ومما لاشك فيه أن التطورات العميقة التي شهدتها الدول المغاربية و دول شرق أوسطية وتأثيراتها على المغرب، أتاحت ظروف مواتية لبروز حركة الفبرايريون من طرف شباب مغاربة أطلقوا دعوات الإحتجاج و التظاهر ضد الفساد و الإستبداد، انطلاقا من أرضية تأسيسية تضم مطالب متعددة، هاته المطالب، اتفقت عليها القوى سياسية بتعدد أيديولوجيتها و خططها السياسية و تكتيكتها، سقفها السياسي هو الإنتقال من ملكية تنفيذية إلى ملكية برلمانية حيث الملك يسود و لا يحكم وتكون السلطة و السيادة للشعب، وقد استطاعت هاته القوى أن تغرس مطالبها ضمن أولويات حركة 20 فبراير، حيث تبرز وجود مطالب التشغيل التي تخص مجموعات المعطلين ومطالب المعتقلين السياسيين أخص بالذكر ملف معتقلين ما يسمى بخلية بلعرج للسلفية الجهادية ومطالب قوى أخرى، وبدورها الحركة الثقافية الأمازيغية استطعت تصريف أحد أبرز أدبياتها النضالية ألا و هي قضية اللغة و الهوية ضمن مطالب و مطامح حركة 20 فبراير وهذا يعتبر في حد ذاته نجاح باهر للحركة، خصوصا إذا ما استحضرنا أن التيارات السياسية المتواجدة على أرض المغرب المتمثلة أساسا على التيار السلفي و التيار اليسار الاشتراكي لا تهتم بالعنصر اللغوي و الثقافي الأمازيغي وهي التي تشكل المادة الخام للحركة الفبرايريون (أنظر تشكيلات مجالس دعم حركة 20 فبراير)، مما يجعلنا نؤمن بدور الحركة الثقافة الأمازيغية في إخراج الهوية الأمازيغية من الإقبار و الإهمال و النسيان و تراكم الوعي الهوياتي و تنامي النضال و التعبئة من أجل الأمازيغية، حيث أضحت بكل تلويناتها و مكوناتها قادرة على إفراز آليات و مكنزمات تمكنها عن الإجابة عن كل مرحلة-مرحلة، ومن سماتها ظاهرة التكاثر و التجديد حيث تناسلت منها عدة إطارات جمعوية محلية و جهوية وطنية و دولية ، أنظر أحد إطارتها الدولية التجمع العالمي الأمازيغي التي وكلت له مهمة خلق منبر استراتيجي لتعريف بمطالب الحركة على مستوى الدولي لجميع البلدان الأمازيغية المنضوية تحت الرقعة الجغرافية لشمال إفريقيا ثم كذلك على نفس الهم السياسي برز الإتحاد شعوب شمال تامزغا، ومما يؤكد ديناميتها و حيويتها حصولها على مكتسب عميق داخل أسمى قانون يمثل الأمة ألا و هو الدستور، و ذلك من خلال التنصيص على دسترة اللغة الأمازيغية و ذلك تعلن عن سحق أهم معاقل الحيف و الحضر القانوني و تشيد جسر حديدي نحو إدماجها في مختلف القطاعات العمومية، و كذلك بوادر الحسنة لبعض وزراء العدالة و التنمية، أخص بالذكر وزير الخارجية و التعاون سعد الدين العثماني الذي تشبث بذكر الإتحاد المغاربي بدل الإتحاد المغرب العربي لما له من حمولة عنصرية مصرحة و مضمرة، وكذلك مبادرة لحسن الداودي وزير التعليم العالي و البحث العلمي من أجل ترجمة الأمازيغية للأسماء الجامعات المغربية، مع استحضار استجابة مصطفى الخلفي الفورية وزير الإتصال و الناطق باسم الحكومة لبعض مطالب مجلس الإداري للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية عقب زيارته له، و مع ذلك يجب الحيطة و الحذر للطبيعة القوانين التنظيمية المستقبلية التي سوف توضح كيفية هيكلتها و الحيز الزمني المطلوب لأجرئتها. ومع ذلك لا يمكن إنكار الصعوبات و المعوقات التي تصارعها منذ نشأتها، وفي تقديري على الحركة الثقافية الأمازيغية أن تكون على شاكلة كاسحة الألغام لتبطيل مفعول الألغام الكثيرة المزروعة بدقة بجسدها و التي ورثتها من طبيعة تركيبة المجتمع المغربي، و أن تكتسب عمل راجمة الصواريخ، لتفجير الغارات المتعددة و إبعاد الآتية من مختلف بطريات الصواريخ، و سأحاول في مرحلة أولى إلقاء نظرة خاطفة و موجزة عن الألغام المتعددة التي تشكل قيود التي تهدف إلى إجهاض طموحات الجبارة من أجل كبح ممارسة الشعب الأمازيغي لحقوقه اللغوية و الثقافية ممارسة كاملة و شاملة، و هكذا يمكن لأي مهتم أن يحصي الألغام التالية: لغم 1: وجود خليط من الجمعيات المتعددة المشارب و غير المتجانسة التي تعبث بمشاعر الأمازيغيين و تنصب نفسها كمعبر سياسي لانتظارات الأمازيغيين، سيما أنها لا تتوفر على أدبيات سياسية و تنظيمية تحدد مطالبها و عمقها النضالي و خطها الكفاحي، مع ذكر جمعيات مثيرة للجذل غيابها أحسن من وجودها مثل الجمعية الصداقة اليهودية- الأمازيغية ونماذج أخرى لا داعي لذكرها مدام لا تختلف على ما ذكرته لا في الشكل ولا في المضمون. لغم 2: وجود عناصر الذين أسمهم بمناضلين إلكترونات حيث هم يدرون في فلك السلطة و يأتمرون بأوامرها وينتاهون بنواهيها، همهم الوحيد هو تغليب المطالب الشخصية على المطالب الجماهير و هم دائما يبحثون عن المال و الثروة و الشغل لذويهم و ترقية مواقعهم الاجتماعية. لغم 3: وجود العديد من الزعامات التي تود الحفاظ على مواقعها القيادية ولو على حساب المطالب الأمازيغية و مكتسبتها و بالتالي تنتصر للمزيد من التشرذم و التفكيك و الانقسام. لغم 4: وجود خلاف ثلاثي عميق بالإضافة إلى المنطلقات الأرضية النضالية غير الواقعية المتجلية في أصحاب المعطى الوطني، يعبرون في أدبياتهم على كون كل المغاربة هم أمزيغ و يتجاهلون العناصر غير الأمازيغية الوافدة خاصة العنصر العربي و الإفريقي و الأوروبي و المتوسطي و العبري، في حين أصحاب المعطى الجهوي المعروف بشعار الأرض و الإنسان كنقطة في النضال السياسي حسب رأيهم يعتمد أساسا على الرجوع إلى الحياة القبلية و إحياء أعرافها و تفعيلها في تدبير الحياة اليومية للساكنة و هذا الموقف ضرب من الخيال و المثالية، على اعتبار أن القبيلة لم تعد قائمة نظرا لتحولات الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية ، وفي الأخير المعطى القومي المعروف ببلاد تامزغا و الذين ينطلقون من وجود شعب أمزيغي واحد في تمازغا الممتد من المحيط الأطلسي إلى واحة سيوا بمصر ومن البحر الأبيض المتوسط إلى بوركينافاسو –مالي- تشاد- سينغال، في عمق أفريقيا الغربيةجنوب الصحراء و هذا الموقف يتجاهل الواقع السياسي الراهن الذي يوزع المجال الأمازيغي إلى عشرة دول على الأقل أغلبها تتميز بكون الناطقين بالأمازيغية هم أقلية مبعثرة و مهمشة. و في مرحلة الثانية سأوضح الصواريخ العديدة التي تشن على الحركة الثقافية الأمازيغية حيث أضحى اكتساب عمل راجمة الصواريخ ضرورة حتمية و ذلك لمحاصرة و إبعاد الصواريخ من اختراق أجوائها لتفادي تفجير قواعدها و أسسها الدفاعية، حيث لا يمكن أن يجادل أحد ما تعانيه الحركة الثقافية الأمازيغية من هاته الصواريخ المحلية الصنع و المستوردة، وفي ما يلي أبرز هاته الصواريخ. صاروخ 1: خارجات بعض الوعاظ المنابر الدينية و الأئمة المساجد الذين يعملون على إلصاق و اتهام المناضلين و الأمازيغية بدون وجه حق وربطها بالصهيونية و الوثنية و الإلحاد. صاروخ 2: تصريحات بعض المسؤولين رفيع المستوى بطرح مسألة الحرف و طريقة الكتابة التي تم الحسم فيها و مالها من خطورة إذكاء خلاف وفتنة داخلية. صاروخ 3: السنفونية المملة التي عهدنا سمعها من قبل التيار السلفي الراديكالي و التيار اليسار الاشتراكي بإفراز نعوتات موجهة إلى الأمازيغية و قضيتهم حيث يعتبر التيار السلفي أن الأمازيغية كفار لا دين لهم ونعتهم من قبل التيار اليسار الاشتراكي بكل أطيافه بشوفنيين، و التي تنم عن شعور و إحساس هذه التيارات بالمد النضالي الأمازيغي و محاولة إلجامه و تعبئة الجماهير بعدم الانضمام إليها و عدم النضال من أجل الأمازيغية. صاروخ 4: حركة العروبية المعادية للأمازيغ و قضيتهم و المتآمرة على الأمازيغية فمنذ نشأتها كان شعار أدبياتها موجها ضد الفرانكفونية إلا في أمر الواقع فهذا الشعار صوري و شكلي ليس إلا، في حين نجدها تصوب ضاربتها على نشطاء الحركة الثقافية الأمازيغية وإذكاء إبعاد الأمازيغية من الحياة العامة و تعبئة بعدم الاهتمام بها، و تعمل على التوظيف الأيديولوجي لظهير الذي تسمية عن قصد و وعي الظهير البربري. هذه المساهمة تحاول تسليط الضوء على احد مكونات المجتمع المغربي و أحد أبرز حركاته التي تنتمي إلى جبهة الرفض ألا و هي الحركة الثقافية الأمازيغية، وذلك لدفع بالنضال السياسي السلمي الأمازيغي للمزيد من التخطي الصعوبات و المعوقات سيما أنها لازلت تتخبط في الجمود السياسي و الأيديولوجي، حيث اقتصرت على النضال على مسودة سوغت في ميثاق أكادير الذي شكل يومئذ، حسب ما ذهب إليه مهندسوه الحد الأدنى لانطلاقة سياسية قوية للحركة. باحث و فاعل جمعوي هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.