ما تزال آمال عائلات المعتقلين السياسيين الخمسة في قضية بلعيرج ونشطاء حقوقيون معلقة بانتظار وفاء مسؤولين حكوميين بوعودهم لطي الملف "سياسيا"، وذلك بعد أن خابت آمال هؤلاء في إيجاد "مخرج" قضائي يصحح ما تعتبره عائلات المدانين ودفاعهم والجمعيات الحقوقية "انتهاكات صارخة لشروط المحاكمة العادلة". هيأة الدفاع عن المعتقلين السياسيين الخمسة (علما أن المعتقل السياسي السادس في الملف حميد نجيبي أنهى مدة اعتقاله)، كانت أعلنت قبيل بداية المرحلة الاستئنافية من المحاكمة أنها تلقت "إشارات إيجابية" من لدن محمد الطيب الناصري، أياما قليلة بعد تعيينه وزيرا للعدل، ل"تصجيج الأخطاء" التي شابت هذه المحاكمة، غير أن الأحكام الاستئنافية بددت هذه "الإشارات" إذ أكدت الأحكام الابتدائية "القاسية" في حق المعنيين بالأمر ليدخل بعضهم في إضرابات مفتوحة عن الطعام ويطلب بعضهم العفو الملكي. لكن مساعي طي هذا الملف "سياسيا" لم تتوقف، خاصة ما يتعلق منها ب"إقناع" مسؤولين في الدولة بما تعتبره مجموعة من الجمعيات الحقوقية "ظلما" وقع على المعتقلين في إطار هذا الملف. حجتها في ذلك رفض اطلاع المحامين على محاضر الضابطة القضائية، واعتماد هذه المحاضر أساسا لإصدار الأحكام في المرحلة الابتدائية رغم نفي المتهمين لما جاء فيها وإعلانهم تعرضهم للتعذيب والضغط أثناء التحقيق، ودعوة وزير الداخلية السابق شكيب بنموسى الصحافيين والرأي العام الوطني في ندوة صحافية إلى الأخذ برواية الدولة في هذا الملف دون نقاش مصدرا بذلك حكمه فيهم قبل القضاء، وحل حزب البديل الحضاري بقرار إداري من الوزير الأول دون مسطرة قضائية. محمد الساسي، الأستاذ الباحث وعضو المجلس الوطني للحزب الاشتراكي الموحد الذي كانت له اتصالات رسمية بحزبي البديل الحضاري والحركة من أجل الأمة، أورد مثالا عن مفارقات هذه المحاكمة في إحدى مقالاته الصحافية "توبعت أطوار الملف، ووصلنا إلى موقف سوريالي آخر، حين التمس الأستاذ خالد السفياني من رئيس الجلسة أن يطلب من المتهم الذي به الأوصاف التالية: «شعر رأسه أشقر (زعر) مصفف فوق الأذنين، وكثيف من الوسط، ووجه وسيم أبيض البشرة، وبوجهه نقط بنية (روبيو)»، أن يقف. استدار الجميع لتأمل وجوه المتابعين، لا أحد منهم يحمل هذه الصفات، عندها استخرج السفياني محضر الضابطة القضائية الذي يقدم فيه الشاهد الوحيد الذي عاين جريمة محاولة اغتيال أزنكوط (إحدى التهم الموجهة لأفراد الخلية) أوصاف الفاعل!". وأضاف مستغربا " كان المفروض، بعد فضيحة ما جاء في المحاضر، بخصوص «عملية ماكرو» ومحاولة قتل أزنكوط، أن يُعتبر كل البناء الذي استندت إليه رواية الضابطة القضائية منهاراً، وأن تتوقف الجلسات، وتفتح مسطرة بخصوص شكاية الدفاع بزورية المحاضر. إلا أن هيئة المحكمة رفضت بشكل منهجي كل الدفوعات، ورفضت استدعاء الشهود، بمن فيهم ذ. أحمد حرزني الذي صرح، أمام ملايين المشاهدين بالقناة الأولى للتلفزة، أن مصطفى المعتصم أشعره بأن أسلحة دخلت المغرب، وأنه أبلغ جهة رسمية بذلك". من جهته دعا خليل هاشمي إدريسي، مدير نشر يومية "أوجوردوي لو ماروك"، في أحد افتتاحياته إلى حل اغتنام فرصة الحكم بالبراءة على معتقلي العدل والإحسان بمدينة فاس مؤخرا و"العفو" عن المعتقلين السياسيين المدانين في قضية بلعيرج.