استطاع نحو 55 ألف أستاذ متعاقد أن يضغطوا على وزارة التربية الوطنية من أجل صرف أجورهم التي توقفت في بعض الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، وأن يعبئوا الحكومة من أجل مراجعة النظام الأساسي الخاص بأطر الأكاديميات في دورة استثنائية عقدت يوم الأربعاء 13 مارس الجاري على صعيد 12 أكاديمية جهوية للتربية والتكوين، فيما ظل المتعاقدون أوفياء لخطهم الاحتجاجي ومواصلة الإضراب. ورغم كل الحملات التي قالت عنها وزارة التربية الوطنية عبر الفايسبوك وبعض وسائل الاعلام ومن خلال الندوات الصحفية المركزية والجهوية، إلى جانب اللقاءات التواصلية التي عقدها المسؤولون المركزيون والجهويون والإقليميون من أجل “إحكام السيطرة على القطاع ووقف نزيف الإضراب وهدر زمن التعلم، فإن أساتذة التعاقد نجحوا طيلة ثلاثة أسابيع في رفع منسوب الثقة، بل وفي رفع مؤشر المشاركة والاستجابة للإضراب والتعاطف معه، من قبل أساتذة النظام الأساسي، والتلاميذ أيضا”.
السيناريو الأول لم تشفع التحذيرات التي وجهها رئيس الحكومة سعد الدين العثماني وأخيه الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي يوم أمس الخميس 21 مارس الجاري، خلال وبعد، انعقاد أشغال مجلس الحكومة، في عودة أساتذة التعاقد المضربين عن العمل بالأسلاك التعليمية الثلاث إلى فصول الدراسة، رغم بلاغات الأكاديميات في شأن صرف رواتبهم، من أجل إقناعهم بالعودة إلى فصول الدراسة واستدراك ما فات من زمن التعلم. وفي الوقت الذي تحدى فيه أساتذة التعاقد الوزارة الوصية عليهم، ومعها الأكاديميات المتعاقدة معهم، ليواصلوا المشاركة في مسيرة غد السبت 23 مارس الجاري بشعار معدل “الإدماج ويستمر الاحتجاج”، خاصة أنه لم يتبق على نهاية زمن التعلم وفق المقرر النظامي السنوي لتنظيم السنة الدراسية سوى 45 يوما. غير أن مراقبين من داخل قطاع التربية الوطنية أسروا لموقع “لكم”، أن مسيرة يوم غد السبت ستكون مقياسا لجس نبض أساتذة التعاقد، ومعها موقف وزارة التربية الوطنية التي قد تضطر لتقديم تنازلات جديدة، خاصة وأن كل الإجراءات التي باشروها ضد أساتذة التعاقد من قبيل تطبيق مسطرة العزل، لاقت مقاومة داخلية قوية، بسبب الاحتقان الداخلي لعدد من الفئات الذي يعيشه القطاع، مما سيضطر أساتذة التعاقد للاستمرار في هذا الخيار لأسبوع آخر يمتد إلى 15 أبريل لتزامنه مع العطلة الربيعية، حيث تتعطل الدراسة. السيناريو الثاني مراقبون، أكدوا لموقع “لكم”، أن السيناريو الثاني يتمثل في استنجاد وزارة التربية الوطنية بالأساتذة الرسميين العاملين بقطاع التربية الوطنية عبر تقديمهم ساعات عمل إضافية، مقابل تعويض مالي عن الساعات الإضافية الذي يتم ضخه في الميزانيات المعدلة الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، إضافة إلى خيار الاعتماد على الراسبين أو الذين لم يوفقوا في النجاح في مباريات التعاقد (منهم 10 إطار) عبر تعويضهم بساعات عمل مؤدى عنها، كما تفعل الوزارة، عبر الأكاديميات ومديرياتها، في التربية غير النظامية . هذا الخيار، سيصعب على مسؤولي الوزارة إقناع من سيعهد إليهم فعل ذلك، خاصة وأن مستوى أداء النفقات لدى المسؤولين الجهويين والإقليميين بطيء ومتثاقل، أمام حجم العمليات والالتزامات، ومحدودية القدرات التدبيرية، مع استحضار سوابق المديريات والأكاديميات في مثل هاته الأداءات قبل عام 2016، وما تلاها من احتجاجات الأساتذة على تعويضاتهم مساندة بفروع النقابات. السيناريو الثالث على هذا المستوى، أفاد متحدثو موقع “لكم”، أن الوزارة، عبر أكاديمياتها، يمكن أن تستأنس بالخيار الذي اعتمدته الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الداخلة وادي الذهب، عبر استعانتها بأطر من التعليم الخصوصي عبر شراكات مع المستثمرين في هذا القطاع ومع هيئات المجتمع المدني. غير أن هذا الخيار، سيكون محدودا وغير ذي جدوي، خاصة وأن الخصاص وموقع عمل أساتذة التعاقد ينتشر بشكل أوسع وأكبر في المناطق الهامشية والبوادي والأرياف، مما يجعل تطبيق هذا الخيار في الواقع شبه مستحيل أمام الاستجابة الواسعة للإضراب من قبل أساتذة التعاقد يجعله مستحيلا، بل وصعبا أثناء التنفيذ داخل المؤسسات التعليمية، وفق توضيحات المتحدث. السناريو الرابع أكد مصدر “لكم” أن فتح حوار مباشر مع أساتذة التعاقد عبر التنسيقية الوطنية الذين فرض عليهم التعاقد، والتفاوض رهين بإنقاذ ما تبقى من أسابيع خلال السنة الدراسية الجارية 2018/2019، بدل تجاوز الوضعية الحالية والاستنجاد بمصالح وزارة الداخلية، التي تبت عدم نجاعتها وجدواها، خاصة وأن نساء ورجال التعليم أبدوا ممانعة كبيرا ورفضا أوسع، بعد أن دعا الولاة والعمال عبر الأقاليم والعمالات، ممثلي نساء ورجال التعليم وهم النقابات، للحضور والتواصل في موضوع “أساتذة التعاقد”. وشدد من تحدثوا لموقع “لكم”، داخل قطاع التربية الوطنية، أن لا بديل عن الحوار لفهم ما يطلبه أساتذة التعاقد واستيعابه وتعميق التواصل بشأنه عبر حوار أفقي أفقي، لحلحلة الإضراب واستدراك ما هدر من زمن التعلم، يبقى التلاميذ وآباؤهم وأولياؤهم هم ضحايا المدرسة العمويمة، ولعل تجارب أساتذة السلم التاسع وأساتذة الإعدادي الذين سبق لهم وأن كانوا معلمين، والعرضيون، خير شاهد على التكلفة العالية الذي أدى ثمنها أجيال وأجيال، ولأكثر من 15 عاما، ورضخت الوزارة لمطالبهم، بعد ضاع ملايين الساعات من التعلمات، يروي مصدرنا في حسرة وتعسر.