أساسية ستطبع المرحلة اللاحقة بطابعها هي أنه لم يجمع الاسلام كدين في سلة واحد كما كان يفعل بوش ولكنه خطب ود ما يسميه بالاسلام المعتدل والذي يهمه في هذا الاعتدال ليس الايمان بالديمقراطية ولا حقوق المرأة ولكن ما يهمه هو ألا ينخرط في العنف أي الارهاب وأن يكون واضحا ومستعدا للتعاون ضده . النقطة الثانية أنه جمع إيران والإرهاب في خانة واحدة . النقطة الثالثة أن قضية فلسطين والعلاقة مع اسرائيل تحتاج إلى الديمقراطية في المنطقة أي القيام باصلاحات مستعجلة وحتى التطور الاقتصادي يتوقف على هذا الاصلاح . إذن الخطة الجديدة والتي تطبق الآن هي ترتيب الاوضاع عربيا ومغاربيا كخطوة أولى نحو الهدف الاستراتيجي المرحلي وهو إيران وبؤر الارهاب . لماذا هدف استراتيجي مرحلى لأن استراتيجية الشرق الاوسط وشمال افريقيا في ابعادها السياسية والاقتصادية والامنية والاجتماعية حسب مخطط أمريكا تحتاج إلى استقرار وبالنسبة للولايات المتحدة ومعها القوى الرأسمالية الكبرى لا يمكن أن يتم إلا بالقضاء على إيران والارهاب ولواحق إيران من يمكن أن يساعد على تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي المرحلي في المنطقة العربية والمغاربية ؟ إن هذا الهدف في الحقيقة اقليمي وهو أيضا دولي . من يستطيع أن يساعد أو يحبط هذه الاستراتيجية ؟إنه التنظيم الذي له بعدا اقليميا ودوليا ؟ لقد فقد اليساريون في الستينات هذا البعد والشيوعيون المنظمون من قبل وبعده بقليل تنظيميا دوليا وإقليميا فقدوا أيضا هذا التأثير . لقد تهاوى الدور الاقليمي والدولي لكلا الاتجاهين وصعد التيار الاسلامي وأصبح بتأثير قوي اقليميا ودوليا. أمريكا في حاجة إلى من يواجه هدفين يحملان وجها دينيا إيران ذات التوجه الشيعي ومعها حزب الله وغيره من الجيوب في اليمن وبعض مناطق الجزيرة العربية والقاعدة ذات التوجه السلفي المتشدد الذي تربطها بقوى الشيعة المتشددة روابط قوية . من هنا التركيز كان على التنظيم العالمي للإخوان المسلمين وكل التنظيمات القطرية التي ترتبط به أحيانا بشكل غير تنظيمي ولكن بالتوجه الفكري والسياسي بعد الخطاب تسارعت خطوات اللقاءات وتبادل الزيارات ، لكن كل هذا لم يتوقف من قبل ولكن كان يتم باشراف الجامعات والمعاهد والمراكز الدراسية لكن الادارة دخلت بقوة منذ خطاب أوباما. جاء الربيع الديمقراطي في المنطقة نابعا من الشباب وليس من التيارات الاسلامية التي يظهر على أنها أخذت على غرة في البداية، ولكن الجهة الوحيدة المنظمة جيدا والمؤثرة هي هذه وسرعان ما تمالكت نفسها وخرجت من الحيرة وتحركت في وسط متسم ب : 1- غياب طبقة قائدة في المنطقة وفي كل مجتمع من مجتمعاتها .كانت البرجوازية الصغيرة هي قائدة الصراع منذ الخمسيات حتى السبعيات حيث بدأ يدب فيها الوهن والتخبط والانقسام 2- الطبقة العاملة موزعة فكريا وسياسيا وتنظيميا على شرائح من البرجوازية الصغيرة والمتوسطة 3 شرائح من الطبقات الوسطى موجودة في الساحة تغلب عليها الرؤية الدينية للمجتمع المقبل وتعادي الديمقراطية . أما الاتجاهات الليبرالية والديمقراطية فيها فهي ضعيفة ما أن استعاد الاتجاه الاسلامي نفسه في مصر وهو قطب الرحى حتى بدأت تظهر علامات ومؤشرات التدخلات الأجنبية حيث بلغت حدا مفضوحا في ليبيا . وفي ما بعد اليمن وسوريا . وهنا لابد من توضيح فكرة: إن بعض اليساريين يقولون إن الغرب متدخل في سوريا ولهذا يجب على اليساري الوقوف إلى جانب النظام أو أن يرفع يده والا يشارك في النضال الشعبي المنطلق ، إن النتيجة محسومة لصالح الغرب ولصالح الاتجاهات الاسلامية وأن المآل هو لصالح اسرائيل وأمريكا. لكن ما هو الموقف الصحيح من ثلاثة مواقف مطروحة؟ وهي 1- تأييد النظام ضد الشعب الذي اصطف في غالبيته في خندق واحد 2- المشاركة في النضال مع الشعب وضد النظام 3- أن يرفع اليد ويسلك مسلك الحياد.لا يمكن لليساري إلآ أن يكون إلى جانب الشعب لأنه بغالبيته في صف ضد النظام وهذا يمكن الاتجاه اليساري المعادي للرأسمالية وللتصورات والمشاريع النكوصية من أن تكون الخسائر وسط الشعب قليلة ، وكذلك إذا لم تتمكن الديمقراطية من الانتصار العمل على توعية الشعب بأخطار النظام الذي سيخرج من الرحم من خلال التواجد في الدينامية ، وأكيد أن الشعب سيستمع للذي كان معه في الخندق وليس لأي آخر فضل الوقوف مع النظام أو فضل الحياد. إن الذي سيشارك يمكن أن يخسر ويمكن أن ينجح لأنه واقف على أرضية شعبية تمكنه من الاستمرار أما الذي لم يشارك فهو خاسر في كل الأحوال. في كل هذه البلدان مصر تونس اليمن لم تنجح فيها الثورة بالمعنى العلمي للكلمة ذهب الحاكم وأحيانا العائلة ولكن أن تصعد طبقة جديدة بمصالح جديدة هذا لم يحصل . ماذا جرى في البلدان الثلاثة ؟ لقد تراجعت أطراف من الدولة إلى خندق الأجهزة العسكرية والأمنية الكبرى وتحركت سياسيا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل نجاح الثورة فيما يشبه سيناريو محبوك . في ليبيا الوضع مختلف بسبب التدخل العسكري للناتو وكان قد حصل في البداية نفس السيناريو مثل مصر واليمن وتونس ، ولكن لم تقتنع القوى الخارجية باقتسام الحكم مع بقايا النظام وحتى مع من التحق بالثورة. لا يمكن أن نحكم هكذا على أن أي معركة تدخل فيها الأجنبي يجب على اليساري أن ينفض يده منها . إن القوى الأجنبية تتدخل دائما في معارك من هذا النوع لأن هناك اصطدام بين مصالحها ومصالح الشعوب . من السذاجة السياسية القول ان المواجهات التي تحصل في العالم بين قوى التقدم وقوي السيطرة والتراجع غائبة عنها الرأسمالية العالمية . إن جميع أدوات الامبريالية حاضرة بتفاوت في الأحداث السياسية التي جرت وما تزال تجري ولكن هذا لا يعفي القوى اليسارية والديمقراطية من الانخراط في المعركة ورسم طريقها الواضح للشعب عن الاتجاهات التراجعية وعن الاتجاهات التي تلعب في مربع القوى الأجنبية، إن المحدد الذي يفرض نفسه هو ماذا يريد الشعب وما هي أولوياته وإذا كان هناك أخطار يجب العمل من خلال الانخراط في النضال لتجنيب الشعب منها . إن صنع المستقبل في أي مجتمع يخضع لميزان القوى في كل فترة قصيرة وهو يصنع باستمرار . لو كان البلاشفة انطلقوا عندما شبت الثورة من أن هيمنة المناشفة( وهؤلاء الأخيرين كانوا أيضا مع استمرار الحرب التي تخوضها روسيا بتحالف مع الامبريالية) كانت كاسحة لما صنعوا تاريخا . ولكن رغم أن الثورة كانت بورجوازية قلبوا بسرعة هيمنة البرجوازية على الحياة السياسية والتنظيمية لصالحهم من خلال فضح التوجهات المصلحية لها بسرعة والتي بدأت تتأكد يوميا أمام الشعب . هكذا يتم ديالكتيك الصراع السياسي . إن القوى التي لم تشارك في الثورة لم يستمع لها الشعب الروسي ، لقد استمع فقط للمناشفة والبلاشفة وبعض التيارات الثورية الصغيرة ولما تمت الثورة وأمام اختلاف المواقع والمصالح استمع للبلاشفة. إن المستقبل في سوريا لمن استطاع أن يشق طريقه بعيدا عن النظام وعن القوى الأجنبية ولكن النجاح القريب هو للقوى التي تلعب اللعبة الأجنبية أو خراب المنطقة بكاملها. لقد وصل الوضع إلى درجة من الخطورة لم يعد أحد قادر على أن يتراجع ولو قليلا . دول الخليج تعرف ان مستقبلها سيهتز إذا نجا نظام الأسد ولكن تعرف أيضا أن التدخل سيحرك كل جيوب إيران في المنطقة إن المسألة تحمل إرهاصات قوية لبدء المعركة مع إيران . وما يؤشر على هذا هو أن الاتجاهات السلفية التي توجد في العالم العربي والمغاربي في نصف سلطة الدولة ومع قوى الدول الخليجية ومع شيئا ما تركيا تدفع القوى القديمة العسكرية في تونس ومصر واليمن للإصطفاف إلى جانب التدخل الأجنبي . إن القوى الديمقراطية واليسارية البعيدة عن هذا لم ترسم بعد طريقها الواضح للشعب السوري وكلما انتظرت سيكون ذلك على حساب الشعب السوري ومستقبل اليسار في سوريا أيضا. 3- في المغرب في الخطوط العامة لا يختلف المغرب عن باقي الدول في الدوافع الكامنة التي حركت الشباب في غياب طبقة قائدة ولا في تنوع المشارب الطبقية للشباب القائد للحراك ولا في وجود تنظيم اسلامي مؤثر له علاقات إقليمية ودولية بالرغم من تنوع في تنظيماته مثل باقي الدول الأخرى يسار بدون بعد دولي منظم وهو مختلف ومشتت لكن في المغرب حصلت بعض الاختلافات مع باقي الدول الأخرى . - أولا سرعة النظام في ترجمة هدف الادارة الأمريكية على أرض الواقع وابداء روح رياضية للتعامل مع هذا المعطى وعن طريق هذا تحييد الآلة الضخمة للإعلام الدولي - ثانيا تحييد النقابات من الصراع ثالثا دغدغة عواطف العاطلين وذوي الحاجات الخاصة - رابعا طرح حلول وسطى للقوى التي أصرت على مواصلة الحراك مع القيام ببعض التكتيكات للمناوشة واتعاب الشارع هل انتهى الأمر وكل واحد رجع إلى بيته يحصي الخسائر والأرباح ؟ لا الأمر ليس بمثل ما قال عبد العروي أصوات 20 فبراير ذهبت أدراج الرياح ؟ ليس هذا تاريخا ولا سياسة ولا فلسفة . التاريخ فيه مسار تاريخي يعرف التراجعات ويعرف التقدم ويعرف الانحراف قليلا عن التقدم ويعرف بعض ما يبدو سكونا ولكنه هو أيضا مسار منطقي يمشى في نهاية المطاف نحو الأمام في خط مستقيم ، والتاريخي والمنطقي في علاقة جدلية يستدعي الواحد الآخر وحتى في التراجعات والفشل هناك قوى تدفع إلى العودة إلى الخط المستقيم للتطور . لنبدأ بأسوأ السيناريوهات: فشل الحراك وسيكون ذلك تراجعا حتى تتضح فكرة المسارين في التاريخ . ماذا سيحصل إذا فشلت 20 فبراير ؟ ولنقارن بفشل شباب 23 مارس 1965 ماذا أدى له فشل المظاهرات . ذلك الشباب هو الذي طبع عشر سنوات من الصراع من 65 إلى 75 وهذه مرحلة صعبة في الصراع وهو صراع حاضر بقوة في المرحلة الثانية من 75 إلى حكومة التناوب بأشكال جديدة لم يتوقف الصراع وسار منطقيا في خط مستقيم رغم المنعرجات على أكتاف أولائك الشباب قامت كل التراكمات النضالية التي استمرت بنجاحاتها واخفاقاتها وهوالشباب الذي ربى شباب جديد على الانخراط في المعارك فجاءت 79 ثم 81 ثم 84 ثم 91 انتهت التراكمات في 98 وانجرت قوى كانت في صف لتأخذ صفا جديدا ولكن لم يتوقف التاريخ وبدأت مرحلة جديدة من التراكمات يظهر كما لو أنها من الصفر إلى أن جاءت 20 فبراير فسرعت من الزمن النضالي وقفزت به إلى مراتب أقوى مما كان في التسعينات، علينا من الآن أن نطرح أسئلة حول هؤلاء الشباب الذين يحملون حلما كبيرا لم يتحقق بعد إذا فشلوا ما ذا سيكون عليه الحال هذه حو التاريخ الحقيقي وليس إصدار أحكام تفوح بعطر الانتهازية . لكن الأمر بعيد عن الفشل أمامنا دستور جديد لم يحقق الديمقراطية التي يكون فيها الشعب المصدر الوحيد للسلطة ولكن فيه انتصارات لا يمكن أن ننكرها . لدينا حكومة جديدة صعدت إلى السلطة وهذه الحكومة تمثل مصالح ملموسة تتداخل مع مصالح التكتل الطبقي الحاكم ولكن تتعارض أيضا، وتعارضها أو تتداخلها كل ذلك في إطار التصور الرأسمالي ذي الطبيعة التبعية وكذلك الطفيلية . إذن نحن أمام واقع جديد وقد وعي الشباب هذا التحول بسرعة ويتعاملون معه بنوع من الذكاء السياسي . لقد أصبح القضاء على الفساد مسألة لا يمكن لأي حكومة جاءت ألا تتعامل معها بجدية وكذلك مكتسبات الشارع في التظاهر لا يمكن تصور الخسارة السياسية للنظام إذا ما حاول أن يقضي على التظاهر السلمي . الحكومة والتكتل الطبقي لهما مصالح مشتركة وفي نفس الوقت مختلفة . التكتل الطبقي لا يرغب أن تفشل الحكومة ويظهر عجزها لا إقليميا ولا دوليا ولا وطنيا ولكن أيضا لن يسمح لها أن تتبوأ مصالح طبقية من خلال الحكومة . الحكومة بزعامة العدالة والتنمية تعرف الفاتورة التي ستقدمها اقليميا إذا نشبت الحرب مع إيران وتعرف ما ستقدمه في محاربة الارهاب ولكن هي تطمح أن تكون قوية عندما تنشب الحرب ولهذا فضلت أن تكون داعية إلى تجميع كل قوى السلفية بما فيهم من كان داعيا ومحرضا على التكفير وكل أشكال التحريض . هي تعرف أن الشعب المغربي لن ينحاز بالسهولة التي يعتقدها البعض ليكون في صف تدمير إيران . وإذا طالت الحرب سينقلب كل شئ في المنطقة . وإذا ما نجحت الامبريالية في الحرب فإن العدالة والتنمية يعرف أنه ضامن للبقاء في الحكومة لمدة طويلة جدا غير مرئية. ولكن هو أيضا لا يريد فقط تدبير السلطة إنه يمثل شرائح من الطبقات الوسطى ويريد أن يستفيد قبل أي تقديم لثمن الفاتورات .ويعرف أن فشل أمريكا هو فشل لكل مشروع التوجه الاسلامي ولهذا فإن احتمالات المستقبل القريب على كف عفريت انعقد المؤتمر السابع للحزب وناقش عدة مواضيع أساسية وأخذ بعين الاعتبار جوانب من النقص الذي يعاني منه وأخذ العبرة من عدم القدرة على أن لا يحسم الحراك الشعبي المعركة لصالح القوى الشعبية بشكل كبير . أهم ما خرج به المؤتمر على مستوى الأهداف: الدولة الوطنية الديمقراطية ووضح سماتها وعناصرها . طبعا الدولة لها شكل ومضمون ولهذا ، في المضمون يصر الحزب على أن تكون الديمقراطية الحقيقية عنوان لهذا المضمون وأن يكون الشعب هو مصدر السلطة وأن تكون الدولة دولة حقوق الانسان في كل أبعادها . على مستوى الشكل أن يكون شكل الدولة ملكية برلمانية بتصور ما بلغته الشعوب مؤخرا إن لم يكن أحسن . من أجل تحقيق هذا الهدف يجب العمل على إحداث تغيير في ميزان القوى أي تكوين جبهة وطنية واسعة تضم إلى جانب الأحزاب اليسارية والديمقراطية النقابات المركزية المناضلة والجمعيات الوطنية الديمقراطية الحقوقية والنسائية والاجتماعية وكذلك المنظمات الشبيبية . إن الوضع الجديد في المغرب والمتسم بإضافة حليف جديد إلى التكتل الطبقي السائد يحتم على جميع الديمقراطيين واليساريين والحداثيين وحتى جزء من القوى اللبيرالية أن تشكل قطبا قويا من أجل الديمقراطية ومن أجل العدالة الاجتماعية .. إن الجبهة الوطنية الواسعة أمام واقع الحال في الصراع هي الآلية الوحيدة القادرة على أن تحدث تغيرا في ميزان القوى . الشئ الثاني هو العمل على أن ترى الجبهة اليسارية العربية النور بسرعة قبل بداية العد العكسي لمخطط الامبريالية القادم لأن استراتيجية قوى الرأسمالية وحلفاءها تمتد بقوة إلى صراعنا الداخلي وتؤثر فيه سلبا ثالثا تكوين جبهة يسارية عالميا تبدأ أولا بحوض البحر الأبيض المتوسط وأوروبا لتنتشر وتصبح جبهة عالمية ضد الامبريالية لنقل الصراع إلى عقر دارها كما كان عليه اليسار في الستينات والسبعينات . بالنسبة للجبهة الوطنية الديمقراطية أكد المؤتمر على أن الحزب سيعمل على أساس الوصول إلى برنامج حد أدنى لهذه الجبهة يأخذ بعين الاعتبار مختلف التوجهات وليس له إلا طموح واحد هو أن يلتف الجميع على هدف الديمقراطية وعلى المطالب المستعجلة المطروحة في الشارع والتي يحملها الشباب. إن برنامجا في حده الأدنى هو الذي سيعطي نفسا قويا للحراك السياسي والاجتماعي للشباب . لقد انخرطنا في التحالف الديمقراطي منذ مدة وخضنا معارك كثيرة انخرطنا بقوة في الحراك الشعبي وفق تصور موحد ، التحالف له برنامج وله أهداف محددة ونفس الأمر وحسب وثائقه ليس منغلقا وليس تحالفا يقصي، إن التحالف يسعى إلى تراص قوي لكل القوى المناضلة من أجل الديمقراطية ولهذا فهو مع التجميع نحو أهداف محددة وملموسة تستجيب لمطالب الطبقات الشعبية حسب الأولويات.