قال الأكاديمي ادريس الكنبوري إن لغات التدريس نوقشت لمدة طويلة في المغرب، وكانت العديد من الأجيال موضوع تجربة لما يسمى بإصلاح التعليم الذي لم يتحقق لحد الساعة. وأضاف الكنبوري في الندوة التي نظمها المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، مساء اليوم الجمعة، حول ” لغة التدريس في القانون الإطار: الخلفيات، الاختيارات والمآلات”، أن مسألة التعريب تعود لفترة بداية الاستقلال، بمعنى أنه كان جزء من الاستقلال السياسي عن الاستعمار الفرنسي. وأوضح الكنبوري أن التعريب كان محط إجماع آنذاك لأنه كان مشروعا مجتمعيا دفعت به الحركة الوطنية لفك الارتباط مع الاستعمار الفرنسي، وفي تلك الفترة كان من المعيب الحديث عن الفرونكوفونية أو الدفاع عن الفرنسية رغم أن ثلث أرباع النخبة المغربية آنذاك كانت مفرنسة. وأشار الكنبوري أنه منذ الاستقلال إلي اليوم أجريت عدة محاولات لإصلاح التعليم ورغم ذلك لازلنا نناقش الآن مسألة لغات التدريس، بشكل يعيدنا إلى سنة 1956 وكأننا خرجنا للتو من الاستعمار الفرنسي، وكأننا نعود إلى الوراء ولا نتقدم. وأبرز الكنبوري أن المغرب كان من أوائل الدول العربية التي تبنت التعريب، وكان مقر مكتب تنسيق التعريب التابع للجامعة العربية في المغرب، وكل من تداولوا على رئاسته مغاربة، فلماذا يراد بنا الآن أن نعود إلى الخلف؟. وأكد نفس المتحدث أن فشل التعليم لا يعني فشل التعريب، لأن المشكل ليست في العربية بل في المناهج والمقررات، وإفراغ التعليم من محتواه الوطني الحضاري والنتيجة أننا أمام مأساة وطنية، لأن التعليم أصبح مرتبطا فقط بالعمل وسوق الشغل، ندرس كي نشتغل بعيدا عن أي محتوى حضاري. وشدد الكنبوري على أن أزمة لغات التدريس مفتعلة، هدفها هو السعي إلى الفرنسة وإحلال قيم جديدة بعيدة عن القيم المغربية. وقال الكنبوري إن ليس هناك أي دولة درست بلغة الأقلية ونجحت، وأنه ليست هناك لغة تواكب العلوم والتطور العلمي وأخرى لا، والمثال هو النموذج الاسرائيلي فبعد أن كانت العربية لغة الكتاب المقدس فقط، أصبحت الآن لغة التكلونوجيا والتقنية، بفضل البحث العلمي الذي تدعمه وتطوره إسرائيل بلغتها القومية. وأكد الكنبوري أنه لو كانت الفرنسية لغة علوم لكانت المستعمرات الفرنسية التي تجعلها لغة رسمية لها ليس في التعليم فقط بل في الحياة العامة قد تطورت. وتابع الكنبوري كلامه قائلا: ” التدريس باللغة الفرنسية جريمة بحق العربية لأن تحكم عليها بالموت، وتجعلها لغة طقوس وعبادة فقط. وختم الكنبوري مداخلته بالتأكيد أن المشكل ليس في لغات التدريس بحد ذاتها، بل في الاستقلال السياسي والأزمة التي يتخبط فيها التعليم منذ الاستقلال إلى الآن، مشيرا ” أننا نحتاج إلى حركة وطنية جديدة متنورة تدافع عن العربية و تبحث عن حلول لهكذا قضايا”.