انطلق تقويم المستلزمات الدراسية كمشروع لإرساء نظام للتقويم التشخيصي المنتظم للتعلمات في اطار مشاريع البرنامج الاستعجالي E1P11 ، وهي عملية تسعى الى تشخيص تحصيل التلاميذ ( ات ) في بداية السنة الدراسية، بالنظر الى الأهداف والكفايات المحددة في المناهج الدراسية المقررة في السنوات الدراسية السابقة ، و التي تتأسس عليها التعلمات في المستويات الدراسية الحالية ، و قد تم تدشين هذا المشروع الدخول المدرسي 2009بالمذكرة رقم 128 في بعض المواد والمستويات دون غيرها ، وفي السنوات الأخيرة اصبحت عملية تقويم المستلزمات متضمنة في المقرر الوزاري الذي يصدر كل سنة قصد تنظيم أهم محطات السنة الدراسة ، والذي ليس موضوع نقاشنا لما يطرحه من اكراهات في تقويض عمل الادارة (تكيف مشاريع المؤسسة وفقه) والمدرسين على حد سواء. سنحاول في هذه السطور تناول بعض المشاكل التي تعترض مثل هكذا مشاريع مهمة تجريها الدول المتقدمة في ميدان التربية لتقييم منظومتها التربوية بشكل عام ، ولتمكين المتدخلين (مدرسين ، المؤسسة ، المفتشين، الآباء ) من تكوين صورة دقيقة عن حالة التحصيل الدراسي لدى المتعلمين في بداية كل سنة ، بهدف معرفة مواطن الضعف والقوة لدى المتعلمين، للتخطيط والتدبير الناجع لعملية الدعم و المعالجة. عند مباشرة المؤسسة بداية كل موسم دراسي فتح ابوابها في وجه مرتاديها، يؤكد مقرر الوزير على تخصيص فترة محددة (من 05 الى 28 شتنبر) لعملية تقويم المستلزمات ، في جميع المستويات والمواد، بعد أن كانت تخص مستويات ومواد بعينها ، وبالنظر الى أهمية هذا الورش أو المشروع نرى ان العمليات المصاحبة للتنزيل تبقى محدودة ، ما يفرز وضعا شاذا، ويفرغ العملية من محتوها، بل يجعلها عبء إضافيا دون هدف يذكر. فمشروع بحجم تقويم المستلزمات كان عليه أن يحظى بمقومات المشروع من الإعداد الى التنزيل ( الى الأقسام) .بالنظر الى المجهود الذي قامت به فرق الإعداد، في احترام منهجية بناء عدة التقويم ( الإطار المرجعي ، الرائز ، كتيب الترميز ، شبكة الاستثمار ، وعدة التقويم التكويني من جهة ، ودليل المدرس والمتمدرس وفرق التمرير من جهة أخرى). بقي المشروع دون فعل او أثر في الميدان لا سيما وأن العمل بالمشروع يقتضي المقاربة بالنتائج . إن تكريس تقويم المستلزمات الدراسية يعد تصورا علميا ومنهجيا في توحيد قاعدة الانطلاق لدى المتعلمين في مستوى دراسي معين ، لكنه سيبقى محدود الفاعلية اذا ما استمر بالشكل الحالي وستصاحبه المشاكل التي صاحبت الاختلالات الأخرى ليصبح مرضا مستعصيا ( هذا الموسم خسرت بعض المؤسسات انطلاق الدخول المدرسي الذي تم التغلب عليه في السنتين الأخيرتين)، ومعيقا لتطوير جودة التعلمات ويمكننا ان نورد في ما يلي بعض الصعوبات التقنية والبيداغوجية التي ترافق هذا المشروع ، ملتمسين في النهاية بعض الحلول : الصعوبات التقنية: عدم التنسيق مع هيئة التأطير رغم توجيه المذكرة لهم كذلك، ما أفرز الغياب التام لهذه الفئة أثناء هذه العملية ، بل في كثير من الحالات عدم الاطلاع على هذا المشروع بشكل نهائي. تناسب عملية تمرير هذا الورش مع الدخول المدرسي ومخلفاته: – عمليات التسجيل واعادة التسجل ( في ضل تطور منظومة الإعلام لم يعد بالضرورة هدر الزمن في هذه العملية كل سنة ). – توزيع الموارد البشرية وعمليات اعادة الانتشار التي تستمر الى نهاية شتنبر في أفضل الحالات. – تغيير البنيات التربوية للمؤسسات ونقل التلاميذ والمدرسين، والتي تكون في أغلب الحالات ليست ذات أهمية، مما يطرح التساؤل حول موضوع التخطيط والخريطة المدرسية. غياب حملات التحسيس في صفوف المدرسين، مما يخلق الضبابية لديهم في قراءة منطوق المذكرة ( فهناك من يرى فيها عملية ترويض وفترة لانتظار التحاق بقية التلاميذ لمباشرة دروس المقرر الدراسي، وطرف اخر يراه مضيعة للجهد والوقت ). غياب معظم المتمدرسين يعيق العملية في شموليتها ، واجتياز الحاضرين لها دون غيرهم يحول دون تفيء التلاميذ ومنه التخطيط للدعم المناسب لحاجات المتمدرسين . الصعوبات التربوية: لقد ظهر هذا النوع من الصعوبات بشكل جلي بعد تعميم عملية تقويم المستلزمات، على جميع المستويات وفي جميع المواد، وجذير بالذكر أن الوزارة الوصية عند انطلاق هذا المشروع، قامت بتوفير العدة كاملة للمستويات والمواد المعنية ، الا ان هذه العملية لم تستمر مع الانفتاح الذي عرفته العملية ، مما ادى الى ضهور بعض الارتباك لدى المدرسين والناتج عن قصور في التكوين المستمر فبناء عدة للتقويم ليست مهمة سهلة و تغيب عن معظم المشرفين التربويين وبالأحرى المدرسين والذين يتبين من خلال الأسئلة التي يطرحون حول العملية او الآراء التي يتم تقاسمها عبر الشبكة العنكبوتية ، عدم المامهم بالغايات المتوخاة من هده العملية والعمليات التقنية المصاحبة ، و الاطلاع على فحوى المذكرة، استغلال كتيب الترميز وجداول التخصيص والاطار المرجعي ، نذكر على سبيل المثال : غياب الية تتبع تقويم المستلزمات على مستوى المؤسسات، هذا ان كانت تتم بالشكل المطلوب، بحيث تتوقف العملية في حدود الفصل الدراسي دون استثمار نتائجه على مستوى المؤسسة والمديرية، الاباء، المفتشين، كما تشير الى ذلك الوثائق المنظمة غياب عدة تم اعدادها بطريقة منهجية في باقي المستويات والمواد على شاكلة العدة التي تم انتاجها سابقا من طرف الوزارة، يجعل العشوائية سيدة الموقف بحيث يتم الاعتماد، على مجهودات شخصية للأساتذة لم تخضع فيه اسئلة الرائز لا الى جدول التخصيص، ولا المجالات المضامينية ولا الى نسبة الاهمية، ما ينزع عنها صفة المصداقية، وقياس درجة التحكم في كفاية معينة. يتبين من خلال النماذج المستعملة في الرائز أنها لا تخضع الى اي مرجع، فرؤية الأستاذ تظهر من خلال تركيز نموذج الرائز على متطلبات السنة المقبلة، ومن المعلوم ان اصعب العمليات التربوية تكمن في عملية التقويم ( عادة ما يحكم المدرس بصعوبة الفهم لدى التلميذ وعند اطلاعه على نموذج للتقويم يصدر الحكم بسهولة النموذج ) ، مما يغيب الرؤية الموحدة. وتتحمل الوزارة القسط الأكبر من المسؤولية لا سيما وان هناك من المناطق التربوية من لا تتوفر على مشرف تربوي للمادة ، وهذا يؤثر سلبا على المدرسين أنفسهم . عدم اطلاع مجموعة من المدرسين على العدة السابقة وعلى كيفية تقويم المستلزمات، وغياب الاهتمام بهذه المحطة بالشكل اللازم، كلها عوامل تساهم في اعتبارها مرحلة انتظار اكتمال النصاب لانطلاق عملية التدريس. غياب التكوينات المستمرة عموما و في مجال التقويم خصوصا تجعل المدرس بعيدا عن التحكم في منهجية التقويم وبناء عدته وكيفية التفريغ وتفيء المتعلمين ، بل في كثير من الحالات يتم الاستغناء عن شبكة التفريغ لغياب فهم استعمالها. إذا كان الهدف من تقويم المستلزمات هو تخطيط الية الدعم ومعالجة الصعوبات، فنظرا للاختلالات السابقة، يحضر كل مدرس حسب تصوره خطة للدعم شاملة دون مراعاة الفروق الفردية او الجماعية، هذا دون الحديث عن تحديد نوع الصعوبة والعائق المرتبطة به. فقد يكون ذلك اضغاث احلام بالنسبة لهذا الرهان. تطرح عدة هذه المحطة مشكل كبير بالنسبة للمؤسسة، والمدرس عائقا امام انجازها ، فالدولة اذا كانت لا تلتمس الإحسان العمومي، كان من الواجب عليها توفير كل ما يلزم لإنجاز هذه العملية من الات الطباعة والنسخ دون انتظار اجرة المدرس البسيطة المثقلة اصلا بالديون. يحصر عدد كبير من المدرسين عملية التقويم التشخيصي هذه في الرائز، حيث لا يعلم عدد كبير منهم انها ترفق بعدة للتقويم التكويني والمتكونة من نماذج لاختبارات التحقق (اختبار المجال واختبار الأخطاء المنتظمة واختبار التحكم) ونموذج لسلاليم التقدير ذلك مع توفير التغذية الراجعة المناسبة. يجمع أغلب الأساتذة ان تقويم المستلزمات بالصيغة والشروط الحالية، لا تعدو ان تكون عمل اضافي، وفي حالة انجازها وعدم توفر اليات المواكبة والدعم المؤسساتي والخارجي تبقى غير ذات اهمية، ولا مردودية على ذوي الصعوبات خصوصا المستفحلة والمرتبطة بمسار دراسي، "يسأل أحد اساتذة اللغة العربية اي تقويم لتلميذ في الجدع المشترك آداب لا يستطيع التعبير بجملة مفيدة كتابة" ويسأل اخر لمادة الفيزياء " كيف يمكن مباشرة المادة مع تلميذ لا يتقن تقنيات الحساب البسيطة"….. توصيات ومقترحات قد لا تستقيم عملية النقد هذه الا بتقديم وجهات النظر والحلول التي يجب أن تنطلق من الحلقة المرتبطة بالمتعلمين الى مراكز القرار، وقد كان بعضها من طرف الممارسين في الميدان ، كالية لتجاوز حالة الشذوذ في هذا المشروع والذي بإمكانه ان يسهل عملية تنزيل بقية المشاريع المرتبطة بالتقويم و الامتحانات التي ينص عليها القانون الإطار في مادتيه ( 51 و 53) نذكر على سبيل المثال لا الحصر: توفير عدة التقويم من طرف الوزارة الخاصة بكل مستوى وكل مادة والتي تخضع لمعايير اعداد عدة التقويم بشكل علمي تحترم شروط ومنهجية العمل ، والاسترشاد بالتقويمات الدولية والوطنية ، اذ لا تعتبر هذه العملية من اختصاص المدرسين ،بالإضافة الى شروط والاليات واللوجستيك لعملية تمرير هذا الورش. تكوين الأساتذة والمشرفين التربويين في جانب التقويم واطلاعهم على المستجدات الخاصة بهذا المجال لا سيما منهجية اعداد عدة التقويم وطريقة التمرير قصد توحيد الرؤية والكشف بشكل فعلي عن مواطن الضعف ومواطن القوة ، بهدف تحديد العوائق لتجاوز التعثرات ، والتعزيز الإيجابي لمواطن القوة. التخلص من عملية التسجيل الموسمية والاستعاضة عنها بالتسجيل في بداية كل سلك والتسجيل الإلكتروني ، و الاقتصار على معالجة طلبات المغادرة فقط دون الحاجة الى ارهاق المؤسسات كل سنة بعمليات أقرب الى الهدر المدرسي منه الى التسجيل التقني. التعبئة الكافية لهذه المحطة ولما لا جعلها من الناحية التقنية مماثلة للامتحانات الاشهادية بتحديد جدولة زمنة محددة (فترة التمرير وفترة التصحيح بشكل جماعي، ملأ الشبكة ، وبرمجة الدعم ) لتفادي هدر الزمن المدرسي في الانتظار والزحف على زمن التعلمات. العمل بشكل أفقي على الصعوبات في الكفايات المستعرضة ، مثلا في حالة صعوبة التعبير لدى بعض التلاميذ في اللغة العربية فهي مهارة تتقاطع ومادة الفلسفة، التاريخ، التربية الإسلامية ….او المهارات الرياضيات في الفيزياء، بحيث تتم معالجتها بشكل نسقي. جعل العملية دورية عند مدخل كل اسدس و يخصص اسبوع كامل لهذه العملية. تتبع عمليات الدعم والمعالجة على طول الموسم الدراسي، وتوفير الموارد البشرية اللازمة للقيام بالدعم المؤسساتي ، بالإضافة الى ربط الاتصال بالأسر لإحالة المتعثرين على الدعم الخارجي، ولما لا عقد الشركات مع جمعيات المجتمع المدني ذات تخصص في المجال، شريطة عملها على ملفات التلاميذ والصعوبات المشخصة بواسطة عملية التقويم. تنظيم المشرفين التربويين داخل كل منطقة تربوية بالنسبة للابتدائي، و على مستوى المديرية بالنسبة للثانوي التأهيلي، ليوم دراسي يتم خلاله تقاسم المعطيات، وذلك ليس لتشخيص المكتسبات وحسب، بل لبلورة رؤية ومشروع يستجيب لحاجيات الإقليم، قصد الرفع من جودة التعلمات ومردودية المؤسسات التعليمية بالإقليم. تنظيم القائمين على الشأن التربوي بالإقليم والجهة لأيام دراسية، بناء على قاعدة معطيات متوفرة، تمكن من تتبع مختلف الفاعلين للمعطيات التربوية بالإقليم او الجهة، وتحديد مواطن الضعف لعلاجها، ومواطن القوة لتعزيزها. توفير عدة للتكوين المستمر لفائدة الفاعلين استجابة لحاجياتهم المختلفة في التخطيط، التدبير، والتقويم، والاسترشاد بالتجارب والنماذج الدولية ( TIMSS, PESA, PIRLS ) والوطنية ( البرنامج الوطني لتقويم المكتسبات PNEA ) بناءا على تقويم المستلزمات. خاتمة لم يكن الهدف من هذه القراءة هو النقد من أجل النقد، لكن قصد تطوير هذا المشروع بما يتناسب وحجمه، والوقوف على المناهج والمكتسبات التلاميذ في كل مادة ومستوى. خصوصا ان التقويم النهائي للمستوى، لا يعكس تحكم المتعلمين في جميع المواد وبنفس الميزة ، فحصول متعلم في مستوى الثالثة اعدادية على معدل 20/12 لا تعني بالضرورة التحكم في مادة الرياضيات التي حصل فيها على 20/07 ، مما يفترض التدخل في هذه المادة لتذليل الصعوبات في هذا الجانب، و تعتبر تقويم المستلزمات احدى هذه الخطوات الرامية لذلك.