” السجينة” رواية مثيرة للغاية سيرة ذاتية وواقعية تحكي حياة مليكة أوفقير وعائلتها بعد كانت بداية حياتها مترفة في القصور الملكية لينتهي المطاف بها سجينة مع عائلتها . من تأليف مليكة أوفقير إلى جانب ميشيل فيوتسي وهي روائية فرنسية ذات أصول تونسية تقاربها في العمر. ترجمت الرواية من طرف غادة موسى الحسيني. من الصعب أن تترعرع بين حياة الترف والأمراء وتجد نفسك بين عيشة وضحاها في القعر وبين الأقبية… في رواية ” السجينة ” تحكي الابنة الكبرى مليكة أوفقير عن الزوايا المظلمة للسجن وعن مفرادتها المنتقاة وتجربتها الحميمية وراء القضبان بتفاصيل مؤلمة عاشتها الشابة المقبلة على الحياة في أقبية مسلوبة كامل الحرية في عمر الزهور. في “السجينة” تروى مليكة أوفقير، ابنة الجنرال الذي قاد محاولة انقلابية فاشلة ضد الحسن الثاني في غشت 1972، حيث أُعدمَ والدها بخمسة رصاصات اخترقت جسده، وتم سجن عائلته : فاطمة الشنا زوجته وأطفالها الستة (منهم مليكة) في سجون بالصحراء لمدة خمسة عشر عاماً ! ليقضوا بعدها خمسة أعوام في الإقامة الجبرية في مراكش، حتى حصلوا على إذن الحرية عام1991 ومغادرة المغرب في اتجاه فرنسا. في الكتاب تحكي مليكة أوفقير عن طفولتها حتى بلغت الخامسة من العمر و تبناها محمد الخامس وترعرعت مع ابنته الأميرة أمينة وعاشتا كالأختين جنبا إلى جنب . وبعد موت السلطان محمد الخامس تبناها الحسن الثاني وأكمل تربية الطفلتين . حينما بلغت مليكة السادسة عشر عام 1969 خرجت من القصر لتعيش مرة أخرى عند عائلتها . تحكي عن عملية الانقلاب الثانية التي قادها والدها أوفقير بمحاولة اغتيال الحسن الثاني وفشل العملية الانقلابية . فقتل على أثرها وسجنت عائلته. تضع مليكة أوفقير ابنة الجنرال أوفقير نفسها في خانة من أنها لم تكن سوى ضحية ولم تقترف أي ذنب وأنها كانت ضحية وقائع سياسية رمت بها رفقة عائلتها إلى السجن تقول “كيف لأبي أن يحاول قتل من رباني وكيف للأخير الذي طالما كان لي أبًا آخر أن يتحول إلى شخص أخر” ! تضيف ” كل شئ يمضي ويمر، إلا ان يكون عدوك هو جزء منك تلك هي المصيبة والهزيمة”.. “عاجلا أم أجلا .. سيتلاشى خوفي وسأرد الصاع صاعين. على الأقل هذا ما أتمناه ، لا أحد يستطبع العيش مع الخوف، ولاحتى أولئك الذين عذبهم الخوف طوال صباهم”. الحرية ليس منحة ولكنها مقاومة للحصول عليها ومطلب انساني لا محيد عنه..في الرواية نكتشف في رواية ” السجينة”.. اسم يشبه مسار مليكة أوفقير في مساراتها المتعددة… رواية تكشف المضمر والمستور والمعنى أن يبحث الانسان عن انسانيته. تحكي في الرواية عن مسار والدها محمد أفقير وتجاربه وأن مساره كان صعبا بعد تجارب صعبة في مشواره العسكري حتى أصبح الرجل رقم اثنان في هرم السلطة.. ولكن تحكي الكاتبة عما تعلمته من شجاعة وطموح وجرأة في القصر ساعدها على تخطي الصعاب فيما بعد. تأتي نقطة التحول بعد المحاولة الانقلابية الثانية..أعدم الرجل القوي في النظام.. وصدرت الأوامر بعد أربعة أشهر كما تروي الكاتبة على القضاء على العائلة المكونة من ثمانية أفراد تقول ” ما ذنب أخي عبداللطيف الذي لم يتجاوز السنتين ؟”. هنا تبدأ المحنة ومسارات المحن التي لا تنتهي.